حقوق وحريات

صدمة بالصحافة المغربية بعد إدانة صحفي بالسجن لثلاث سنوات

دشن الصحافيون المغاربة وسم "الحرية لحميد المهدوي" طالبوا من خلاله بالإفراج الفوري عن زميلهم- أرشيفية

صُدم الجسم الصحفي المغربي، أمس الخميس، بحكم محكمة الجنايات بالدارالبيضاء على مدير موقع "بديل"، حميد المهدوي، بالسجن ثلاث سنوات مع النفاذ، بعد يومين فقط من قرار نفس المحكمة بحبس   53 معتقلا من نشطاء حراك الريف بما مجموعه 308 سنوات سجن. 


وأدين الصحفي حميد المهدوي الذي أوقف في 20 تموز/ يوليو 2017 بالحسيمة عندما كان يغطي مسيرة سلمية لنشطاء حراك الريف، بثلاث سنوات سجنا وغرامة مالية قدرها 3 آلاف درهم (حوالي 300 دولار) من طرف محكمة الجنايات بالدار البيضاء، بعد متابعته بتهمة "عدم التبليغ عن جريمة تمس أمن الدولة".

الحكم قاس جدا


عبرت كل من النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، عن صدمتهما القوية على إثر النطق بالحكم في حق الصحفي حميد المهدوي.

واعتبرت النقابتان، في بيان توصلت "عربي21" بنسخة منه، أن الحكم "قاس جدا، خاصة وأنه استند على مكالمات هاتفية، تلقاها المهداوي، من شخص مجهول، وهو أمر يحدث يوميا مع كل الصحافيين، ولا يعني بتاتا أنهم يتقاسمون مضمونها أو يعطونها أية مصداقية، ما داموا لم يتحروا في شأنها، وهذا هو دور الصحافيين، وليس التبليغ عن عشرات المكالمات التي يتلقونها، تتضمن شكايات أو معطيات، قد تكون صحيحة أو ادعاءات خيالية أو خرافية".

وأشارت النقابتان إلى أنهما ينتظران "مراجعة هذا الحكم، عند الاستئناف، للإفراج عن الزميل المهداوي، الذي تم عزل قضيته عن قضية معتقلي الحسيمة، الأمر الذي يعتبر مؤشرا إيجابيا ينبغي مواصلته من طرف القضاء، لطي صفحة هذا الملف بشكل نهائي".

وأكدت النقابتان "أنهما ستواصلان متابعة هذه القضية، والعمل بكل الوسائل المشروعة على التعبير عن تضامنهما مع الزميل المهداوي، والسعي إلى إطلاق سراحه وعودته إلى أسرته".

اعتقل بسبب آرائه فقط
وصفت زوجة حميد المهدوي، بشرى الخنشافي، الحكم الصادر ضد زوجها بأنه "جائر ولا أساس قانوني له".

وقالت الخنشافي في تصريح لـ"عربي21"، إن الوكيل العام للملك لم يستطع تقديم أي دليل مادي على ما اتهم به المهدوي، لافتة إلى أن "مرافعات محامي الدفاع كانت جد قيمة وتبرئ زوجي"، واستدركت: "فمن أين أتت هذه الإدانة؟ ومن هي الجهة التي أعطت هذا الحكم؟".

وأضافت الخنشافي: "كل ما قدمته النيابة العامة يبرئ الصحفي المهدوي"، مؤكدة أن ما يتابع عليه زوجها هي "أشياء أخرى، الجهة التي اتهمته ليست لها الجرأة للكشف عنها".

وشددت الخنشافي على أن المهدوي "اعتقل بسبب آرائه، لأنه قال لا للفساد وللظلم والاستبداد.. هذه هي التهم الحقيقية للمهدوي"، وفق تعبيرها.

وأثنت زوجة الصحفي المهدوي على تلاحم الجسم الصحفي المغربي مع قضية زوجها، وكشفت عن أن المهدوي راض بالحكم الذي صدر ضده ولديه استعداد نفسي وبدني لتقبله "لأنه لم يسرق أو ينهب، ولم يخن مهنته ومارسها بكل مهنية".

وطالبت الخنشافي بإعادة النظر في الحكم الصادر عن مدير موقع "بديل"، لأن "المرحلة لا تستحمل.. هناك تحديات في البلد أكثر من حميد المهدوي".

ولفتت إلى أن المهدوي عوض أن يزج به في السجن كان الأجدر أن يوشح بوسام لأنه "أشار إلى رؤوس الفساد في المغرب، وكان على المعنيين بالأمر أن يداووا الجرح من الأماكن التي أشار إليها حميد..".

وسجلت أن "المهداوي فكرة وليس شخصا، فإن ذهب سيأتي آخرون يواصلون مسيرته".

التهمة غير منطقية
من جانبه، عبر رئيس "المنتدى المغربي للصحافيين الشباب"، سامي المودني، عن صدمته ومفاجأته من الحكم الصادر ضد الصحفي حميد المهدوي، وقال إنه "لما تم فصل ملف الزميل حميد المهدوي عن ملف حراك الريف تجاوبا مع المطالب التي عبر عنها العديد من الحقوقيين والنقابيين توسمنا خيرا، وقلنا إن هناك بوادر انفراج في هذا الملف، إلا أننا فوجئنا بالحكم الصادر يوم أمس في حق زميلنا". 

وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "فوجئنا لأن التهمة الموجهة إليه غير منطقية، فهو يتابع بعدم تبليغ عن مكالمة تلقاها من مجهول تهدد استقرار البلد، مع العلم أن الصحفيين يتواصلون بمكالمات تعد بالمئات أسبوعيا وشهريا وهذا من صميم عملهم".

وتساءل المودني عن السبب في عدم متابعة المهدوي بقانون الصحافة عوض القانون الجنائي "على اعتبار أن متابعته بالمكالمة تم في إطار أدائه لعمله (تعامله مع مصدر)، لاسيما وأن التعامل مع المعلومات وسرية المصادر والمعلومات منصوص عليها داخل قانون الصحافة والنشر".

وتنص المادة الثالثة من قانون حرية الصحافة والنشر على أن "سرية مصادر الخبر مضمونة ولا يمكن الكشف عنها إلا بمقرر قضائي وفي الحالات التالية: القضايا المتعلقة بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي؛ والحياة الخاصة للأفراد ما لم تكن لها علاقة مباشرة بالحياة العامة".

وقال المودني: "لنا أمل كبير جدا أن يتم إطلاق سراح أو مراجعة هذا الحكم في المرحلة الاستئنافية".

 

ودشن الصحافيون المغاربة وسم "الحرية لحميد المهدوي" و"الصحافة ليست جريمة" اللذين انتشرا بشكل واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، طالبوا من خلالهما بالإفراج الفوري عن زميلهم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يذكر أن محكمة الاستئناف بالحسيمة سبق وأن رفعت في أيلول/ سبتمبر الماضي، عقوبة المهدوي من ثلاثة أشهر إلى سنة، بعد متابعته بتهمة "تحريض أشخاص على ارتكاب جنح بواسطة الخطب والصياح في مكان عمومي"، قبل أن يتم فصل ملفه عن ملف معتقلي "حراك الريف" بالمغرب.

 

وكان العشرات من الصحافيين المغاربة، ينتمون لمنابر إعلامية مختلفة، أطلقوا حملة واسعة للمطالبة بالإفراج الفوري عن مدير نشر موقع "بديل" الصحافي حميد المهدوي، الذي حكم عليه بسنة حبسا نافذا، في أيلول/ سبتمبر 2017 بتهم تتعلق بـ"الصياح، والتحريض على الخروج في مسيرة غير مرخص لها"، معتبرين الحكم عليه بالقانون الجنائي عوض قانون الصحافة "ردة حقوقية".

اقرأ أيضا: حملة واسعة دشنها صحافيون بالمغرب للإفراج عن زميل لهم (شاهد)

وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن طالبت بالتخلي عن التهم الموجهة ضد المهدوي وقالت إن "مكانه ليس السجن. ولا يمكن بحال اعتبار الإخبار جريمة".

 

وأعلن المهدوي في 18 أيار/ مايو الماضي خوضه إضرابا عن الطعام "حتى الاستشهاد" احتجاجا على ما وصفها بـ"الاستفزازات التي يتعرض لها داخل السجن"، وفق مقربين منه، قبل أن يعلقه بعد مناشدة زوجته وزملائه بوقفه، والتزام الوكيل العام (النائب العام) للملك بفتح تحقيق في كل ما صرح به المهدوي من إساءة معاملته داخل السجن. 


ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2016 وعلى مدى 10 أشهر شهدت مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف، احتجاجات للمطالبة بتنمية المنطقة وإنهاء التهميش ومحاربة الفساد، وذلك بعد وفاة بائع السمك محسن فكري الذي كانت وفاته سببا في إيقاظ شرارة الاحتجاجات بالمنطقة.