من غير المقبول أن يقف العرب
كعادتهم السيئة مكتوفي الأيدي، وهم يرون السوريين المدنيين العزل من كبار السن
والأطفال يُقتلون ويُشردون على أيدى عصابات النظام والقوات الروسية!
نعم، دخلت تركيا في الأزمة السورية بحكم
الجوار، ولمنع الأكراد من تهديد الأمن القومي التركي، ولكن كل ما سبق لم يمنعها من
الدفاع عن السوريين، في مواقع عديدة وبعيدة عن حدودها كالغوطة وحلب وغيرها، حتى
مدينة إدلب المكتظة بملايين النازحين السوريين، والتي تدافع تركيا عنها ضد قوات
النظام والروس لو سقطت لن تهدد الأمن القومي التركي، فهي لن تقع بأيدي الأكراد،
وحتى اللاجئين المتوقع دخولهم إلى تركيا جراء سقوط إدلب، يمكن استيعابهم في تركيا
أو تصديرهم بكل سهولة إلى البلاد الأوروبية، ومع ذلك تقف تركيا بكل حزم للدفاع عن
السوريين في إدلب وجوارها، وتخاطر بجنودها وتحالفها الاستراتيجي المهم مع الروس
الذي أنشأته لمواجهة التحدي الأميركي المعلن ضد تركيا وقيادتها.
للأسف، يقف أردوغان وحيدا في معركته للدفاع عن
السوريين، وفي الوقف نفسه هو في وسط حرب باردة مع الولايات المتحدة بقيادة ترامب
من جهة، ومع بعض الأوروبيين والعرب من جهة أخرى، بسبب موقفه من الأزمة الليبية.
تعي الشعوب العربية ما يجري، وتعلم جيدا أن
الكارثة الإنسانية في سوريا استفحلت، بعد أن تخلى العرب عن السوريين لصالح بشار
وحلفائه، حتى لم يبقَ للسوريين إلا الرئيس أردوغان الداعم لموقف المعارضة السورية
في محادثات السلام وعلى الأرض لتخفيف أوجاعهم.
وفي ليبيا، تقف تركيا مع الممثل الشرعي
المعترف به دوليا «المجلس الرئاسي الليبي»، وتدعم جهود الأمم المتحدة ومبعوثها
للأزمة الليبية، للتوصل إلى حل سياسي يمهّد لقيام انتخابات حرة نزيهة، ولكن هناك
من لا يريد انتشار الحكومات الديمقراطية في الساحة العربية.
عودة للأزمة السورية والتطورات الأخيرة التي
جاءت بعد استعادة قوات المعارضة السورية لمدينة سراقب الاستراتيجية، التي تقع على
طريقي حلب-دمشق وحلب-اللاذقية الاستراتيجيين، المعروفين باسم «أم 5» و»أم 4»، من
أيدي قوات النظام بعد 21 يوما من استيلائهم عليها.
وبعد القصف الروسي الذي أدى إلى قتل عشرات
الجنود الأتراك، والتبرير الروسي بأنها لم تبلّغ من تركيا بوجودهم في مكان القصف،
طلبت تركيا من حلف الناتو اتخاذ موقف استراتيجي داعم لها في مواجهة الروس، وإلا ما
فائدة الأحلاف العسكرية، وكذلك طالبت الأوروبيين بالتدخل وإلا سيواجهون موجة كبيرة
من اللاجئين، وحسنا تفعل، فلا بد أن يتحرك العالم لينتصر لبقايا شعب قُتّل وشُرّد
في أصعب ظروف إنسانية.
ختاما: إما أن تقفوا مع السوريين ضد نظامهم
الوحشي، أو أن تتركوا مواقفكم السياسية من أردوغان جانبا، ولا تخذلوا السوريين
بخذلانكم لأردوغان ومحاربتكم له سياسيا وإعلاميا لأسباب أيديولوجية تافهة.
الخلاصة: أردوغان هو آخر المقاتلين دون شعوب
المنطقة وقضاياهم، وهو الكاشف لتخاذل بعض ساستها، لذا فإنه يتعرض لحملة شرسة لو
وجّهت لنظام بشار أو حفتر لسقطا واستفادت الشعوب، ولكنها الغيرة السياسية!
(العرب القطرية)