قبل ساعات من انتصاف الليلة الماضية، أعلن الجيش الإسرائيلي فجأة إغلاق معبر كرم أبو سالم قرب الحدود الفلسطينية المصرية الإسرائيلية، لأسباب أمنية فقط، ثم قام سلاح الجو بقصف نفق حدودي في هذه المنطقة، وبعدها طالب الجيش المستوطنين بالبقاء قرب الملاجئ.
بعد ساعات بدأت تتكشف الأخبار بأن الجيش هاجم نفقا طوله 1.5 كم، يمتد مسافة 180 مترا داخل إسرائيل، و900 متر داخل سيناء لتهريب الأسلحة والصواريخ، وقام بتفجيره، واصفا الهجوم بالاحترافي والدقيق لتدمير قدرات حماس الاستراتيجية... لقد عشنا ليلة استثنائية في قطاع غزة!
في غالب الأحيان تهاجم إسرائيل هذا النفق أو ذاك، حين يتهيأ ظرف ومبرر مناسب، كإطلاق صواريخ، وهو ما لم يقع، ما يرجح وفق التقدير الإسرائيلي فرضية أن النفق كانت فيه "أشياء" على وشك الخروج منه.
مع العلم أن هجوما من هذا النوع لم يكن ليقع لو لم يكن ما فيه هدفا مهما وغير عادي، أو أن المقاومة خططت لتنفيذ هجمات عبره باتجاه إسرائيل.
وبدا واضحا حجم الترحيب الإسرائيلي بهذا الهجوم في ظل خروج تصريحات إسرائيلية متلاحقة، من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ووزير الأمن الداخلي، فضلا عن الناطقين العسكريين، بل إن الجيش أصدر أشرطة فيديو توضيحية للهجوم، وبيانات تحريضية ضد المقاومة، وما زال قرار إغلاق المعبر ساريا حتى اللحظة، إلى إشعار آخر!
تواصل إسرائيل توجيه ضرباتها لمقدرات المقاومة، واستنزافها، بصورة أكثر من ذي قبل، وهذا هو النفق الرابع الذي يتم اكتشافه، ما يطرح علامات استفهام حول مدى قدرتها على ضبط النفس، وهي ترى مقدراتها تذهب منها يوما بعد يوم، على مرأى السمع والبصر، وفي وضح النهار، مع رغبتها الواضحة بعدم الذهاب إلى حرب ضارية قد لا تبقي ولا تذر.
في الوقت ذاته، لا تبدي إسرائيل مسارعتها للحرب ما دامت لم تنه مشروع الجدار التحت-أرضي شرق القطاع، رغم توفر تقديرات إسرائيلية مفادها أن هناك في غزة من اتخذ قرارا بأن هذا الطموح الإسرائيلي لن يتحقق.
المستجد اللافت في الساعات الأخيرة، إصدار الجيش بيانا رسميا يحمّل حركة حماس في غزة مسؤولية كل ما يحصل فيها، وما يخرج عنها، وهذه صياغة دقيقة وغير مسبوقة، فهل تفكر إسرائيل بتدفيع "حماس" في غزة أثمان عمليات المقاومة في الضفة الغربية؟
أخيرا.. ما زلنا أمام رواية إسرائيلية فقط، قد نقبلها أو نرفضها، طالما أن المقاومة لم تصدر ما لديها بعد، أو إنها التزمت الصمت، لكن الواضح أن إسرائيل تضع يدها على الزناد، ولم تغمض عينيها لحظة واحدة عن ما يحصل في غزة، تحضيرا للمواجهة الكبرى.. لننتظر!