سياسة عربية

القوميون السوريون: الشرتوني يمارس السياسة عن بعد

حبيب الشرتوني اغتال بشير الجميل في أيلول عام 1982 - تويتر

كشف الحزب السوري القومي الاجتماعي أن حبيب الشرتوني، المدان قبل أيام من قبل القضاء اللبناني باغتيال الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل، يمارس عن بعد مهمات سياسية.

ورفض الحزب القرار القضائي، مؤكدا بأن بشير الجميل عميل إسرائيلي يستحق الإعدام، ويستحق الشرتوني التقدير على ما قام به.

وبالمقابل، اتهم أعضاء في حزب الكتائب والقوات اللبنانية الحزب السوري بأنه صاحب تاريخ "إرهابي" مليء بالجرائم والاغتيالات.

وكان المجلس العدلي أصدر، الجمعة، حكما بالإعدام بحق حبيب الشرتوني ونبيل العلم في قضية اغتيال الرئيس بشير، إضافة إلى تجريدهما من حقوقهما المدنية.

واغتيل بشير الجميل في أيلول/ سبتمبر عام 1982 بينما كان يخطب في زملائه أعضاء الكتائب، في مقر حزبي ببيروت، ما أدى إلى مقتله و26 سياسيا آخر.

 

اقرأ أيضا: لبنان.. إدانة مقرب من نظام الأسد باغتيال "بشير الجميّل"‎

 

وبعد الاغتيال بيوم، اعتقل حبيب الشرتوني، وهو مسيحي ماروني وعضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي، حيث اعترف بأنه نفذ عملية الاغتيال؛ لأن بشير الجميّل "باع لبنان إلى إسرائيل"، كما قال حينها.

وسجن الشرتوني ثماني سنوات، قبل أن تسيطر القوات السورية على لبنان في نهاية الحرب الأهلية، وتفرج عنه إلى جهة مجهولة في 13 تشرين الأول/ أكتوبر 1990.

وقال النائب عن الحزب السوري القومي الاجتماعي، مروان فارس: "نحترم القضاء في لبنان ومواقفه العادلة، لكننا وفي الوقت نفسه نشدد على أن القرار القضائي الصادر بحق حبيب الشرتوني لم يكن منصفا، فهو لم يرتكب فعلا جرميا، وإنّما أنزل حكم الإعدام بمتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي (يقصد بشير الجميل)"، مشيرا إلى أن "الدستور اللبناني يعتبر كل متعامل عميل"، كما قال.

يشار إلى أن الحزب السوري القومي الاجتماعي أسس عام 1932 من قبل أنطون سعادة، ويقوم على مبدأ سوريا التامة، أو ما يعرف بالهلال الخصيب، أي أنها تضم كلا من العراق والكويت والأحواز والشام ولبنان والأردن وفلسطين وأطرافا جغرافية طبيعية، كسيناء وقبرص وكيليكيا ولواء إسكندرون.

وندّد فارس بالاتهامات الموجهة ضد حزبه على خلفية القضيّة، فقال: "موقفنا من قضية حبيب الشرتوني عقائدي نستمده من مبادئنا"، معتبرا أن "موقف القضاء اللبناني غير مستمد من العدالة الحقيقية"، بحسب تعبيره.   

وبينما يعتبر حزب الكتائب والقوات القرار القضائي عدالة تحققت أخيرا، يقول فارس: "خط بشير الجميل السياسي يسعى إلى النيل من صورة الشرتوني"، مطالبا بأن تعالج قضيته ضمن تسوية، قائلا: "ألم تسوّ قضية سمير جعجع بإصدار عفو شامل، رغم إدانته بجرائم واغتيالات هزّت المجتمع اللبناني".

وحول الأدوار السياسية للشرتوني حاليا، قال فارس: "يمارس العمل السياسي، وإن كان عن بعد، وسيكون حاضرا في المعارك العقائدية التي يخوضها القوميون الاجتماعيون"، وفق قوله.

وفي المقلب الآخر، تختلف المواقف رأسا على عقب، حيث تبرز دعوات من حزب الكتائب والقوات اللبنانية، إلى جانب من يعرفون بخط بشير الجميل السياسي، للتمسك بقرار القضاء، ويقول القيادي السابق في حزب الكتاب سجعان قزي، في تصريحات لـ"عربي21": "في الوقت الذي حكمت فيه العدالة بالحق، هناك مسلحون يرفضون ويتمردون على الحكم"، مقللا من شأن المعترضين: "كل ذلك لن يجدي نفعا مع قضاء قال كلمته"، على حد تعبيره.

وشن القزّي هجوما على الحزب السوري القومي الاجتماعي قائلا: "الحديث عن القوميين السوريين يعيد إلى الأذهان سجلهم المليء بالقتل والأعمال المسلحة منذ عام 1949 ولغاية الآن". 

وصعد القزّي ضد الحزب القومي، فاتهمهم بأنهم "أصحاب تاريخ أسود" وأضاف: "اغتالوا رئيس الحكومة الأسبق رياض الصلح، وارتكبوا جرائم وفظائع خلال الحرب الأهلية اللبنانية، إضافة إلى تورطهم في اغتيال رئيس الجمهورية بشير الجميل".

وكانت السلطات اللبنانية أعدمت في 6 تموز/ يوليو 1949 أنطون سعادة؛ بتهمة قتل مجموعة من الكتائبيين، وقام أعضاء من الحزب في الأردن بالانتقام له؛ من خلال قتل رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك رياض الصلح، حيث اعتبروه مسؤولا عن قتل زعيمهم.

واستبعد القزي إمكانية التوصل إلى حلول لمنع تدهور الأوضاع السياسية والأمنية على خلفية هذه القضية، مشددا على أن "الالتقاء يكون على العدالة، فلا تطوى صفحة الحرب إلا بالحقّ"، وفق قوله.

 

ووسط هذا المناخ المتشنج، يرى الكاتب والمحلّل السياسي، الدكتور عماد شمعون، أن "مختلف الأطراف المعنية في ملف اغتيال بشير الجميل لا تسعى إلى تصعيد الأمور في الشارع، وتعمل على منع الانزلاق إلى مخاطر أمنية" كما قال.

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "بعد إحراق أعلام حزبية في مقرّات لحزب الكتائب في شمال لبنان، نفى الحزب القومي السوري تورطه في هذه الحوادث، واعتبرها فردية، وهو ما يدلّل على اتجاه عقلاني لا يريد من خلاله التصعيد".

وإزاء التجاذبات الحاصلة حول إمكانية وجود أهداف سياسية وراء الحكم القضائي، لفت شمعون إلى أن "الخلافات على هذه القضية قديمة، كما هي الاتهامات، ويبقى الجديد في الحكم القضائي بأن الاتهام بحق الشرتوني تحوّل إلى إدانة تكرس اسمه كمطلوب لتنفيذ الحكم، وإن كان ذلك مستبعدا من الناحية الإجرائية وقياسا للأوضاع السياسية في لبنان".