شهد العام 2017 سيولة غير مسبوقة في الأحداث؛ فقد كان هو العام الذي غيّر انطباع العالم عن مجلس التعاون، وغيّر انطباع الخليجيين عن أنفسهم، وفيه تغيّرت علاقات الخليجيين مع الجوار الإقليمي والدولي من منظور الأزمة الخليجية.
ومع نهاية هذا العام يبدو طعم الأزمة الخليجية للبعض وقد تجاوز حدود المرارة وأمسوا على أبواب اليأس؛ فالأزمة تعيد كل يوم تذكيرنا بواقع خليجي مرير لا معنى لإنكار وجوده.
وما يزيد الطين بلة اكتفاء دراسات عدة للوساطة الكويتية بالرصد دون التحليل العميق للعلاقة بين المتغيرات في الأزمة، فبدت الوساطة وبها الكثير من مساحات الفراغ، بل وتم تصوير الجهود الكويتية وكأنها قفزات في الفراغ.
وحتى لا نغرق في المقدمات، نرى أنه من فساد القراءة السياسية أن تُؤخذ تصريحات ملتبسة وتغريدات مبهمة كشاهد إثبات على بُعد الطرفين عن التقارب، وتجاهل العديد من الشواخص الدلالية على أن طريق نهاية الأزمة يلوح في الأفق، عبر ثقافة مجالسة الخصوم التي تحدّثنا عنها في مقالات سابقة، ويتم الآن التسويق لها بعناية.
ففي القمة الخليجية التي عُقدت في الكويت في مطلع هذا الشهر، جلس وزراء خارجية طرفي الأزمة على طاولة واحدة، وأقروا جدول الأعمال ومحاور البيان الختامي لاجتماع القادة. ومن اعتقد أن عدم اكتمال حضور القادة للقمة فشل لهذا النهج، عليه أن يتذكر أن الشيخ صباح -وهو قامة سياسية لا تخطئها عين- لا يعمل في إطار الأدبيات الدبلوماسية السائدة، خصوصا أن الأزمة الخليجية الراهنة خارج تعاريف ما مر بالخليجيين من اختلاف سابق. وقد أشار سموه إلى اختلاف هذه الأزمة عن سواها في خطاب له، أشار فيه أيضا إلى أن القضية تتطلب حلولا غير تقليدية.
ففعالية مثل دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم هي استمرار لتسويق ثقافة مجالسة الخصوم؛ فقد التقى الرياضيون والإعلاميون والجماهير في مكان واحد، بل إن الشعوب الخليجية من مضيق هرمز إلى خور عبدالله قد رددت أمام شاشات التلفزيون أهازيج خليجية مشتركة ذكّرتهم بثقافة وحدة الخليج التي استمرت 37 عاما.
بالعجمي الفصيح:
لقد كان الاجتماع الجماهيري الخليجي الكبير في استاد جابر الأحمد الرياضي هو في تقديرنا الإيحاء الذي كان معتمدا، ويُراد له أن يصبح استنتاجا في النهاية، وهو أن السياسة قد تفرّق، لكن الرياضة تجمع، وأن الوساطة الكويتية التي جمعت وزراء الخارجية ستنجح في ضبط حدود الخصومة، وضبط حدود الاختلاف. وغدا سيلتقي الفنانون ثم النخب الفكرية والأدباء، وسينهار مبنى التحريض، والمتحصل التلقائي سيكون لقاء القادة.
العرب القطرية