نظرا للظروف الاقتصادية الراهنة في دول الخليج، بدأ مصريون يعملون هناك منذ سنوات قليلة أو كثيرة، يعودون إلى الوطن نهائيا.
هذه اللحظة آتية حتما. المصريون هناك كانوا يتوقعونها في ظل انخفاض أسعار النفط وهبوط مداخيله بشدة، بالإضافة إلى البطالة المتزايدة بين خريجي الجامعات من أبناء تلك الدول. كيف سيبدأ المصريون العائدون مرحلة جديدة من حياتهم.
لا وظائف تنتظرهم في مصر ما عدا هؤلاء الذين أخذوا إجازات سنوية من أعمالهم. من المفترض أن يتجه العائدون إلى "البزنس" الخاص، لكن المتوقع أن الأموال التي عادوا بها لا تكفي. المعيشة في الخليج مكلفة وتستنزف جزءا كبيرا من الرواتب، خصوصا الذين كانت عائلاتهم برفقتهم، فليس أمام أبنائهم إلا التعليم الخاص وبمصاريف عالية، مع ما هو معروف من ارتفاع إيجار المساكن وفواتير الكهرباء والماء. لا أعرف كيف ستستوعبهم الدولة هنا في ظل الأحوال الاقتصادية الصعبة!
فرص العمل بالكاد إذا وجدت ستكون للشباب الذي أنهوا تعليمهم ولم يجدوا وظائف داخل مصر أو خارجها، رغم حصولهم على شهادات في الهندسة والطب والبزنس وغير ذلك من التخصصات الرفيعة، كان السفر للخليج أو العراق وليبيا ملجأ آمنا للمصريين الذين ضافت بهم المعيشة في مصر، ثم أصبحوا مصدرا للعملة الصعبة للاقتصاد المصري.
حاليا الأمور لم تعد كما كانت؛ الخليج يشكو أزماته الاقتصادية والبطالة وعدم القدرة على تشغيل نسبة كبيرة من أبنائه. لم يعد هناك مجال للسفر إلى العراق أو ليبيا بسبب المشاكل السياسية والحروب والانقسامات. ربما يتساءل البعض: لماذا تفرد مقالا لهؤلاء الذين وجدوا نصيبا من السفر والعمل والمال، وإذا واجهوا أزمة بعد العودة فهذه مسؤوليتهم؛ لأنهم لم يحسبوا حسابا لذلك اليوم وأهدروا أموالهم التي حصلوا عليها. الأولى أن تكون مهموما بالمصريين الذين لم يسافروا ولم يجدوا وظائف في مصر، وأصبحوا جلساء المقاهي؟!
عندهم جزء كبير من الحق، لكن علينا أن ندرك أن هؤلاء العائدين محملون بخبرات كبيرة اكتسبوها من العمل في ظروف أفضل كثيرا من حيث النوعية والجدية والمواظبة والشفافية، وسيستفيد منهم الاقتصاد في الداخل في حال وجدوا الأوعية المناسبة التي تستوعب الأموال التي عادوا بها، ومن الممكن أن يتحولوا إلى مستثمرين صغار، فيفتحوا بابا من فرص العمل لبعض العاطلين.
عن صحيفة المصريون المصرية