نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتبة إيرين كننغهام، قالت فيه إن خديجة غفار تعرف أن السلطات مددت احتجاز زوجها، لأنه لم يعد إلى البيت.
ويشير التقرير إلى أنه تم اعتقال زوج خديجة الكاتب والأكاديمي إسماعيل إسكندراني يوم 1 كانون الأول/ ديسمبر؛ بتهمة نشر أخبار كاذبة، والانتماء "لجماعة محظورة"، وكان من المقرر أن تبت المحكمة في بقائه أو إطلاق سراحه يوم الجمعة من الأسبوع الماضي، فيالوقت الذي استمر فيه الادعاء في تحرياته، ولكن محاميه لم يتمكنوا من الحصول على مزيد من المعلومات.
وتقول الصحيفة إن "اسكندراني هو واحد من كثير من
المصريين الذين اعتقلوا، جراء حملة واسعة طالت الفنانين والناشطين والمفكرين في الأشهر الأخيرة. وقامت الشرطة بمداهمة آلاف البيوت، وأغلقت معارض فنية ودور نشر وشركات إعلامية في الاسابيع التي سبقت الذكرى الخامسة للثورة في 25 كانون الثاني/ يناير".
وتضيف الصحيفة: "أنهت الثورة 30 عاما من حكم حسني مبارك، وشكلت بداية عهد جديد من الانفتاح السياسي، ولكن الاحتجاجات المستمرة ضربت
الاقتصاد، ولم يتمكن الرئيس المنتخب الأول محمد مرسي من احتواء الاضطرابات".
وتبين كننغهام أنه بعد ذلك "قام الجيش بالإطاحة بمرسي في
انقلاب حظي بدعم شعبي عام 2013، حيث تم سجن الرئيس، وتم إعلان (حرب على الإرهاب)، ومنذ ذلك الحين جرمت الحكومة المظاهرات، وسجنت آلاف المعارضين، وصارت أشد قسوة من النظام الاستبدادي الذي سعى المتظاهرون للإطاحة به عام 2011".
ويذكر التقرير أنه في هذا السياق كتبت المدونة المصرية بهية في "واشنطن بوست" مقالا نشرته في 24 كانون الثاني/ يناير، قالت فيه إن "الحملة الأمنية الأخيرة تعكس هلعا شديدا".
وتورد الصحيفة ما نقلته وكالة أنباء" أسوشييتد برس" عن مسؤولين قولهم في 21 كانون الثاني/ يناير، بأن المداهمات الأخيرة والاعتقالات كانت مجرد "إجراءات احترازية" اتخذت قبل الذكرى التي شهدت القليل من المتظاهرين يخرجون للشارع، "فلماذا الخوف إذن؟"، بحسب ما كتبت بهية التي تستخدم اسما مستعارا.
وتعلق الكاتبة بأن "الحكومة تمكنت من إحكام قبضتها على الحياة السياسية للبلد، وقليل من المصريين كانوا على استعداد لدعم المظاهرات الكبيرة في السنوات الأخيرة".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن محامي حقوق الإنسان في اتحاد حرية الفكر والتعبير في القاهرة منير منيب، قوله: "هذا فقط جزء من
قمع المعارضة والاعتقالات العشوائية والتعذيب والاختفاء القسري"، مشيرا إلى أن منيب يمثل طبيبا مصريا اسمه طاهر مختار تم اعتقاله في تاريخ 14 كانون الثاني/ يناير، كان يسعى للحصول على عناية طبية كافية للسجناء المرضى، بحسب ما قاله منيب. ويتوقع المحامي أن هذا كان هو سبب اعتقال مختار، ويقول: "هذه هي سياسة الدولة، ولا أظن أنها ستتوقف".
وتستدرك الصحيفة بأن المحللين يقولون بأن هناك مؤشرات توحي بأن الدولة قد تكون بدأت تفقد قبضتها الحديدية، فكتب الزميل في معهد "سنتشري فاونديشن" في نيويورك، في مقال له: "النظام الحالي يعاني من البارانويا". وأضاف أن حكومة الرئيس عبد الفتاح
السيسي "ورثت تحديات سياسية واقتصادية وأمنية ضخمة"، مشيرا إلى "التمرد الإسلامي" والعجز الهائل في ميزانية الحكومة، وقال: "في هذه البيئة، لم يكن أداء النظام جيدا".
وتلفت كننغهام إلى أن تقارير نشرت في الأشهر الأخيرة حول التعذيب وسوء المعاملة في محطات الشرطة في أنحاء البلاد، طال حتى بعض أكثر مؤيدي النظام حماسة في الإعلام، مشيرة إلى أن تلك الحوادث تتضمن وفاة مواطنين اثنين على الأقل بينما كانا في احتجاز الشرطة، ما حدا بالسيسي للحديث ضد الوحشية في خطاب له في كلية الشرطة في كانون الثاني/ ديسمبر.
ويورد التقرير نقلا عن السيسي قوله، بحسب صحيفة "ديلي نيوز" المصرية، بأن "محاولات" ضباط الشرطة انتهاك حقوق الإنسان "يجب أن تتوقف".
وتجد الصحيفة أن الحكومة فشلت في وقف تدهور اقتصاد البلاد، التي تضررت بسنوات من الاضطراب السياسي، وسقوط الطائرة الروسية، التي يشك بأن تنظيم الدولة كان خلف إسقاطها في شبه جزيرة سيناء الخريف الماضي، حيث كان أكثر حوادث الطيران دموية في تاريخ روسيا. وقامت روسيا وبعض الدول الأوروبية بتعليق سفر طائراتها إلى المنتجعات السياحية المصرية على البحر الأحمر.
ويفيد التقرير بأنه بحسب حاكم جنوب سيناء، فإن أهم مدينتي منتجعات في المنطقة تخسران في الشهر 250 مليون دولار. ويعتمد اقتصاد البلاد بشكل رئيس على السياحة للتوظيف ولدعم احتياطي البلد من العملة الصعبة، مستدركا بأن مشاريع الحكومة الضخمة، مثل توسيع قناة السويس، وهو أحد أهم الطرق المائية في العالم، فشل إلى الآن في تحقيق التعافي الاقتصادي الموعود وسط ركود تجاري عالمي.
وتنقل الكاتبة عن المحلل الذي يعيش في القاهرة هشام قاسم، قوله: "يقول كثير من المحللين إن الثورة فشلت، والناس لا يهمها، وإن الأمور عادت إلى ما كانت عليه، ولكن هذا ليس صحيحا. هذه الاعتقالات والقمع أصبحا أقل قبولا، ولم تحصل ثورة عام 2011 بسبب وحشية الشرطة فقط، بل بسبب الوضع الاقتصادي المتردي ايضا".
وتنقل الصحيفة عن خديجة غفار، التي تعمل باحثة أيضا، قولها إنها كانت هي وزوجها يدركان خطر نشر أعمالهما في مصر، وكان إسكندراني، الذي اعتقل في مطار مدينة الغرقدة، سافر إلى تركيا ليبحث عن عمل جديد.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول غفار: "أنا مليئة بالخوف والرعب، وحتى قبل اعتقاله، فإن تزايد العنف كان يقلقني، ولكني أحسست أنه بعيد جدا عني"، مشيرة إلى أن هذا الخوف والرعب أصبح دائما في حياتها اليومية.