سياسة دولية

هل يشكل اقتراب الأتراك من عفرين مشكلة للقوى الكبرى بسوريا؟

عناصر من الجيش الحر بعد السيطرة على سد 17 نيسان- جيتي

أثار التقدم السريع لقوات الجيش التركي وفصائل الجيش الحر، في العملية العسكرية "غصن الزيتون" واقترابهما من مركز مدينة عفرين، تساؤلات حول موقف الدول التي كانت تبدي مجرد التحفظ على العملية منذ بدايتها، وما إذا كان التقدم باتجاه مركز عفرين دافعا لها لتغيير مواقفها، وخاصة القوى الكبرى بسوريا.

وكان الجيش التركي والحر حقق تقدما ما خلال الأسبوع الماضي تمثل بالسيطرة على محور جنديرس، وعدد من القرى الهامة في محور بلبل، وجبل كشكدار وبيك أوباسي ومحور شنغال وقرية كفرمز، في محور شران بريف عفرين بعد معارك عنيفة.

وبعد السيطرة على قريتي مالكية وشوارغة الجوز، القريبتين من مركز المدينة، أصبحت القوات التركية والفصائل على مسافة عدة كيلومترات من مركز عفرين.

ويضاف إلى التقدم في القرى والمحاور، السيطرة التركية على قرية حلوبي كبير وسد 17 نيسان المهم الذي يعد شريان تزويد عفرين بالمياه.

 

تقدم سريع

الخبير العسكري العميد أحمد رحال، قال إن التقدم السريع على محاور بلبل وشيخ حديد وجنديرس وكتلة برصايا وشران الاستراتيجيتين، القريبة من عفرين، لم يترك أمام أي قوى راغبة بالاعتراض على العملية التركية من فرصة.

وقال رحال لـ"عربي21" إنه بعد السيطرة على السد المغذي لعفرين وكتن كي، وقرى هامة حول عفرين تبقى مسافة 2- 3 كيلومترات، وهذه الدول لن تحرك ساكنا لإنقاذ الوحدات الكردية الآن لأن الوقت فات، وهناك تفاهمات مع روسيا، والولايات المتحدة على ما يبدو انتهت من استخدام تلك الوحدات، كورقة في منطقة عفرين بل وشكلت لجنة مع أنقرة لبحث ملف منبج.

وشدد الخبير العسكري على أن الولايات المتحدة من المستبعد أن تبقى على تحالف دائم مع الوحدات الكردية الانفصالية بصبغتها الحالية وامتدادها مع حزب العمال الكردستاني المصنف لدى واشنطن بالإرهاب.

واستبعد أن يوجه أي من الأطراف مطالبة لتركيا من أجل وقف العملية خاصة أن المقاتلين السوريين فيها يقاتلون دفاعا عن قراهم التي احتلها عناصر الوحدات الكردية وأجبروا أبناءها على دفع الأتاوات والتجنيد الإجباري.

وعلى صعيد الحديث عن الموقف في حال وصلت القوات التركية والفصائل إلى نقاط تماس مع مناطق سيطرة النظام قال رحال إن هناك العديد من نقاط التماس بين "الحر" والنظام وإذا لم يقم الأخير بأي عمل عدائي فغالبا ستتحول تلك المنطقة إلى "خفض تصعيد".

وأضاف: "في حال تهيئة الأجواء الدولية لانتقال سياسي في سوريا ربما ننتقل إلى جنيف لإيجاد حل وإلا فإن المنطقة ستعود للاشتعال مجددا".
ولفت إلى أن الروس نفذوا انسحابات كبيرة من عدد من المناطق حول عفرين ويبدو أن العملية التركية لن تواجه اعتراضات حقيقة وربما خلال وقت وجيز سيتم السيطرة على كامل المنطقة.

وعلى صعيد الوضع في منبج قال رحال إن "منبج منطقة مختلفة كليا عن عفرين وهي عربية التركيبة باستثناء المسلحين من الوحدات الكردية وهناك غضب على وجودهم بالمنطقة وخلال الأيام الماضية هدد شيوخ العشائر بالتصعيد في حال استمر اعتقال أبناء المنطقة في سجون الأسايش".

ولفت إلى أن أي اتفاق أمريكي مع تركيا سيتم بموجه إجلاء المقاتلين من منبج ولن يستغرق الأمر سوى أيام لبسط سيطرة الجيش التركي والحر على المنطقة.

 

بندقية مؤجرة

بدوره قال الكاتب سعد وفائي إن القوى الكبرى في سوريا تتحكم في مواقفها أسباب عديدة وكلها لن تبدي على الأغلب اعتراضا على السيطرة التركية على عفرين.

وقال وفائي لـ"عربي21" إن الروس منشغلون حاليا في التركيز على هجومهم العنيف على الغوطة بعيدا لاستغلال انشغال تركيا بملف عفرين أما الموقف الأمريكي على الرغم من سلبيته ودعمه بالأساس للوحدات الكردية إلا أنه في النهاية يستخدمهم كورقة ضد أنقرة.

وعلى صعيد الموقف الأوروبي أوضح أن الأوروبيين يدعمون الوحدات الكردية من "أجل التجارة بقضيتهم لتحقيق مصالهم الخاصة" مضيفا: "لكن بالمجمل الروس والأمريكان والأوروبيون غير معنيين بالوقوف معهم لأن قضيتهم خاسرة في هذا الموقع".

وأشار وفائي إلى أن الوحدات الكردية "تاجرت بالدم الكردي بطريقة عشوائية وظهرت في العديد من المواقف مؤشرات على أن القوى الدولية تستخدمهم بشكل مؤقت لا تريد لهم دعما دائما لتثبيتهم بالمنطقة".

ولفت إلى ما حصل في كردستان العراق والوقوف الدولي ضد البارزاني والآن وقفوا ضدهم في عفرين وأصبح التخلي عنهم أمرا غير مستغرب بعد التقهقر السريع والخسارة الكبيرة في عفرين.

وعلى صعيد المنطقة التي سيتجه إليها المقاتلون الأكراد بعد الخروج من عفرين قال وفائي: "على الأغلب ستكون مناطق شرق الفرات ومنبج وستسعى أمريكا لتسويق وجودهم على شكل مدني وحضاري" مشددا على أن هذا الأمر "ولو استمر لوقت لكنه لن يدوم لأن بقية اللاعبين في سوريا لن يسمحوا لواشنطن بالاستمرار بهذا الدور".

وقال وفائي إن مناطق شرق الفرات مليئة بالثروات والتركيبة السكانية بها عربية لن تقبل لمليشيات دخيلة ليست سورية بالأساس قادمة من جبال قنديل بالسيطرة عليها.

وأشار إلى أن عمليات النزوح التي تمت من الموصل بعد المعارك تركزت في مناطق شرق الفرات وهذا ما أحدث تغييرات كبيرة في التركيبة السكانية ستصعب من الخطط الأمريكية على المدى البعيد.