نشرت مجلة "فورين
بوليسي" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن تدهور الاقتصاد الأمريكي خلال السنوات
الماضية بسبب سياسات الرئيس دونالد ترامب، وتوقّعت ألا يتعافى الاقتصاد بسهولة
حتى لو فاز بايدن بالانتخابات.
وقالت المجلة، في
التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه بالنظر إلى حجم السيولة النقدية في
أسواقها المالية، واقتصادها الضخم الذي يحركه المستهلكون واحتياطي العملة، تظل
الولايات المتحدة إلى حد الآن أكثر الأسواق تطورًا في العالم، لكن سياساتها تشبه
بشكل متزايد سياسات الأسواق الناشئة.
وبحسب المجلة، فإن
التجاذبات السياسية الحادّة قبيل الموعد الانتخابي الشهر القادم، والإشارات
السلبية التي يُطلقها الرئيس ترامب من خلال تمسكه بالسلطة وتشكيكه في نزاهة
الانتخابات، تلقي بظلال سلبية على الاقتصاد الأمريكي.
ووصفت ما يحدث حاليا
في الولايات المتحدة، بأنه يشبه تماما ما تعيشه الأسواق الناشئة، ويمهّد لمشاكل
اقتصادية عميقة واضطرابات اجتماعية، مثلما حدث سابقا في دول مثل تركيا ونيجيريا
والأرجنتين.
وترى المجلة أن ما
تتميز به الدول المتقدمة من مؤسسات حكم مستقرة وتنافس سلمي على السلطة واعتراف
متبادل بشرعية نتائج الانتخابات، قد يصبح جزءا من الماضي في الولايات المتحدة.
ورغم أن احتمال حدوث
حرب أهلية أو حالة عصيان مدني تبقى مستبعدة في الوقت الراهن، لكن الأمر الواضح أن
الانتخابات الرئاسية الحالية في الولايات المتحدة ستكون مختلفة عن أي انتخابات في
تاريخ أمريكا الحديث، وستؤثر بشكل عميق على اقتصاد البلاد.
مخاوف بسبب الانتخابات
في أيلول/سبتمبر الماضي،
أظهر مؤشر "فيكس" أو ما يُعرف بمؤشر الخوف، أن الانتخابات الأمريكية
القادمة تشكّل أسوأ حدث متوقع مربك لأسواق المال منذ ظهور المؤشر في 2004.
كما ينظر مديرو صناديق
التحوط أو ما يُعرف بالمحافظ الوقائية في وول ستريت، إلى الانتخابات على أنها أكبر
تهديد لاستقرار الأسواق المالية في سنة 2020.
وتقول المجلة إن
التقدم الذي أحرزه بايدن في استطلاعات الرأي خلال الأيام القليلة الماضية، أدى إلى
تقليل المخاوف من أن تشهد الانتخابات تنافسا شديدا يؤثر سلبا على أسواق المال.
لكن تطور الأحداث في
الأيام القادمة لا يزال خارج نطاق التوقعات، ويكشف انتعاش الأسواق الأمريكية بفضل
التوقعات المتفائلة بانتقال سلس للسلطة، حالة عدم اليقين التي تخيّم على الاقتصاد
الأمريكي، وهو يشبه تماما ما يحدث في الأسواق الناشئة.
سياسات ترامب
ورأت بأن السبب
الأساسي لما وصلت إليه الولايات المتحدة، يعود جزئيًا إلى استراتيجية الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب من أجل البقاء في السلطة، والتي ركزت على تأجيج الانقسامات
المجتمعية والتشكيك في شرعية الانتخابات.
وقد شهدت الولايات
المتحدة خلال الفترة الماضية حالة من عدم الاستقرار في مؤسسات الحكم، واستقطابًا
اجتماعيًا حادّا، يشبه ما يحدث في عدد من الديمقراطيات الناشئة مثل المجر أو
البلدان المهددة بالانقلابات مثل تايلاند.
وفقا لبيانات مؤسسة
"جيوكوانت"، فقد ارتفعت نسبة "المخاطر المؤسسية" في الولايات
المتحدة بنسبة 29 بالمئة في آخر 8 سنوات، وهو معدل يضاهي ما شهدته دول مثل المجر
وتايلند.
وحسب هذه البيانات،
كانت المخاطر في بداية سنة 2013، عندما بدأ الرئيس السابق باراك أوباما ولايته
الثانية، تعادل نسبة المخاطر المؤسسية في ألمانيا وكندا، ولكنها تضاهي اليوم
معدلات دول مثل أوروغواي وتايوان، وهي من الأسواق الناشئة.
كما تُظهر بيانات
"جيوكوانت"، أن المشرعين الأمريكيين أصبحوا أقل التزامًا بالقواعد وأقل
فعالية في صنع القرارات، وأصبحت الوكالات الحكومية أقل قدرة على تنفيذ تلك
السياسات. كما أصبحت الأحزاب السياسية الأمريكية أضعف وأكثر انقساما، في حين أصبح
القضاة والمدعون العامون أكثر تسييسًا.
وتؤكد المجلة أن
التفاوت الاقتصادي والاجتماعي أصبح أكثر حدّة في الولايات المتحدة خلال الفترة
الماضية، كما تدهورت مؤشرات التعليم والصحة والتنمية البشرية، وزادت مظاهر
الاستقطاب الاجتماعي، وأصبح الحلم الأمريكي بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى.
وأوضحت أن كل هذه
العوامل ساهمت في تقويض ثقة الأمريكيين في المؤسسات الديمقراطية وفي العملية
الانتخابية، وهو ما ساعد ترامب على الفوز بالانتخابات في سنة 2016، ومن المتوقع أن
تستمر هذه الحالة حتى بعد رحيله عن البيت الأبيض.
فحتى لو فاز منافسه
الديمقراطي جو بايدن وبدأت السياسة الأمريكية تعود تدريجيا إلى اكتساب خصائص
الأسواق المتطورة من جديد، فإن التيارات التي تجذب البلاد إلى الوراء لن تختفي
تمامًا، حسب المجلة، و"قد تستمر أقدم ديمقراطية في العالم في العمل وفق آليات
أحدث الأسواق الناشئة".
من هو الخيار الأفضل للصين.. ترامب أم بايدن؟
WP: إليكم أسوأ مناظرة رئاسية بتاريخ أمريكا
الغارديان: الكاظمي يحشد الحلفاء لإبقاء سفارة واشنطن ببغداد