الوضع في الشام، وخاصة العراق وسوريا، ينذر بانتكاسة وشيكة للثورة السورية ويوئد المطالب المدنية والسياسية بالإصلاح في العراق.
في الآونة الأخيرة ظهرت تنظيمات وقوى إسلامية جهادية تحمل مسميات عدة وبأعداد كبيرة وأهم هذه التنظيمات ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام "
داعش" التي تتمركز في وسط العراق، لاسيما الفلوجة والرمادي، والسيطرة على أجزاء واسعة منهما وباتت تنتشر في سوريا في ظل الوضع الأمني الذي سمح لهذه الفصائل الجهادية بالانتشار بشكل كبير.
عندما اقتحمت قوات الجيش العراق ساحة الشرفاء بالأنبار كبرى المحافظات العراقية وداهمت منازلهم واعتقلت أعدادا كبيرة من أبناء الأنبار وعلى رأسهم النائب البرلماني أحمد العلواني، شكل مجلس العشائر بالأنبار مجلسا عسكريا وتمت إعادة تشكيل الصحوات التي كانت سبب هزيمة القوات الأمريكية في العرق إبان غزوها للعراق في الفترة من 2005- 2007 وألحقت بها خسائر كبيرة لم تشهدها القوات الأمريكية منذ حرب فيتنام، وتشكيل هذا المجلس العسكري لعشائر الأنبار، يعتبر خطوة باتجاه المواجهة العسكرية وهذا القرار جاء بعد قناعة تامة من عشائر الأنبار بأن نظام
المالكي تجاوز جميع الخطوط الحمراء عندما زج بالجيش لاقتحام الأنبار وقتل العشرات من المدنيين وداهم منازلهم، أبناء العشائر يطالبون المالكي بسحب الجيش من مدن الأنبار وهذا حق أصيل ولكن هل تكتفي عشائر الأنبار بما حدث؟ أم أن الفرصة أصبحت سانحة لانتفاضة شعبية عراقية تقود باقي العشائر العراقية لتوحيد الصفوف ومواصلة العمل لاستعادة العراق وبناء دولة نظام وقانون يحكمها العراقيون أنفسهم بحرية وعدالة وديمقراطية ويحرروا العراق من نظام طائفي فاسد مستبد.
على الجانب السوري "داعش" وجدت في الانفلات الأمني في العراق وسوريا فرصة للظهور وفرض سيطرتها ميدانياً ولكن ممارساتها بفرض نفوذها على أبناء هذه المنطقة وقمع كل من يخالفها الرأي أوجد استياء شديدا من عشار الصحوات الذين رأوا أن خطر هذه الجماعات كبير ويجب ألا يتم تمكينهم من بسط سيطرتهم الميدانية وخاصة بعد الحوادث التي أظهرت بطش هذه الجماعة التكفيرية وخاصة في المناطق السورية، مما حدا بالجيش السوري الحر بالتبريء من أفعالهم وأنكر صلته أو ارتباطه بهم بأي عمل على أرض سوريا، بل وشكك الكثيرون من أن هذه الجماعات قد تكون مدعومة من النظام السوري للتغلغل بين الثوار السوريين وتصفية نشطاء الثورة الذين قد يكون الوصول إليهم صعباً من قبل جيش النظام السوري، وهذا ما يسعى بشار
الأسد لإثبات وجهة نظره التي أصبح العالم مقتنعا بها نسبياً من أن القتال الدائر في سوريا هو قتال طائفي المراد منه تشكيل دولة إسلامية في الشام والعراق.
النظام السوري لن يتوانى عن الاستعانة بأي قوى من أجل ضمان بقائه في السلطة، فقد استعان بروسيا وإيران وحزب الله في حربه ضد شعبه ومن المحتمل أن يكون قد زج بهذا التنظيم "داعش" للتغلغل بين الثوار السوريين وكشف مخططاتهم وإحداث شقاق فيما بينهم وكما يقال الحرب خدعة ونظام بشار الأسد ليس لديه ضمير أو مبدأ نزاهة في الحرب، فقد قتل الأطفال والنساء وكبار السن وقصف المدن فوق ساكنيها دون إنسانية أو رحمة.
إذا "داعش" تشكل خطرا على الثورة السورية وعبئا عليها، ويجب استئصالها قبل أن يستفحل مرضها ويحبط ما تم إنجازه ولتبقى أهداف الثورة السورية سامية بتحرير سوريا من نظام بشار الدكتاتوري ولكن الخوف من أن القتال ينقلب بين الفرقاء وينتصر فيها النظام السوري ويحصل كذلك المالكي على الدعم الأمريكي للقضاء على هذه الجماعات.
(الشرق)