مقالات مختارة

واشنطن والغرب لن يحاربا روسيا في سوريا

1300x600
على الرغم من العقوبات الأمريكية على روسيا، فإن الاجتماعات غير المعلنة بين الأمريكيين والروس على مستوى الخبراء والديبلوماسيين في كل من الأردن وجنيف، مستمرة حول الوضع السوري والتنسيق اللازم لتمرير هذه المرحلة.

وتشير مصادر ديبلوماسية مطّلعة، إلى أن هذه الاجتماعات لن تتوقف، لا سيما أن الطرفين موجودان في سوريا. فهناك قواعد عسكرية أمريكية، وقاعدتان عسكريتان روسيتان مهمتان (حميميم وطرطوس). وبالتالي، في المكان الذي تلتقي فيه مصالح الدولتين ستتعاونان مثلما تعاونتا في جنوب سوريا. وروسيا ارسلت شرطة عسكرية إلى تلك المنطقة ومنعت إيران و«حزب الله» من الوجود فيها، آخذت بالاعتبار أمن كل من إسرائيل والأردن.

ما يحصل بين الروس والأمريكيين من تعاون في سوريا، من المبكر لأوانه وصفه بأنه أبعد من خطوات للتهدئة، لأن الحل النهائي لا يزال بعيدا ويحتاج إلى سنوات. فمناقشة الدستور السوري الجديد تدفع روسيا في اتجاهه، إنما من غير الواضح ما إذا سيؤدي إلى كونفيديرالية أو فيديرالية موسعة.

الآن هناك خطوات تمهيدية يؤمل أن تؤدي إلى تسوية لاحقا، وهناك مناطق لا تزال مشتعلة مثل الرقة، ودور الأكراد، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخلى عنهم، أم إنها ستسمح لهم بإقامة دولة. مع الإشارة إلى أن تركيا وإيران تقفان ضد قيام هذه الدولة.

الوضع حاليا يشبه «الستاتيكو» مع تحركات لإيجاد نوع من الاختراق والتقدم في إطار حلول معينة. لكن كل ذلك في انتظار التفاهم الأمريكي - الروسي، وقد أثبت الطرفان أنهما اللذين يصنعان الحلول، مثلما تكون لهما اليد الطولى في الحروب، والوضع السوري خير دليل على ذلك.

وتفيد المصادر، أن الولايات المتحدة قد تصل إلى حلول وسط مع روسيا في سوريا. لكن كيفية هذا التعاون وكيفية جعل الروس يتوصلون معهم إلى موقف مقبول لملاقاتهم في منتصف الطريق، مسألة لا تزال غير واضحة.

ففي سوريا باتت هناك منطقة نفوذ أردنية في الجنوب، ومنطقة نفوذ تركية في الشمال، وفي دمشق ومحيطها منطقة نفوذ إيرانية يعمل «حزب الله» لاستكمالها وربطها مع الحدود اللبنانية الشرقية. إنه نوع من التقسيم إلى حين التوصل إلى حل سياسي؛ فالبلد مقسم ولا سلطة مركزية فيه، ومناطق التهدئة من شأنها تخفيف التوتر، في انتظار أن تنضج ظروف دولية وإقليمية تساهم في إرساء حل نهائي.

وتلفت المصادر نفسها، إلى أن إلغاء البرنامج الأمريكي لدعم المعارضة السورية، لا يمثل مؤشرا للحفاظ على النظام أو نفوذ إيران؛ فقد تقرر ذلك منذ الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتأكد أنه برنامج فاشل، لم يستطع أن يغير موازين القوى في سوريا، ولم يتمكن من أن يكون هدفه تقوية المعارضة، وتغيير النظام، إذ لم يؤد إلى أية نتيجة في هذا المجال. لكن الإعلان عن توقيفه الآن، جاء في إطار التسوية مع روسيا حول سوريا.

الأمريكيون ومعهم الغرب تخلّوا، بحسب المصادر، عن فكرة أنه يجب أن يغادر الأسد السلطة قبل الحل، وأنه يجب أن ينهي حكمه خلال المرحلة الانتقالية. وبات هناك قبول بدوره المؤقت على أساس أنه يجب أن يزول حكمه في النهاية؛ إذ بمساندة الروس وإيران و«حزب الله»، بات النظام يسيطر على قسم غير قليل من مناطق المعارضة.

وتؤكد المصادر، أنه ما من لحظة قال فيها الأمريكيون إنهم سيتجاهلون الروس في التسوية في سوريا. وقالوا للروس إنه إذا كانت مناطق التهدئة تتطابق مع مناطق حظر الطيران، فهم مستعدون للبحث بها. ووفقا للمصادر، ليس هناك من طرف غربي مستعد لمحاربة روسيا في سوريا. الدول تتأقلم مع الوضع السوري الراهن، مع الإشارة إلى أن الأسد لن يعود إلى المجتمع الدولي، لكن في الوقت نفسه لا توجد أدوات دولية للضغط عليه، فإذا استمر الإصرار الروسي بأن يبقى سيبقى، إنما الدول ستعمل على الموقف الروسي في المرحلة المقبلة لتغييره.

المستقبل اللبنانية