مدونات

أحلام فتى ثوري على المعاش

استعادة شعار الشعب يريد اسقاط النظام قبيل ذكرى 25 يناير في ميدان طلعت حرب- الاناضول
استعادة شعار الشعب يريد اسقاط النظام قبيل ذكرى 25 يناير في ميدان طلعت حرب- الاناضول
عشقت الأحلام منذ صغري خاصة تلك الأحلام المبهجة السعيدة، مرت سنوات الطفولة سريعة، وأقبلت أيام الشباب. زادت رغبتي في الحلم، حلمت بأشياء أكثر من رائعة لا أعرف سببا واضحا لشغفى بتلك الأحلام ؛ربما لأني أحب الأمل وأعشق التفاؤل، أو قد تكون محاولة منى للهروب من واقع بائس أعيشه أنا وأبناء جيلي. لا أخفيكم سرا أن اليأس كان ينتابني أحيانا لكنى لم أستسلم يوما، وظللت أحلم. لم تكن أحلامي كلها أنانية، فكما حلمت لنفسي حلمت لوطني، حلمت بشوارع نظيفة، ووظائف مرموقة ومجتمع متقدم وراق، ودولة قوية وأبية، ترفض الظلم، وتقيم العدل.

حلمت بصوت يسمعني، ويد تشجعني، حلمت ألا أعيش كالملايين التي عاشت وماتت تحت ظلم محتل أو استبداد حاكم أو تسلط مملوك عشقت الحرية وعلمت أنها سبيل الإبداع والتقدم. هبت في زيارة لأحد الأصدقاء طرقت الباب فتح لي صديقي بترحاب شديد، ثم فأجنى بقوله: زين العابدين هرب.

لم أشعر بنفسي إلا وأنا أحتضنه شعرت بسعادة غامرة فالمدعو زين العابدين كان القرين والمماثل لمبارك كان أحدهما يتلمس خطى الآخر في القهر والتسلط والتوريث تمنيت أن يلقى القرين مصير قرينه. اشتدت وتيرة الأحداث في مصر، وبدأ البعض يشعل النيران في نفسه معبرا عن يأس واحتقان أصاب أبناء المحروسة، لم يكن هذه المرة بسبب المحتل الغاصب، بل بسبب بني جلدتنا ممن تسموا بأسمائنا وانتسبوا إلى ديننا. اشتعلت نيران الثورة في مصر نيران أشعلتها سنوات الفقر والجهل والمرض الذي أنهك جسد المحروسة. 

بدأت أسال نفسي هل يمكن لأحلامك أيها الفتى أن تتحقق؟! مرت ثمانية عشر يوما كأنها حلم بالفعل تعالت فيها صرخاتنا في الميادين معبرة عن جيل ظمآن يريد أن يرتوي بتحقيق أحلامه ورغباته.

اكتشفت أن ملايين الشباب كان لديهم نفس الحلم. تنحى الفرعون. تنفسنا الصعداء في تلك اللحظة شعرت بأن حلمي دبت فيه الحياة وأنه أصبح أقرب ما يكون إلى الواقع.بدأنا نلمس أحلامنا، شعرنا يدفئها وحرارتها كتبناها في الشوارع، ورسمناها على الحوائط. آن لنا أن ننتشي، وآن لنا أن نفرح فما هي إلا سنوات وستصبح أحلامنا حقيقية.

لم تكتمل سنوات ثلاث إلا وأفقنا على... كابوس لقد تحول الحلم إلى كابوس مرعب ومخيف بل لم يعد حلما مرعبا وإنما أصبح واقعا ملونا بالدماء فارقتني أحلامي فمجرد تذكرها يؤلمني قررت التقاعد والتوقف عن الأحلام والتعايش مع الواقع البائس. جلست أتناول الشاي على قهوة تطل على ميدان فسيح. نظرت حولي وجدت الكثير ممن بيض الشيب رؤوسهم تتعالى ضحكاتهم وكأن شيئا لم يكن! بدأت أرتشف الشاي وقعت عيناي على حائط في الميدان مكتوب عليها باللون الأحمر "يا من قتلتم فينا كل شيء حتى أحلامنا فلم نعد نراها شكرا لكم".
0
التعليقات (0)