صرح مسؤولون بارزون من شركات دفاعية في الأيام القليلة الماضية بأن بعضا من أكبر المتعاقدين الدفاعيين في واشنطن يحصلون على أموال أكثر من أي وقت مضى من البرامج العسكرية والاستخباراتية السرية.
وهذه الزيادة في الإنفاق على برامج الدفاع السرية تأتي في وقت تدفع فيه المنافسة مع الصين وروسيا إلى موجة من الإنفاق السري، وصفها أحد المحللين بأنها «غير مسبوقة في التاريخ الحديث». وأشار الرئيسان التنفيذيان لشركتي نورثروب جرومان ورايثيون إلى نمو فاقت نسبته 10% في النشاط الاقتصادي لبرامج الدفاع السرية على مدار العام الماضي.
وصرحت كاثي واردن، الرئيسة التنفيذية لشركة نورثروب جرومان، لمحللين بقولها إن العمل «المقيد»، وهو اصطلاح يشير إلى البرامج الدفاعية السرية، شهد زيادة بنسبة تزيد على 10% خلال عام 2018. وأضافت أن هذا العمل يمثل في الوقت الحالي أكثر من ربع مبيعات الشركة البالغ 33.8 مليار دولار عام 2019. وأرجعت هذا إلى تحول في أولويات شراء الوكالات.
وصرحت واردن في مكالمة مع المستثمرين بأن «عملاءنا يتزايد تركيزهم على تهديدات النظير المتطورة متعددة النطاقات في مجالات مثل الفضاء والصواريخ الدفاعية وتلك التي تتفوق في سرعتها على الصوت. وتنامي حصتنا من العمل المقيد توضح أن عملاءنا يتوجهون إلى نورثروب جرومان من أجل الحصول على هذه القدرات».
وكان البنتاجون قد أعلن في عام 2017 أنه سيخفف تركيزه على مكافحة الإرهاب ليركز موارده على منافسة الدول المعادية في الهيمنة العسكرية، وذلك في مسعى يتضمن تطوير أسلحة جديدة متطورة والعثور على وسائل جديدة لحماية أقمار التجسس الصناعية من الضرر وتبني الذكاء الاصطناعي. وهذا المسعى استفاد من زيادة بنسبة 16% في الإنفاق الدفاعي الحكومي بين عامي 2016 و2019. ويقول محللون إن الزيادة الحالية في الإنفاق الدفاعي بدأت فعليا في السنوات الأخيرة من إدارة أوباما.
وتوصّل تحليل لبيانات الميزانية المتاحة للجمهور، قام به تود هاريسون، وهو محلل لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، إلى أن تمويل الأبحاث والتطوير السرية زادت بنحو 52% بين عامي 2015 و2020. وأضاف هاريسون: «شهدنا زيادة كبيرة في السنوات القليلة الماضية لم نشهدها منذ فترة»، واصفا الزيادة بأنها «غير مسبوقة في التاريخ الحديث».
وصرّح توماس كيندي، الرئيس التنفيذي لشركة رايثيون، بأن عمل شركته السري حقق رقما قياسيا خلال عام 2019، بعد نمو بلغ 17% في عام 2018. وأضاف أن البرامج السرية تمثل في الوقت الحالي نحو خمس مبيعات الشركة السنوية البالغة 29 مليار دولار. ووصف العمل السري بأنه «عمليات منتقاه» لشركة رايثيون، ستؤتي أُكلها في السنوات المقبلة. ومضى يقول: «بالنسبة لرايثيون، كلما زادت كمية العمل السري لدينا، أصبح مستقبلنا أقوى وزادت قدرتنا على توليد امتيازات تجارية جديدة يمكنها أن تستمر لسنوات قادمة».
وهناك تلهف شديد على البرامج السرية في صناعة الدفاع التي تكون أقل عرضة للمراقبة من الكونجرس والجمهور. والحقيقة البسيطة هي أن معلومات هذه البرامج تكون مقتصرة على طائفة صغيرة من الأفراد المصرح لهم أمنيا، ولهذا تصبح بمعزل عن أي منافسة غير مرغوبة. وأشار لورين طومسون، مستشار القضايا الدفاعية في معهد «ليكسنجتون» غير الهادف للربح، إلى أن «البرامج السرية أقل عرضة نمطيا لانتقادات من أعضاء الكونجرس ووسائل الإعلام ومن المعلقين من الخارج».
وأضاف أن اشتراطات الحصول على تصريح أمني تقلّص عادة المنافسة في مجموعة صغيرة من الشركات. وأضاف طومسون: «لا مجال لأن تنافس شركة فرنسية شركة لوكهيد مارتن للحصول على تعاقدات سرية، لأنه لن تتم إجازتها أبدا للقيام بالعمل. وربما هذا ينطبق على معظم وادي السيليكون أيضا».
وذكر مسؤولون أميركيون أن هناك مبالغة في سرية المعلومات العسكرية. فقد صرّح الجنرال جون هيتن، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، في اجتماع استضافته «رابطة القوات الجوية»، وهي جمعية غير هادفة للربح، بأننا «مسرفون للغاية في السرية لدرجة مثيرة للسخرية وبشكل لا يصدق».
ويعتقد هيتن أن السرية المسرفة قد تعرقل البنتاجون. وذكر أنه يعمل مع وزير الدفاع مارك آسبر وآخرين «لتقليص السرية إلى المستوى المعقول. وأعتقد أننا سنحقق هذا العام بعض التحسنات الكبيرة في هذا الأمر حتى يمكننا بالفعل مشاركة بعض المعلومات شديدة الأهمية مع حلفائنا ومع الصناعة».
(الاتحاد الإمارتية)