ابتداء يجب أن نعترف أن الإخوان المسلمين هم من أكثر الفصائل السياسية حساسية ضد النقد، قد تقول لي أن الأمر نفسه متكرر عند الجميع، صحيح، إلا أن المقارنة الكمية بين الإخوان في
مصر وكل من سواهم تجعل لـ "عطسة" الإخواني على مواقع التواصل حسابات أكثر تعقيدا من قيام أحزاب أخرى وسقوطها، وبناء عليه تصبح الأخطاء ضخمة بقر ضخامة مرتكبيها.
دكتور
سيف عبد الفتاح ظهر على الشاشات وتحدث عن تجربة عمله مستشارا للرئيس محمد
مرسي، أبدى انتقادات، لمرسي وإدارته، رد عليه نجل مرسي، حقه، تجاوز الرد في حق الدكتور سيف في بعض المواضع، ليس من حقه، لكن يحدث، طوال الوقت يحدث، من الجميع إلى الجميع، الاستثناءات شديدة الندرة، انتهينا.
د.سيف تحدث، وأسامة رد، الفارق بين قامة كل منهما كبير، أستاذ علوم سياسية، ومعلم حقيقي، ومعارض حقيقي للحكم العسكري (دون مصلحة)، وشاب صغير، من شباب الثورة، ابن محمد مرسي، المعزول من الجيش، المختطف، المسجون، المعاقب على قضايا ملفقة لم يرتكبها، المشتوم آناء الليل وأطراف النهار من الجميع، على ما فعله ويستحق عليه النقد، لا الشتيمة، وعلى ما لم يفعله، تلفيق لا يقل عن تلفيق الشامخ يمارسه بحقه من كانوا إلى يوم قريب شركاء ثورة، هنا أتحدث عن صنف معروف من المضادات الإخوانية، فصيلة من فصائل البشر الذين يعيشون بيننا، عادي، وليس على سيف طبعا، الشاهد .. من الطبيعي أن يكون
أسامة مرسي غاضب أكثر من اللازم، مفهوم، غير المفهوم أن تتحول مناقشة على هامش اغتصاب الدولة إلى قضية، وموضوع، وسردية، وهؤلاء مع سيف الحق، وهؤلاء مع ابن الشرعية، وطوبة على طوبة العركة منصوبة.
بص يا صديقي، قلت لك إن الإخوان هم الأكثر حساسية للنقد، وأزيدك من الشعر بيتا يتعلق بيتامى الجماعة، أو الضد إخوان، أو كما يسمونهم الإكس إخوان، أصحاب المعركة الحقيقية، الغاضبون، بحرقة، لوجه خاطر الدكتور سيف، المزايدون بالأمس القريب عليه هو شخصيا، لأنه وافق على العمل مستشارا مع د.مرسي، الفرحون به – على خفيف – يوم تراجع أمام دماء الاتحادية، المتجاهلون له، والساخرون منه – أحيانا – والرافضون لكل مساعيه للاصطفاف الوطني، وعدم إقصاء الإخوان في تجربته المحترمة: " بيان القاهرة".
الآن صار للدكتور سيف عرضا يستحق الذود عنه، أنا شخصا سأموت فرحا، إلا أن الدافع الحقيقي لا يتعلق بأستاذنا العظيم، إنما بتفريغ شحنات الغضب المتبادل بين الإخوان وإخوتهم الذين صاروا أخوة أعداء.
ليس من حقنا أن نفتش في نوايا الناس، كما أنه تفتيش لا طائل من ورائه، إلا أن من حقنا أن نرفض عبئا جديدا يضاف إلى كاهل هذه الثورة المنكوبة، وخطابها، يتعلق بتصفية أبناء الجماعة لحساباتهم مع بعضهم البعض، من حقنا أن نرفض أن يتحول الخلاف الثوري/ الثوري إلى "وصلة ردح" لأن بعض أطراف هذا الخلاف يصرون على عدم تجاوز ماضيهم تجاوزا حقيقيا، البعض يغادر الجماعة لكن لا تغادره الجماعة، تظل مسيطرة على أفكاره – بالسلب هذه المرة – وعلى اهتماماته، وعلى طريقته في الحوار والنقد، يظل إخوانيا في جوهره، مميزاته هي مميزاتهم، وعيوبه هي عيوبهم مع فارق وجهة البوصلة، هم حساسون للنقد وهو شديد الحساسية – بدوره - لحساسيتهم، وعدو لكل من لا يشاركه هذه الحساسية في آن، كفاكم، وارحمونا، لا يمكن أن تكون كل مهمة الخطاب المناهض للانقلاب العسكري أن يتفرغ ثلاثة أرباع أطرافه لبعضهم البعض،فيما تصبح مهمة الربع الأخير هي "التسليك" بينهم !!
كم مواطنا مصريا لم يجن شيئا اختطف من بيته أمام أولاده يوم رد أسامة مرسي على الدكتور سيف، كم مراهقا أودعوه المعتقلات لأن أباه إخواني، أو مشتبه في كونه ضد النظام، كم رأس فساد تسلط وزادت سطوته على رقاب الناس، كم كارثة، وكم مصيبة؟، خلافاتنا صارت تشبهنا، صغيرة.
للتواصل مع الكاتب عبر موقع فيسبوك:
https://www.facebook.com/mohamed.t.radwan