دعت هيئة التحرير في صحيفة "التايمز" البريطانية، الحكومة
المصرية، إلى التحقيق في ما أسمتها "الجريمة المخجلة"، وظروف مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي
جوليو ريغيني.
وتقول الصحيفة في افتتاحيتها إن طالب الدكتوراه اختفى في الذكرى الخامسة للثورة المصرية، التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، وذلك في 25 يناير (كانون الثاني) 2011. وعندما اكتشفت جثته في الصحراء شمال العاصمة القاهرة، ظهرت عليها آثار التعذيب، وكشف تشريح الطب الشرعي في بلده
إيطاليا عن تعرضه لتعذيب وحروق مرعبة وتشويه قبل مقتله.
وتشير الافتتاحية إلى الرسالة التي وقع عليها أكثر من 4600 أكاديمي من حول العالم، وطالبوا فيها الرئيس عبد الفتاح
السيسي، بالتحقيق في ظروف مقتل ريغيني، لافتة إلى أن "القاهرة تنفي أي مسؤولية، ولكن على السيسي ألا يكون واهما، فتحت ناظريه حققت مصر التوقعات، وعادت إلى حكم الدولة البوليسية، فوزارتا العدل والداخلية في حكومته لا تهتمان بحقوق الإنسان إلا بالكلام. وقد تم احتجاز الآلاف من الناشطين، دون توجيه تهم على خلفية الشك بمعارضتهم، وفي محاولة من الحكومة لملاحقة أقلية متطرفة استخدمت المنطق القديم، الذي استندت عليه الديكتاتوريات العسكرية من قبل".
وتورد الصحيفة أن السيسي كان يحاول عقد محادثات وصداقات مع الغرب، مستدركة بأن قلة من الدول الغربية عبرت عن استعدادها لغض النظر عن جرائم الدولة البوليسية المصرية.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إنه كما يظهر تاريخ مصر في الماضي، فإن أي محاولة لسحق المعارضة بالقوة ستدفعها للعمل من تحت الأرض، مشيرة إلى أنه "في حساب النقاط واحترام القانون فإن السيسي ليس أفضل من مبارك ولن ينتصر".
وتلفت الصحيفة إلى أن "الدول الغربية بحاجة إلى حلفاء يوثق بهم، وإن كانت مصر ستكون أول من يتم التعاون معها، فعليها أن تجلب قتلة ريغيني للعدالة". وتعلق قائلة: "للأسف، فقد كان الأمر يحتاج لوفاة باحث غربي من أجل لفت الانتباه والتركيز على انتهاكات النظام الذي قتل الكثيرين من أبنائه، ولكن قصة ريغيني فيها الكثير من الدلالات، فقد قيل إن بائعا في القاهرة خانه وسلمه للشرطة، خاصة أن الباحث الإيطالي يقوم بدراسة اقتصاد السوق السوداء، وظهر الآن أن السلطات ربما لم تكن راضية عن مقالاته الناقدة لها، التي نشرها باسم مستعار في صحيفة إيطالية".
ولا تستبعد الافتتاحية التفسيرين، خاصة أن هناك شبكة من المخبرين في الشوارع، وهي صورة حقيقية عن الدولة النازية، التي أصبحت مصر مهددة بها، ويعمل على بنائها السيسي منذ توليه السلطة قبل ثلاثة أعوام، مشيرة إلى أن أول شيء فعله هو إصدار مسودة لمكافحة الإرهاب، ما سمح له بسجن المعارضين لمدد طويلة، وفرض غرامات على الصحافيين، الذين كانوا يتجرأون على نشر تقارير حول حملات مكافحة الإرهاب، ومنذ سجن صحافيي "الجزيرة" بناء على اتهامات واهية، صار الدبلوماسيون معتادين على التحادث مع السلطات للإفراج عن الغربيين المعتقلين في السجون المصرية.
وتبين الصحيفة أن "هؤلاء هم المحظوظون، وتقدر منظمة (هيومان رايتس ووتش) عدد الذين قتلتهم السلطات المصرية بحوالي 1150 شخصا، والمعتقلين بحوالي 41 ألف شخص، وفي السبعة أشهر الأولى من وصوله إلى السلطة. وأصبحت أحكام الإعدام الجماعية الوسيلة المفضلة لاستفزاز الناس".
وتختم "التايمز" افتتاحيتها باتهام السيسي بالخلط بين المتطرفين ومن هم عرضة للتطرف، مشيرة إلى أن خطر التطرف حقيقي في مصر، لكنه لا يعالج بهذه الطريقة.