اعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن الجولة الثانية من مفاوضات
جنيف-2 "لم تفشل وأحرزت تقدما هاما"، فيما رأى وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الأحد أن النظام السوري أكد "عدم اهتمامه جديا بالمفاوضات" وذلك غداة فشل الجولة الاخيرة من هذه المفاوضات فيجنيف.
وقال المعلم، في الطائرة التي أقلت الوفد الحكومي المفاوض في جنيف خلال عودته إلى دمشق، أن "الجولة الثانية لم تفشل على عكس بعض التحليلات الاعلامية التي ظهرت أو ردود فعل وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا". بحسب وكالة الانياء الرسمية السورية.
وأضاف أن "الجولة الثانية أنجزت نقطة مهمة جدا بفضل وعي المفاوض السوري عندما أعلن موافقة سورية على جدول الاعمال الذي اقترحه الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي والذي يبدأ ببنده الأول ببند العنف ومحاربة الارهاب".
وتابع "المحادثات لم تفشل بل أنجزت ما كنا نطالب به باستمرار وهو جدول أعمال للحوار في اجتماعات جنيف القادمة".
ويناقض كلام المعلم ما جاء على لسان الابراهيمي السبت عندما أعلن انتهاء جولة التفاوض الثانية بين وفدي الحكومة والمعارضة في جنيف، من دون أن يحدد موعدا جديدا لجولة ثالثة كما كان متوقعا. وعبر عن أسفه واعتذاره من الشعب السوري لكون المحادثات الصعبة لم تؤد الى نتيجة.
وقال الوسيط المكلف الاشراف على مفاوضات جنيف-2 من الامم المتحدة وجامعة الدول العربية، أن سبب الوصول إلى طريق مسدود هو رفض الوفد الحكومي جدول الاعمال الذي اقترحه.
ولم تقلع المفاوضات عمليا بين الطرفين في كلا الجولتين الاوليين، لأن الفريقين يختلفان على أولويات البحث. ففي حين تتمسك المعارضة بأن البند الأهم هو "هيئة الحكم الانتقالي" التي تتمتع بكل الصلاحيات بما فيها صلاحيات الرئيس الحالية، يصر الوفد الحكومي على البحث في بند "مكافحة الارهاب" الذي يتهم مجموعات المعارضة المسلحة به. واقترح الابراهيمي بحث الموضوعين "بالتوازي".
وعن توقعاته بالنسبة إلى مضمون تقرير الابراهيمي إلى مجلس الأمن حول المفاوضات، قال المعلم "على الإبراهيمي كوسيط أن يكون محايدا (...)، وأعطى مؤشرا في مؤتمره الاخير انه سيكون كذلك"، مضيفا "كوسيط، يجب أن يكون حريصا على استمرار هذه العملية سواء في جولة ثالثة او رابعة او غيرها".
وقال "من يعتقد أنه يمكن في جلسة أن نصل إلى حل لمشكلة معقدة كالوضع في
سوريا والتي تزداد تعقيدا كل يوم بسبب التدخل الخارجي، فهو واهم".
ورأى المعلم أن "الحديث عن عدوان اميركي على سوريا حرب اعلامية نفسية هدفها الضغط على المفاوض السوري"، في إشارة الى تصريح الرئيس الاميركي باراك اوباما خلال استقباله العاهل الاردني عبد الله الثاني الجمعة أنه يريد تعزيز الضغط على النظام السوري.
وفي الأثناء اعتبر وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الأحد أن النظام السوري أكد "عدم اهتمامه جديا بالمفاوضات" وذلك غداة فشل الجولة الاخيرة من هذه المفاوضات فيجنيف.
وقال الوزير الالماني في بيان مقتضب، الأحد، إن هذا الامر "يؤكد مرة جديدة أن الرئيس السوري بشار الاسد وجماعته ليسوا مهتمين جديا بالمفاوضات".
وأضاف شتاينماير أن السلطات السورية لا تسعى "سوى الى تعزيز سلطاتها" معتبرا أن "عذابات السوريين ومستقبل البلاد لا تلقى اي اهتمام".
وشدد الوزير الالماني على أنه بات "من الضروري جدا" أن يتحرك مجلس الأمن ويعتمد قرارا يضع حدا لجرائم الحرب في سوريا.
والسبت، حمل وزيرا الخارجية البريطاني وليام هيغ والفرنسي لوران فابيوس النظام السوري مسؤولية فشل مفاوضات جنيف.
بدوره، اتهم وزير الخارجية الاميركي جون كيري الأحد نظام الرئيس السوري بشار الاسد بـ"العرقلة"، داعيا "داعمي النظام إلى الضغط" عليه ليضع حدا "لتعنته في المفاوضات ولاساليبه الوحشية على الارض".
انسحاب غالبية مقاتلي المعارضة السوريين من مخيم اليرموك (مسؤول فلسطيني)
على صعيد آخر، انسحبت غالبية مسلحي المعارضة السوريين من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق الذي يعاني من حصار خانق منذ ثمانية أشهر تفرضه عليه قوات النظام، تطبيقا لاتفاق أبرم مع الفصائل الفلسطينية، حسب ما افاد مسؤول فلسطيني بارز الأحد.
وقال مدير الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية في سوريا أنور عبد الهادي للوكالة أن "أغلب المسلحين انسحبوا من المخيم".
وأضاف "أصبح المخيم خاليا من المسلحين الغرباء ولم يبق فيه الا المسلحين الفلسطينيين الذين تم نشرهم، مع عناصر من الفصائل الفلسطينية، على مشارف المخيم لمنع عبور المسلحين الغرباء الى المخيم".
وأوضح أن المسلحين تمكنوا من الخروج عبر معابر من الناحية الجنوبية للمخيم لا تقع تحت سيطرة النظام، علما أن الأحياء الجنوبية من العاصمة التي يتواجد فيها مقاتلو المعارضة، مثل القدم والتضامن والحجر الاسود، محاصرة بدورها من قوات النظام.
وتم وضع سواتر ترابية على هذه المعابر بعد خروج المقاتلين لمنع عودتهم الى المخيم، بحسب عبد الهادي.
وقال "من المبكر التحدث عن انتهاء المعركة في اليرموك قبل الانتهاء من الوضع في المناطق المحيطة به وخصوصا في الحجر الاسود والتضامن".
وأوضح أن هذا الانسحاب يأتي "من ضمن الاتفاق الذي تم التوصل اليه في أواخر كانون الاول/ديسمبر" بين "لجنة المصالحة الشعبية" الفلسطينية التي ضمت ممثلين عن كل الفصائل الموجودة في المخيم ومقاتلي المعارضة داخله، وتم بموجبه خلال الاسابيع الماضية ادخال مساعدات غذائية الى المخيم وإجلاء مدنيين وعدد كبير من اصحاب الحالات الانسانية المحتاجين الى عناية طبية ملحة منه.
وقبل اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد في منتصف آذار/مارس 2011، كان تعداد سكان مخيم اليرموك من الفلسطينيين والسوريين يبلغ 150 الفا. ومع تمدد المعارك في صيف 2012 الى احياء على اطراف دمشق، نزح العديد من سكان العاصمة الى اليرموك، ما رفع عدد سكانه بشكل ملحوظ.
لكن المخيم نفسه سرعان ما تحول الى ساحة حرب، وانتقل إليه العديد من السوريين من حاملي السلاح ضد القوات النظامية. وشارك مسلحون فلسطينيون في القتال، بعضهم إلى جانب المعارضين، وآخرون الى جانب القوات النظامية، وعلى رأس هؤلاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة.
وتسبب الحصار الخانق على المخيم بوفاة أكثر من مئة شخص بسبب الجوع أو نقص العناية الطبية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال عبد الهادي إنه يفترض في وقت لاحق أن "تتم تسوية أوضاع" المسلحين الفلسطينيين، و"تسليم اسلحتهم وفق مبادرة وقعوا عليها".
وأشار إلى أن "وفدا شعبيا يضم اكثر من خمسين شخصية على راسهم ممثلو الفصائل الفلسطينية جال يوم امس في المخيم للتاكد من خلوه من المسلحين".
وذكر المرصد السوري أن "لجانا عسكرية تابعة لفصائل فلسطينية دخلت اليوم الى المخيم، وبدأت العمل على نزع الالغام تمهيدا لعودة الحياة الى طبيعتها في المخيم".
وقال عبد الهادي إنه سيبدأ العمل ايضا على "ازالة الانقاض واجراء الاعمال اللازمة تمهيدا لعودة الاهالي" الى المخيم.
وذكر أن "المساعدات الانسانية ستستأنف فور استكمال هذه العمليات".
وطالبت وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) السبت بالسماح لها مجددا بدخول مخيم اليرموك بعد اسبوع من تعليق عمليات توزيع المساعدات فيه.