اختار الفريق سامي عنان أن يعلن ترشحه عبر الفيسبوك في كلمة مصورة
على صفحته الرسمية. باختصار اختار قوة الإعلام الجديد الذي لا يخضع للرقابة ولا
للمتنفذين. الإعلام التقليدي مترامي الأطراف في مصر مسير للدعاية للرئيس الحالي
الذي يجب معاملته كمرشح محتمل قد يخرج من منصبه بعد شهور قليلة، كما جاء في كلمة
المرشح المحتمل الثاني سامي عنان.
هذه
الملاحظة تؤكد أن تكنولوجيا إعلام الشبكات أو إعلام النت سيوفر للمرشحين المنافسين
إمكانية الوصول إلى كتل جماهيرية كبيرة، ليست بالضرورة ستتابع كلها الفيسبوك أو
تويتر، لكن من سيتابع سينقل ما سمع وشاهد إلى من لم يتابع، على طريقة الجريدة
المقروءة زمان عندما كان يقرأها شخص واحد لخمسة أو ستة من الأميين ليعرفوا آخر
الأخبار والمستجدات.
أيضا..
الإعلام التقليدي سينقل عن الإعلام الجديد كما في حالة ترشح عنان، فالقنوات
العالمية، مثل بي بي سي، وسي إن إن، سارعت على الفور لتعرض كلمته المصورة نقلا عن
صفحته على فيسبوك، وما تضمنته الكلمة وصل أيضا إلى الجمهور المصري في المناطق
النائية والأرياف عبر تلك القنوات وحتى عبر وسائل إعلام حكومية لا يمكنها مقاطعة
خبر شاهده وسمعه العالم حتى لو لم تكن تؤمن بأن "الخبر مقدس".
هذا
في 2018 وما سيحدث في الانتخابات القادمة 2022 سيكون أكثر تطورا وستتقدم وسائل
التواصل الاجتماعي لتبلغ الذروة فيما ستتأخر وسائل الإعلام التقليدية أكثر وأكثر
ولن تكون ذا قيمة كبيرة.
كلمات
السيسي في مؤتمر "حكاية وطن" لم يتابعها معظم الناس بالشكل التقليدي على
القنوات التليفزيونية، بل توبعت كمقاطع مجتزئة على وسائل التواصل الاجتماعي مرفقة
بالكومنتات سواء مؤيدة أو منتقدة مفندة، وهذا يؤثر جدا في مدى تقبل الناس لها.
عندما
تحدث مثلا عن أنه لن يسمح لأي فاسد بالاقتراب من كرسي الرئاسة، فإن المقطع جعل
كثيرين يتفاعلون ويستنبطون ما يقصده الرئيس.. وهل يملك منع أي فاسد بدون التدخل في
الدستور وتعديله خلال فترته الثانية؟!
عنان
تحدث في كلمة ترشحه عن تردي الأوضاع المعيشية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، فضلا
عن تآكل قدرة الدولة المصرية على التعامل مع ملفات الأرض والمياه وإدارة موارد
الثروة القومية، وأن ذلك نتيجة سياسات خاطئة حملت قواتنا المسلحة وحدها مسئولية
المواجهة دون سياسات رشيدة تمكن القطاع المدني بالدولة من القيام بدوره متكاملا مع
دور القوات المسلحة.
يلاحظ
أنه اختار بعناية وبدراسة مستفيضة تلك الكلمات. الأوضاع المعيشية تهم ملايين الناس
وهم يريدون أن يسمعوا ما يطمئنهم، بينما أبرزت مواقع التواصل الاجتماعي كلمة
مقتطعة للسيسي في مؤتمره الأول يقول للناس "تحملوا الضغوط الناتجة عن عملية
الإصلاحات الاقتصادية".. وقد يفهم من ذلك أن هناك المزيد من الغلاء والضرائب
ورفع الدعم. المواطن لا يهمه إنجاز العاصمة الإدارية أو مشروع الضبعة إنما قدرته
الشرائية على إحضار كيلو لحم إلى بيته!
الإشارة
إلى القطاع المدني سيغري الكثيرين من رجال الأعمال على النظر للموضوع بنظرة أخرى
تنطلق من مصالحهم. ما يهمهم هو المشاركة في الاستثمار وإسناد الأعمال إلى شركاتهم وتشغيل
قواهم العاملة في المشروعات المدنية.
اختيار
هشام جنينة وحازم حسني في فريق عنان لفت الأنظار بشدة. الأول اشتهر بمحاربة الفساد
وحوكم بسبب الكشف عن أرقامه، والثاني يملك فكرا سياسيا متقدما ورؤية عميقة حول
حقوق الإنسان والديمقراطية، وقد قوبل هذان الرجلان بردود فعل على وسائل التواصل
واعتبرهما البعض رسائل موجهة عن فترة حكم عنان إذا قدر له الفوز.
لا
شك أن بيان عنان حرك المياه الراكدة وكلماته اختيرت بعناية شديدة وأطلقت هاشتاجات
للتعبير عن آراء نشطاء مواقع التواصل في المرشحين وقدرتهم على المنافسة. ومهما تكن
فرص الرئيس السيسي هي الأفضل حتى الآن لانتخابه فترة ثانية، فإننا سنكون أمام
حملات انتخابية تكسر العظم، أي تتوجه نحو نواقص الطرف الآخر وثغراته لتنال منه
شعبيا، وستلعب وسائل التواصل الدور الأول في ذلك وليس القنوات الرسمية أو الخاصة
أو الصحف الورقية، فالمستهلك لها ولى عصره وأصبح مثل مستهلك الطرابيش!
المصريون المصرية