صحافة إسرائيلية

تقدير إسرائيلي لمظاهرات "الحمم الملتهبة" بالعراق.. ما الحل؟

اعتبرت أن "الوسيلة الوحيدة هي ضخ ملايين الدولارات بشكل مباشر للبصرة ولسكانها لتهدئة الأزمة الاقتصادية"- جيتي

تحدثت صحيفة إسرائيلية الثلاثاء، عن تقديرها للمظاهرات الدائرة في العراق، قائلا إن "الفساد والبطالة أخرجت سكان المحافظة الأكثر ثراء بالنفط في العراق، للتظاهر ضد حكومة غير قائمة".


وأشارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير أعده محللها للشؤون العربية، تسفي برئيل، إلى الواقع الصعب الذي يجتاح العراق، والذي بمشاركة عناصر الطبيعة المختلفة (الحرارة وغيرها)، "يخلق واقعا يغلي لا يمكن التعايش معه".


وأكدت أن "الغضب المتراكم خلال السنة، ينفجر نحو الخارج كحمم ملتهبة"، لافتة إلى أنه "مع استمرار المظاهرات الصاخبة في مدينة البصرة والمدن المجاورة في المحافظة الأكثر ثراء في العراق؛ لا يبدو أن الحرارة الشديدة قد تنجح في إبقاء المتظاهرين في منازلهم".


وأوضحت "هآرتس" أن "70 بالمئة من إجمالي النفط العراقي يتم استخراجه من محافظات الجنوب، وبالأساس حول مدينة البصرة"، منوهة إلى أن "مليارات الدولارات التي تسحبها في كل سنة الشركات الدولية من حقول النفط الغنية، كان يجب أن تملأ جيوبهم وتوفر لهم خدمات حضرية من الدرجة الأولى، وأن تمكنهم من العيش، ولكن تبين للعراقيين الذين شارك الكثير منهم ضد صدام حسين، وتجندوا لحرب داعش، أن النفط ليس لهم في الحقيقة".


ورغم أن "مداخيل النفط تحصل عليها الحكومة العراقية، لكن أماكن العمل المطلوبة في شركات التنقيب الأجنبية يحتلها نحو 50 ألف عامل أجنبي في منطقة البصرة وحدها، حيث رواتبهم تصل لأكثر من 3 آلاف دولار شهريا، وهؤلاء ليسوا هم الرابحون الوحيدون من النفط العراقي"، وفق "هآرتس".

 

اقرأ أيضا: غليان عراقي ضد قوات الأمن جراء استهداف المحتجين (شاهد)


وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن "الحكومة العراقية اعتادت في السابق على الدفع لرؤساء القبائل الذين توجد آبار النفط في أراضيهم، كنوع من التعويض عن استخدام الأرض وتلزم شركات النفط بذلك، لكن رؤساء القبائل أدركوا بسرعة أنه يجدر بهم التوجه مباشرة لشركات النفط ومطالبتها بالتعويض".


وزعمت أن "الشركات التي لم تدفع تلقت التهديدات وتم إحراق سيارات عمالها من قبل من يعمل تحت إمرة رؤساء القبائل، وقتل بعضهم لنقل رسالة عندما لم تكف التهديدات"، مشيرة إلى أنه "يوجد في البصرة 4 جامعات، لكن الخريجين منها لا توجد لهم أماكن عمل، لا في شركات النفط ولا في المؤسسات الحكومية التي جمدت قبول عمال أجانب كجزء من جهود تقليص ديون الحكومة الكبيرة".


ونقلت الصحيفة عن مواطنين عراقيين قولهم: "من يريد مكان عمل عليه الانضمام للمليشيات المسلحة التي تعمل كجيش خاص لأحزاب سياسية دينية أو الانضمام كعضو إلى أحد هذه الأحزاب".


أكدت أن "العراق يوجد على رأس قائمة الدول الفاسدة في العالم"، مبينة أنه "كان يمكن للعراق أن يوفر احتياجاته واحتياجات دول أخرى لولا ذهاب مليارات الدولارات لجيوب خاصة".


ودللت على ذلك بالقول إن "الحكومات العراقية استثمرت نحو 40 مليار دولار لإعادة تأهيل شبكة الكهرباء والماء منذ 2004، لكن هذا استثمار على الورق فقط، ومن يريد الماء عليه أن يشتريه".

 

اقرأ أيضا: تظاهرات العراق.. غضب شعبي أم تصفية حسابات سياسية؟


ونوهت الصحيفة إلى أن "الكتلة التي فازت بأغلبية الأصوات يترأسها زعيم التيار الصدري الشيعي مقتدى الصدر، الذي أشعل بداية هذا العام مظاهرات كبيرة أمام المكاتب الحكومية، وترأس المظاهرات التي وقعت صيف 2015 وقبل ذلك في صيف 2010".


ولفتت إلى أن "المرشح لمنصب رئيس الحكومة القادمة حيدر العبادي، وعد الأسبوع الجاري بتخصيص 3.5 مليارات دولار لإعادة تأهيل شبكة الكهرباء والمياه في محافظة البصرة، وخلق آلاف فرص العمل، لكن السكان لا يثقون بالنظام ولا تكفيهم الوعود".


وتابعت الصحيفة قولها إن "العراقيين يشكون بحق في هذه الوعود، لأن هذه المخصصات ستصب في جيوب أصحاب المصالح والمقربين الذين لم يهتموا باحتياجات المحافظة"، مؤكدة أنه "لا يوجد لدى العبادي في هذه الأثناء حل سحري يمكن أن يرضي سكان الجنوب".


وبينت أن العبادي "يقوم بتشغيل الجيش والشرطة، ويقطع خطوط الهواتف والانترنت، ويفرض حظر التجول على البصرة في الليل ويعتقل آلاف المواطنين لمحاولة تهدئة المدينة وتمكين شركات النفط من مواصلة عملها".


وتابعت: "كالعادة من يؤيدونه يتهمون جهات أجنبية مثل؛ السعودية، إيران، الولايات المتحدة واسرائيل، بإشعال المظاهرات، لكن المتظاهرين لا يصدقون هذه التفسيرات"، معتبرة أنه "يصعب الحديث عن تهديد استقرار النظام الذي يتعرض له بسبب هذه المظاهرات، حيث أنه لا يوجد في الحقيقة نظام يمكن ضعضعته في الوقت الراهن".


واعتبرت أن "الوسيلة الوحيدة هي ضخ ملايين الدولارات بشكل مباشر للبصرة ولسكانها لتهدئة الأزمة الاقتصادية الصعبة على الأقل"، مشيرة إلى أن "دين العراق الخارجي بلغ أكثر من 112 مليار دولار".


وقالت "هآرتس": "بقي فقط أن ننتظر شهر أيلول/ سبتمبر الذي تبدأ فيه درجات الحرارة بالانخفاض، من أجل أن ينخفض معها مستوى الغضب"، بحسب تعبيرها.