نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا حول ظاهرة إقبال عائلات سويدية على استقبال
أطفال لاجئين في منازلها، بعد أن أعلنت السلطات عن منح مالية تصل إلى 2000 يورو عن كل طفل، وهو ما أثار استياء كثيرين اعتبروا أن هذه العائلات تستقبل الأطفال طمعا في المنحة، ولا توفر لهم الظروف الملائمة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أعداد اللاجئين القصّر غير المصحوبين بعائلاتهم وصلت لمستويات غير مسبوقة في
السويد، حيث إنه تم استقبال 35 ألفا منهم في سنة 2015، أي بنسبة 20 في المئة من مجموع
المهاجرين الذين وصلوا إلى هذا البلد الإسكندنافي الذي يُعدّ "جنة" اللاجئين. وقد جرت العادة أن يتم توزيع هؤلاء الأطفال على مراكز إيواء خاصة بهم، ولكن مع تواصل تدفقهم بأعداد كبيرة، أصبحت هذه المراكز عاجزة عن استيعابهم.
وأضافت الصحيفة أنه في مواجهة هذه الأزمة قررت السلطات اللجوء إلى إجراء جديد، يتمثل في الاستعانة "بالعائلات المضيفة"؛ من أجل إيواء هؤلاء اللاجئين الذين ينحدر أغلبهم من أفغانستان، في مقابل مساعدة مادية شهرية يمكن أن تصل إلى 19 ألف كرونة سويدية، أي أكثر من 2000 يورو للطفل الواحد.
وأشارت الصحيفة إلى أن كثيرا من العائلات في السويد رأت في هذا الإجراء فرصة لها للكسب المادي واستغلال الأوضاع، ولم تتردد في إغراء هؤلاء الأطفال اللاجئين بشتى الطرق للقدوم والعيش لديها، حتى لو تطلب ذلك إنفاق جزء من هذه المنحة لهؤلاء الأطفال.
ونقلت الصحيفة في هذا السياق شهادة فتاة أفغانية تدعى "تاهمينا"، تبلغ من العمر 14 سنة، قالت إن امرأة من ديوان الهجرة في مدينة "أوبسال" الواقعة شمال العاصمة ستوكهولم اتصلت بها، وعرضت عليها السكن مع عائلة أخرى من أصول أفغانية، في مقابل الحصول على جزء من المنحة التي ستحصل عليها هذه العائلة من الدولة نظير استقبال هذه الفتاة.
وذكرت لوفيغارو أن صحيفة "سفينسكا داغبلادت" السويدية المحافظة فجرت الجدل حول هذا الموضوع، حين عرضت شهادات عدد من الأطفال الأفغان، الذين أكدوا أن عائلات عرضت عليهم مبالغ تصل إلى 3 آلاف كرونة، أي 320 يورو شهريا، في مقابل العيش معها، حتى يتسنى لهؤلاء الأطفال إرسال تلك المبالغ إلى عائلاتهم التي بقيت في بلدانهم الأصلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن استغلال هذه المنحة وصل ببعض العائلات إلى حد استقبال خمسة من الأطفال اللاجئين، وهو ما أمن لها دخلا شهريا يبلغ 10 آلاف يورو. وقد أثارت هذه الممارسات غضبا كبيرا لدى الرأي العام السويدي؛ بسبب الطمع والجشع الذي أبدته هذه العائلات، التي تعاني في أغلبها من ظروف مادية صعبة، ورأت في اللاجئين تجارة مربحة لتحسين أوضاعها.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزيرة حقوق الأطفال والمسنين والمساوة السويدية، أسي ريغنر، المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، عبرت عن استيائها من هذه الممارسات، وقالت: "هذا يعدّ استغلالا للأطفال، وأنا أتفهم أن العديد من المدن السويدية أصبحت عاجزة عن استقبال الأعداد الكبيرة من اللاجئين وإدماجهم، ولكنها مطالبة رغم ذلك بالقيام بعملها بشكل صحيح، ومتابعة الأطفال ومراقبتهم في محيطهم العائلي الجديد". كما تعهدت الوزيرة باتخاذ إجراءات سريعة وصارمة من أجل تعزيز مراقبة عائلات استقبال اللاجئين؛ لوقف استغلالهم من أجل المنحة الحكومية.
وقالت الصحيفة أيضا إن هذه الظاهرة لم تقتصر على منطقة "أوبسال"، حيث إنه في مدينة "مالمو" الجنوبية، التي يوجد فيها الميناء الرئيسي الذي يستقبل اللاجئين، كشف بعض السياسيين أيضا عن وجود عدة حالات لأطفال لاجئين وقعوا ضحية هذه الممارسات، حيث إنهم وجدوا أنفسهم في ضيافة عائلات لا توفر لهم الظروف الملائمة، ولكنهم في الوقت ذاته لا يتجرأون على تقديم شكاوى ومغادرة هذه المنازل؛ لأنهم سيخسرون ذلك المبلغ الذي يقومون بإرساله لعائلاتهم في بلدانهم الأصلية.