هل تذكر أنك أخبرت صديقك في يوم من
الأيام عن منتج جديد ترغب بشرائه فوجدته لاحقا على شكل إعلان على هاتفك الذكي؟ أو
شعرت بالمرض فوجدت إعلانا لمستشفى قريب منك على شاشة الهاتف.. ليست سحرا ولا
شعوذة، إنها التكنولوجيا يا عزيزي.
إذا كانت قد
انتابتك شكوك حول هاتفك الذكي، وإن كان يستمع إلى ما تقول، فاطمئن.. لست وحدك! 😉
لا يجادل أحد
في أن التكنولوجيا المتقدمة التي نستخدمها كل يوم إنما صنعت لغرض ما، وليس الهاتف
الذي في يدك وسيلة للاتصال فحسب، بل هو أكثر من ذلك بكثير، إنه مندوب مبيعات،
ومستشار ضريبي، ويقدم خدمات تنظيف المنازل، ويمكنه إيجاد شريك حياتك إذا رغبت، لكن
هذه الخدمات ليست مجانية.
وإذا ظننت أنك
لم تدفع مقابل ظهور هذه الإعلانات، فليس عليك أن تقلق، عليك التفكير مرة أخرى،
لأنك دفعت حتى قبل أن يظهر هذا الإعلان ليس بمالك.. لكن ببياناتك! 😮
هل تستمع هواتفنا لما نقول؟
تنكر شركة
"
غوغل" أنها تستمع إلى ما يقوله حاملو الهواتف الذكية، أو أنها تجمع
عنهم المعلومات بهذه الطريقة، مشيرة إلى أنها تستمع فقط عندما تستخدم كلمات معينة
خاصة بـ"غوغل"، مثل "Okay Google"
التي تستخدم لإيقاظ المساعد الشخصي.
كما تقول
الشركة إنها تلزم مطوري البرامج والتطبيقات التي في متجرها بالالتزام بسياسة
مطوري البرامج بأن لا تنتهك خصوصية المستخدمين باستخدام التسجيلات التي يحتفظ بها
المساعد الشخصي. (
المصدر)
على صعيد تطبيقات التواصل أيضا، أشار
"فيسبوك" إلى أنه يمنع المعلنين من استخدام البيانات الشخصية التي يتم
جمعها عبر الميكروفون للإعلان لكننا سنأتي لهذا الأمر لاحقا، لأن التجارب الشخصية
للمستخدمين تقول غير ذلك!
لنعد قليلا
إلى الوراء، في عام 2019 تم تسريب 1000 تسجيل صوتي تم جمعها عبر "مساعد
غوغل" إلى موقع إخباري بلجيكي، تضمنت معلومات عن مالكي الهواتف، كالعناوين،
ومعلومات أخرى، كانت كافية للعثور على أصحاب التسجيلات ومقابلتهم!
وردت
"غوغل" على التسريبات وقتها بأنها غير مرتبطة بحسابات المستخدمين، لكن
أحدهم قال للموقع الإخباري، كنت أغسل أسناني وأقرأ مقالا عن فيلم، ليظهر لي إعلان
لـ"معجون أسنان"، هل كانت صدفة؟ لا أحد يعلم على وجه اليقين. (المصدر)
وقال الموقع
البلجيكي الذي استقبل التسريبات إنه استمع إليها كاملة، بينها 153 تسجيلا حساسا
غير مرتبط بالكلمات التي توقظ المساعد، ولم يسمع فيها كلمة "Okay Google" لكنه يشير إلى أنه يبدو أن الذكاء
الاصطناعي سمع كلمات مشابهة واعتبرها كافية لبدء التسجيل.
وشملت
التسجيلات الحساسة محادثات في غرف النوم، ومحادثات بين الآباء وأطفالهم، وخلافات
عائلية، ومكالمات هاتفية تحوي معلومات حساسة وخاصة جدا.
ويقول الموقع
إن أحد التفسيرات أيضا هو الضغط على أحد الأزرار التي توقظ "مساعد غوغل"
بالخطأ.
وفسرت
"غوغل" التسجيلات المسربة بأنها تأتي في إطار تعامل الشركة مع خبراء
اللغة حول العالم من أجل تحسين التقنيات المتعلقة بـ"الكلام" من خلال
نسخ عدد صغير جدا من الملفات الصوتية لتطوير منتجات تدعم "مساعد غوغل"،
لكنها أكدت على أن التسجيلات المسربة ليست مرتبطة بأي معلومات شخصية. (المصدر)
تجارب شخصية
ونقلت هيئة
الإذاعة البريطانية عن بعض الأشخاص تجارب تجلب الدهشة، من سيدة اشتكت لصديقتها من
صداعها النصفي، لتجد في اليوم التالي إعلانا عن مجموعات لدعم مرضى الصداع النصفي.
وأخرى أجرت
محادثة مع شقيقتها حول مشكلة ضريبية، لتجد في اليوم التالي إعلانا على
"فيسبوك" من خبراء ضرائب يقدمون المشورة!
وفي محادثات
أكثر إحراجا، قال أحدهم إنه ظهرت له إعلانات عن فوط نسائية صحية، لكن ما الرابط؟..
لقد كان يتناقش مع زوجته في خلال رحلة بالسيارة عن فترات دورتها الشهرية.
ومواقع
التواصل وخصوصا "ريديت" مليئة بمثل هذه القصص التي لا يمكنها إلا أن
تتركك مندهشا مع نفي الشركات أنها تستخدم هذه التسجيلات لخدمة المعلنين، فيا لمحاسن
الصدف! (المصدر)
لكن الخبير
التقني، كريستن كولي، يقول إن التفسير المحتمل لمثل هذه "الصدف" هو أن
إعدادات الخصوصية في هواتفنا قد تكون مسؤولة عنها إلى حد ما.
ويتابع كولي
بأنه ربما يتم مزامنة الملفات الشخصية المرتبطة بهواتفنا سبق لك تصفحها، أو تلقينا رسائل إلكترونية عنها، يتم جمعها من أجل توجيه الإعلانات، والحل هنا هو تفقد
الصلاحيات التي يمنحها جهازك للتطبيقات المختلفة، والتأكد أنك لم تمنحها صلاحية
للوصول إلى المايكروفون الخاص بك. (المصدر)
كيف تستفيد غوغل من تسجيلاتنا؟
تعمل برامج
التعرف على الكلام عن طريق تقسيم صوت تسجيل الكلام إلى مقاطع صوتية فردية، وتحليل
كل مقطع صوتي واستخدام الخوارزميات للعثور على الكلمة الأكثر احتمالاً لموافقة هذا
المقطع الصوتي وتحويله إلى نص مكتوب.
تستخدم تقنيات
التعرف على الكلام برامج معقدة وشبكة عصبية قادرة على التعلم (ذكاء اصطناعي) وعليه
يتخذ البرنامج قراراته بناء على أنماط الكلام، والبرمجة، ويضع فرضيات حول
"ماذا قال المستخدم؟"، وبعد تحديد الكلمات المرجح أن يكون قالها وتحويلها
إلى نص.
إذا كنت تظن
أن العملية بسيطة عليك أن تعرف أنها عملية مقعدة جدا لكنها تحدث بسرعة البرق وبدقة
قد تضاهي دقة الأذن البشرية في التعرف إلى الكلمات. (المصدر)
لم تعد تقنيات
تحويل الكلام إلى نص أمرا صعبا، يمكنك أن تجربها بكل سهولة على هاتفك، وبلغات عدة
أيضا، يمكنك ببساطة فتح تطبيق الترجمة من "غوغل" على هاتفك والضغط على
أيقونة المايكروفون بدلا من كتابة النصوص وستلاحظ أن كلماتك ستتحول إلى نصوص في
لمح البصر.
وتوفر "غوغل"
لمطوري البرامج كامل خبرتها في هذا المجال.
وتصف غوغل
منتجاتها المتعلقة بأنها ذات دقة متطورة، وتعمل على خوارزميات ذكاء اصطناعي هي
الأكثر تقدما وقادرة على التعلم، والتعرف التلقائي على الكلام، وتتيح تحول الكلام
إلى نص، وإدارة هذه النصوص بشكل مرن، واستخدامها في التطبيقات المختلفة.. ألا
يشعرك هذا الأمر بالخوف؟!
على ماذا نوافق عندما نستخدم غوغل؟
في توضحيها
للخصوصية تقول غوغل إنها تشارك معلوماتك الخاصة في حالات قليلة، وبموافقة منك، مثل
"المعالجة الخارجية"؛ وبموجب ذلك تقدم الشركة المعلومات الشخصية إلى
الشركاء التابعين لها أو غيرهم من المؤسسات أو الأشخاص الموثوق فيهم لمعالجتها
بالنيابة عنها، ويتم ذلك بناءً على إرشادات الشركة وبما يتوافق مع سياسة الخصوصية
وأي إجراءات مناسبة أخرى متعلقة بالسرية والأمان.
على سبيل
المثال، تستعين بمقدّمي الخدمات في تشغيل مراكز البيانات وتقديم منتجاتها وخدماتها
وتحسين العمليات التجارية الداخلية لديها وتوفير المزيد من الدعم لعملائها
ومستخدمي منتجاتها.
وتستعين أيضًا
بمقدّمي خدمات لمساعدتها في مراجعة محتوى الفيديوهات على YouTube بهدف الحفاظ على السلامة العامة وتحليل
نماذج من المقاطع الصوتية المحفوظة الخاصة بالمستخدمين والاستماع إليها للمساعدة
في تحسين تقنيات التعرّف على الصوت المستخدمة في "غوغل".
وتقول الشركة
إنه يجوز لها مشاركة المعلومات التي لا تحدد هوية الشخص مع الجميع ومع شركائها،
مثل الناشرين أو المعلنين أو المطورين أو أصحاب الحقوق. فعلى سبيل المثال، تشارك
المعلومات مع الجميع لعرض مؤشرات حول الاستخدام العام لخدماتها.
وتسمح أيضًا
لشركاء محددين بجمع المعلومات من متصفّحك أو جهازك لأغراض الإعلان والقياس
باستخدام "ملفات تعريف الارتباط" أو "التقنيات المماثلة"، ولم
تذكر الشركة هنا "المقاطع الصوتية". (
المصدر)
إذا لم تكن "غوغل" فمن يكون؟!
لإثبات نظرية
الاستماع للمستخدمين، قام خبير الأمن السيبراني كين مونرو، وزميله ديفيد لودج، بتطوير تطبيق نموذجي، يطلب الوصول إلى المايكروفون، باستخدام الوظائف والشيفرات التي
يعمل عليها نظام "أندرويد" من "غوغل" لأنها الأسهل.
والنتيجة، كل
شيء تم الحديث عنه بوجود الهاتف الذي عليه التطبيق وصل إلى الحاسوب الشخصي لمونرو
ولودج على شكل نصوص واضحة يمكنهم البناء عليها وإرسال إعلانات مخصصة للمستخدمين.
واستغرقت
التجربة فقط بضعة أيام لبناء التطبيق، وتحويل الكلام إلى نصوص، ورغم أنه لم يكن
مثاليا، إلا أنه كان كافيا لتحديد الكلمات الرئيسية والمهمة في المحادثات.
الخلاصة
نعم تستطيع "غوغل" الاستماع لهاتفك بغض النظر عن كمية المعلومات التي ستصل إليها، لكنها تنفي استخدام "المقاطع الصوتية" أو استثمارها للإعلانات أو أنها تشاركها مع الآخرين.
لكن هذا لا ينفي أن تطبيقات أخرى ربما تفعل.. فإذا كنت خائفا فبإمكاننا أن ندلك على الطريقة لوقف تسجيل صوتك لكن عليك أن تضحي ببعض الميزات التي تقدمها بعض التطبيقات التي تطلب الوصول إلى المايكروفون من أجل أن تؤدي غرضها.
طريقة إيقاف
"مساعد غوغل" عن الاستماع إليك على أجهزة "أندرويد":
1- ادخل إلى الإعدادات
2- اذهب إلى "غوغل"
3- ابحث عن "Voice Match"
4- في خيار "Hey Google" قم بإلغاء التفعيل
طريقة إيقاف
"محرك بحث غوغل" عن الاستماع إليك على أجهزة "أندرويد":
1- ادخل إلى الإعدادات
2- اذهب إلى التطبيقات "Apps"
3- إنزل إلى الأسفل حتى تصل إلى "Google"
4- أنقر عليها واذهب إلى "permissions"
5- انتقل إلى الأسفل حتى تصل إلى "Microphone"
6- اضغط على "Deny"
كما يمكنك أن
تطبق الطريقة الثانية مع أي تطبيق تشك في أن لديه الصلاحية للوصول إلى المايكروفون،
ويستخدمه بطريقة غير صحيحة.
وإذا لم تفلح
الطرق الآنفة في معالجة مخاوفك من انتهاك خصوصيك، فنصيحتنا لك هي الاستغناء
تماما عن هاتفك الذكي، واقتناء هاتف "غبي" آمن.