لم تكشف حركة
النهضة بعد عن المرشّح الذي سيحظى بدعمها في
الانتخابات الرئاسية المقبلة. وينعقد خلال الساعات القليلة المقبلة اجتماع مجلس الشورى الذي سينظر في مقترحين اثنين قصد الخروج بقرار يبدو مصيريا للحركة ولمكوّنات المشهد السياسي في
تونس. فعديد القوى تنتظر لحظة إعلان النهضة عن هذا القرار الذي ربّما سيُدخل على السباق الرئاسي عنصر المفاجأة أو يعطيه وجهة مغايرة لما ينتظره البعض.
وعلّل رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس الوطني التأسيسي القيادي الصحبي عتيق لـ"عربي 21" سبب تأخّر حزبه في التوصّل إلى قرار واضح والإعلان عنه في ما يتعلّق بدعم مرشّح رئاسي معيّن من بين المرشّحين الرئيسيين أو الأوفر حظّا بأنّ النهضة خيّرت إجراء سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع
المرشحين الرئيسيين خلال الأيام الأخيرة ومن ثمّ البحث عن تعاقدات مع كل الاطراف وترقّب نتائج سبر الآراء.
• حرّية الاختيار أو تحديد المرشّح
وكشف عتيق لـ "عربي 21" عن رأيين بارزين سيكونان ضمن نقاشات مجلس شورى حركة النهضة الذي ينعقد الجمعة السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر. فالرأي الأول يرى ضرورة عدم اتخاذ أيّ موقف سياسي وترك حرّية المبادرة والاختيار عند التصويت لقواعد الحركة وانصارها وعدم البتّ في الموضوع في ما يتعلّق بالدور الاول من الانتخابات الرئاسية، لكن يتمّ تحديد موقف واضح واختيار الشخصية التي ستدعمها في الدور الثاني.
أمّا الرأي الثاني فيذهب إلى ضرورة اختيار المرشّح الذي سيحظى بدعم حركة النهضة منذ الدور الاول والانخراط معها في السباق الانتخابي بالثقل السياسي الذي يضمن له الفوز منذ الدور الأوّل أو المرور إلى الدور الثاني. ولكل رأي مدعماته وحجه القوية، على حد تعبير القيادي عتيق.
• رسالة إيجابية
وحول أسباب عدم دفع حركة النهضة بمرشّح في الانتخابات الرئاسية أكّد الصحبي عتيق أن حزبه "كان ولايزال ضدّ أيّ توّغل لأيّ طرف وهيمنته على المشهد السياسي، لذلك كان لا بدّ منذ البداية انتهاج سبيل التوافق الوطني، وهو ما جعلنا لا نقدّم أيّ مرشّح لـ"الرئاسية" و ننأى بأنفسنا عن هذا المنصب"، بحسب قوله.
وأضاف عتيق قائلا: "النهضة أرادت أن تبعث برسالة إيجابية للشعب التونسي ولشركائها السياسيين بأنها لا ترغب في الهيمنة على كل المنافسات لذلك طرحت فكرة الرئيس التوافقي على أغلب القوى السياسية وهو ما عبّر عنه زعيم الحركة الشيخ راشد الغنّوشي... لقد قلنا إن رئيس الجمهورية شخصية تجمع كل التونسيين فهو من يتصدّر مركز السهر على تطبيق الدستور والمحافظة على الحريات وحقوق الإنسان، فهو باختصار موقع حسّاس وبضمانات كبيرة لذلك لم نترشّح واقترحنا إبعاد هذا المنصب عن التجاذبات الحزبية والسياسية والبحث عن شخصية وطنية توافقية..، وكان هذا في إطار مبادرة".
• ترشّح الفريخة يعنيه شخصيا
وبرّر محدّثنا موقف حركة النهضة في عدم الدفع بمرشّح للرئاسية قائلا بأنّ من يطرح فكرة رئيس توافقي ويترشّح يناقض نفسه ويفقد مبادرته قيمتها الأخلاقية ويكون ما يطرحه من رؤى في هذا السياق غير مقبول من الطبقة السياسية.
ونوّه عتيق في ختام حديثه مع "عربي 21" بموقف حركة النهضة حين تقدّم محمد الفريخة، رجل الأعمال ورئيس قائمتها في محافظة صفاقس، بملف ترشّحه للرئاسة، حيث اعتبرت في تصريحات إعلامية أنّ ترشّحه يعنيه شخصيا كما أنّه سيخوض السباق الرئاسي بصفته مستقل وليس باعتباره رئيس إحدى قائماتها. وجاء هذا الموقف بعد الإحراج الذي سبّبه رجل الأعمال الفريخة للنهضة في مواجهة مبادرتها حول "مرشّح توافقي".
• توازنات سياسية
واعتبر أستاذ القانون الدستوري والمحلّل السياسي قيس سعيّد في تصريح لـ"عربي 21" عدم ترشيح النهضة أيّ من قياداتها للانتخابات الرئاسية لا يتعلق بوضع قانوني ولكن باختيار سياسي في ظلّ قراءة للتوازنات السياسية قبل الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 تشرين الأوّل/ أكتوبر.
وأضاف الدكتور سعيّد أنّ حركة النهضة كانت تنتظر نتائج أفضل ممّا حقّقته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لذلك طرحت فكرة الرئيس التوافقي منذ الاتفاق على إجراء البرلمانية قبل الرئاسية، ثمّ الإعلان عن مواعيدها.
• المفاجأة
ولفت الأستاذ سعيّد إلى أنّ مركز الثقل في السلطة التنفيذية هو قصر الحكومة وليس قصر قرطاج، لذلك كان من بين الرسائل التي وجّهتها النهضة من خلال اقتراح الرئيس التوافقي ان يكون تشكيل الحكومة لحزب الأغلبية ويكون ساكن قصر قرطاج من غير الأغلبية. وإثر الإعلان عن النتائج الأوّلية للانتخابات البرلمانية أصبح الهدف إيجاد توازن بين رأسي السلطة التنفيذية على اعتبار أن حزب نداء تونس، الذي تصدّر النتائج، معني بتشكيل الحكومة وليس النهضة.
وأشار الدكتور سعيّد إلى أنّه قد تحصل المفاجأة بالتوصّل إلى توافق غير منتظر، "فقد يتمّ توجيه الأنظار نحو بعض الأسماء، ومن يقع استبعاده يحصل على توافق غير معلن يفاجئ الجميع...وقد يكون المرشّح التوافقي خصما لدودا أو من كان يُقَدّمُ للناس كأنّه خصم فيتحول إلى شريك في الحكم وتتغيّر كل الموازين"..!!
وختم الأستاذ قيس سعيّد حديثه مع "عربي 21" قائلا: "ربّما تشهد هذه الأيّام رسائل سياسية من الخارج ويُردُّ عليها بأخرى إيجابية من الداخل.. أعني الضغوطات التي قد تُمارس على حركتي النهضة النداء تونس وبعض الأطراف الأخرى من أجل اختيار مرشّح بعينه وفسح المجال له نحو قصر قرطاج"..!!
• 25 مرشّحا
ويتنافس في الانتخابات الرئاسية 25 مرشّحا بعد انسحاب عبد الرحيم الزواري الوزير السابق في نظام بن علي، ومحمد الحامدي رئيس حزب التحالف الديمقراطي. ومن الأسماء البارزة التي ربّما تحظى بدعم حركة النهضة نذكر محمد المنصف المرزوقي، الرئيس الحالي (مستقل)، ومصطفى بن جعفر، رئيس المجلس الوطني التأسيسي ورئيس حزب التكتّل، وعبد الرزاق الكيلاني، المحامي والوزير السابق في حكومة النهضة الأولى (مستقل)، ونجيب الشابي، رئيس الحزب الجمهوري، ومحمد الفريخة، رجل أعمال (مستقل)، وحمودة بن سلامة الوزير في بداية النظام السابق (مستقل).
ورغم أنّ السباق يضمّ مرشّحَيْن من النظام السابق، وهما منذر الزنايدي وكمال مرجان، إلاّ أنّ الباجي قايد السبسي، رئيس حزب نداء تونس، يعتبر من المرشّحين البارزين المحسوبين على نظام بن علي، للمرور إلى الدور الثاني خاصة بعد تصدّر حزبه نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة.