حقوق وحريات

فرنسا تفتح تحقيقا في بيع معدات لتعقب المعارضين لسلطات مصر

السلطات المصرية تعمدت تصفية معارضين كما يرى مراقبون حقوقيون

بناء على طلب تقدّمت به الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بدعم من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بفتح تحقيق قضائي حول تورط شركة فرنسية في بيع معدّات تجسس لمصر، قرر مؤخرا مكتب النائب العام لقسم الجرائم ضد الإنسانية بباريس فتح تحقيق رسمي حول الواقعة.


وقال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان – في بيان له الجمعة، وصل إلى "عربي 21" نسخة منه- إن ما قامت به النيابة العامة بباريس بفتح تحقيق قضائي، "يفضي إلى توجيه تهم التّواطؤ في التعذيب والاختفاء القسري لكل من شركة أميسيس الفرنسية، التي أعيدت تسميتها باسم نيكسا تكنولوجي، والنظام الاستبدادي للسيسي على حد سواء، ويبعث برسالة تحذير قوية لشركات المراقبة والأسلحة وكذا للسلطات الفرنسية".


كانت المنظمات الثلاث (الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان) قد تقدمت في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بشكوى ضد شركة نيكسا تكنولوجي الفرنسية، واضطلاعها في "القمع واسع النطاق في مصر تحت نظام السيسي من خلال بيعها لتكنولوجيا خاصة بالتجسس". وذلك على خلفية ما ورد من معلومات في التحقيق الصحفي الذي أعده الصحفي أوليفييه تيسكيتو المنشور في جريدة "تيلي راما" في 5 تموز/ يوليو 2017.


وأضاف بيان مركز القاهرة: "قرار النائب العام بباريس فتح التحقيق في هذه الواقعة، يعطي فرصة للعديد من الضحايا المصريين لرفع دعاوى مدنية بصفتهم مضارين من هذه التقنيات، ويفسح لهم مجال للإدلاء  بشهادتهم أمام النائب العام في فرنسا، كما سيمكّن فتح التحقيق في القضية الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان من مباشرة الدعوى".


وأشار إلى أن "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، سبق أن قدما شكوى مماثلة ضد الشركة نفسها في 2011، بشأن بيع تقنيات تجسس مشابهة لنظام معمّر القذّافي في ليبيا. وقد تمكّن ضحايا نظام القذافي في 2013 بمساعدة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، من المثول أمام قضاة التحقيق الفرنسيين للإدلاء بشهادتهم في تلك الواقعة، التي تحولت في 2017 لـ (الشاهد الممثّل قانونيّا) للمشاركة في أعمال تعذيب ارتكبت في ليبيا بين عامي 2007 و2011".


واستطرد قائلا: "هذا التحقيق الجديد سيسهم في تسليط مزيد من الضوء على سياسات نظام السيسي القمعية، وانعكاساتها على المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني في مصر وقوى المعارضة المختلفة، إذ تشهد مصر اليوم عشرات الآلاف من المساجين السياسيين الذين يتعرّضون عادة للتعذيب وظروف اعتقال غير إنسانية ومحاكمات غير عادلة".

 

من جانبه، استنكر المحامي وأحد الرؤساء الشرفيين للرابطة الفرنسيّة لحقوق الإنسان، ميشال طوبيانا، "تواصل بيع معدّات التجسس، وكأن شيئا لم يكن، رغم مثول الشركة نفسها للتّحقيق في القضية الليبية"، مشيرا إلى أن "تلك المعدات تعزز الأسطول القمعي للأنظمة المستبدة".

 

وقال: "رغم العديد من المحاذير المحلية والدولية بشأن استخدام هذه التقنيات والمعدات، إلا أن تواطؤ السلطات العمومية المسؤولة عن مراقبة تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، يحول دون وقف العواقب الوخيمة لمثل هذه الصفقات، ويسهم في  انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تترتب على تلك الصفقات".


وأكد مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدّين حسن: "في السجون المصرية حاليا أكثر من أربعين ألف سجين سياسي سلمي، كانوا يوما نسمة الحياة وأمل الحرية الذي انطلق من ميدان التحرير، ففيما تمعن الشركات في تحقيق الأرباح، تداس التطلعات الشعبية لحياة أفضل تحت أقدام النظام".

 

وذكر المحامي وأحد الرؤساء الشرفيين للفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان، باتريك بودوان، : "الشركات الفرنسية تسجّل من خلال بيعها لمعدّات التجسس والأسلحة لمصر والشرق الأوسط، أرقام مبيعات غير مسبوقة، بينما تتسامح السلطات الفرنسية مع تلك الجرائم، بل وتشجعها من خلال توظيف مشتريات تلك الشركات".

 

وأردف: "الحكومة المصرية تستخدم تلك المعدات في تعقب المعارضين، فتسجن وتعذب كل من يتجرأ على المطالبة بالمزيد من الحريّة واحترام سيادة القانون، وعليه فلابد من وقف هذه الأعمال الإجرامية القاتلة والحيلولة دون المضي قدما فيها بكل السبل، وهذا هو جوهر العدالة".