قررت إذاعة صوت ألمانيا "دويتشة فيله" فتح تحقيقات مع 4 صحفيين يعملون في القسم العربي، بتهمة "معاداة السامية"، وذلك بسبب تعليقات مناوئة للاحتلال الإسرائيلي على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعلنت المؤسسة عن إطلاق تحقيق وصفته بالمستقل والخارجي في اتهامات تضمنها مقال لصحيفة ألمانية، ادعت أن موظفين وموظفات يعملون في القسم العربي، فضلا عن صحافيين متعاونين من خارج ألمانيا، أدلوا بتصريحات واستخدموا منصات التواصل الاجتماعي الخاصة، بطريقة "معادية للسامية".
وفي بيان، قال رئيس المؤسسة، بيتر ليمبورغ: "تمكنت دويتشة فيله من الاستعانة بكل من وزيرة العدل الألمانية السابقة، زابينه لويتهويزر شنارنبرغر، والأخصائي النفسي أحمد منصور، وهما شخصيتان معروفتان يتفق مسارهما المهني مع هذه المهمة بشكل خاص".
وقالت الإذاعة: "موظفو دويتشة فيله كافة ملتزمون بالإخلاص لقيم واستراتيجيات المؤسسة الألمانية، سواء داخليا وخارجيا".
وأضافت أن "من بين هذه القيم الاعتراف الواضح لدويتشة فيله بحق إسرائيل في الوجود، إضافة إلى الموقف الواضح ضد معاداة السامية. هذا الأمر ينسحب أيضا على الحسابات الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي"، بحسب نص البيان.
وأوردت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ"، الثلاثاء، في تقريرها أن "عددا من العاملين في القسم العربي في دويتشه فيله وكذلك أحد المتعاونين، يعمل بشكل مستقل مع المؤسسة، قد نشروا في السنوات الماضية تعليقات معادية للسامية على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام أخرى، ونُشرت تلك التصريحات على حسابات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد تم حذف بعض المنشورات في وقت لاحق".
ونقلت الصحيفة الألمانية تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي أدلى بها الصحافيون، بما في ذلك بعض تعليقات يبدو أنها تقلل من أهمية الهولوكوست أو تديم الصور النمطية المعادية لليهود.
وقامت الصحيفة بتجميد أعمال الموظفين الأربعة تمهيداً لبدء التحقيق معهم، دون أن يكون لهم حق الإدلاء بأي تصريحات لوسائل الإعلام إلى حين صدور النتائج، التزاماً منهم بمجريات التحقيق احتراماً لأنطمة العمل المعمول بها في مؤسسة دويتشه فيله.
وقال مدير عام الإذاعة الألمانية بيتر ليمبورغ: "التصريحات الخاصة التي نقلتها الصحافة عن بعض العاملين بدويتشة فيله لا تتوافق مع القيم التي نلتزم بها جميعا في المؤسسة".
وتابع: "في دويتشة فيله لدينا قواعد واضحة ضد معاداة السامية وضد أي شكل من أشكال التمييز، تنطبق على جميع العاملين، بغض النظر عن المكان وعلاقة العمل التي يرتبطون بها مع الإذاعة".
حملة تحريض ضد الإعلام الألماني
وكانت تغطية إعلامية إسرائيلية وجهت هجوما تحريضيا على الإعلام الألماني، وذلك لإفساحه المجال لظهور أصوات منتقدة لإسرائيل.
وزعم كتاب إسرائيليون حينها أن الإعلام الألماني يسمح بـ"معاداة السامية"، على الرغم من أن الانتقادات التي وجهت فيه كانت فقط لإسرائيل وليس لليهود.
وقال كاتب إسرائيلي إن "معاداة إسرائيل سلعة مطلوبة بشدة في وسائل الإعلام الألمانية، خاصة في البث العام، لأنه يجعل من الممكن نشر الآراء المعادية للسامية للجماهير، دون خوف أن أحدا ما سيتعين عليه دفع الثمن مقابل ذلك، وإذا نشأ انتقاد ما فسيكون من الممكن على الفور الدفاع عن نفسه، بدعوى أنه انتقاد مشروع لإسرائيل، وأي ربط بين هذا النقد ومعاداة السامية هو لسان فاحش من اللوبي الصهيوني".
وأضاف ألداد باك في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، ترجمته "عربي21" أن "ألمانيا تجد صعوبة بالغة في تحديد معاداة السامية، خاصة إذا كانت تأتي من الجانب اليساري في الخارطة السياسية لديها، وأكثر من ذلك إذا كانت قادمة من المسلمين، لأن القناعة السائدة بين العديد من قطاعات المجتمع الألماني أن التيار اليساري يعتبر نفسه يخوض كفاحا فطريا ضد العنصرية ومعاداة السامية، والمسلمون هم ضحايا لهذه العنصرية المرتبطة بشكل تلقائي مع تيار اليمين".
وأوضح أن "احتمال أن يخطئ اليساريون والمسلمون ضد معاداة السامية لا يمكن تصوره على الإطلاق، ولذلك فإن جهودًا كبيرة تُبذل لتجاهل هذه الظاهرة، أو إسكاتها، أو إيجاد أعذار وتفسيرات لمعاداة السامية وإسرائيل والصهيونية، لأن هؤلاء ينجحون في "تغليف" معاداتهم للسامية بعباءة معاداة إسرائيل، وبهذه الطريقة يصبحون نجومًا إعلاميين في ألمانيا".