بورتريه

"ساركو" من "الإليزيه" إلى السجن موشحا بالفساد (بورتريه)

ساركوزي متهم بالفساد ويحاكم بتهمة التمويل غير القانوني لحملته الانتخابية- عربي21
ساركوزي متهم بالفساد ويحاكم بتهمة التمويل غير القانوني لحملته الانتخابية- عربي21
يعتبر الرجل القوي في اليمين الفرنسي ومن الداعين إلى القطيعة مع السياسات السابقة، ويطارده القضاء الفرنسي بتهم الفساد والرشوة أثناء وجوده في شارع 55 جادة سانت أونوريه، مقر قصر الإليزيه الرئاسي في باريس.

خلق جوا قضائيا ضبابيا، وصنع تاريخا سياسيا متعفنا، يوشك أن يسجل مثل "البرلسكونية" في إيطاليا و"الترامبية" في الولايات المتحدة، بوصفها "وصمة عار في كتب التاريخ، حيث إنها خصصت المال العام لأغراض خاصة، واستخدمت الدولة أكثر مما خدمتها"، بحسب موقع "ميديا بارت".

نيكولا ساركوزي المولود في فرنسا عام 1955 لأب أرستقراطي مجري وأم ذات أصول فرنسية كاثوليكية ويهودية يونانية، تحولت أسرته إلى المسيحية لاحقا حيث عمد بوصفه كاثوليكيا ونشأ في باريس.

التحق ساركوزي بجامعة "باريس 10" حيث تخرج بدرجة الماجستير في القانون الخاص، وبعد ذلك، حصل على شهادة الدراسات المعمقة في قانون الأعمال.

وسرعان ما انضم ساركوزي، الذي وصف بأنه طالب هادئ، إلى المنظمة الطلابية اليمينية، التي كان نشيطًا فيها، وأكمل خدمته العسكرية كعامل نظافة بدوام جزئي في القوات الجوية.

بعد تخرجه من الجامعة، التحق ساركوزي بمعهد الدراسات السياسية بباري، حيث درس بين عامي 1979 و1981، لكنه لم يتخرج بسبب عدم إتقانه للغة الإنجليزية.

فيما بعد أصبح محاميا متخصصا في قانون الأعمال والأسرة، وكان أحد محامي رئيس وزراء إيطاليا سيلڤيو برلسكوني.

اظهار أخبار متعلقة


وأصبح في عام 1977 عضو اللجنة المركزية لـ"التجمع من أجل الجمهورية".

وتدرج في المناصب القيادية في الحزب حتى أصبح في عام 1998 الأمين العام للتجمع. ثم الرئيس المؤقت له.

انتخب لاحقا نائبا في البرلمان الفرنسي عام 1993 دخل على أثرها وزيرا للموازنة في حكومة إدوار بالادور، ثم ناطقا رسميا باسم الحكومة ووزير الاتصالات.

وتقلد منصب وزير الداخلية في حكومة جان بيير رافاران الأولى والثانية حتى عام 2004.

ثم أصبح كاتب الدولة في حكومة رافان ما بين عامي 2004 و2007.

ومنذ أن دخل فضاء السياسة قبل أكثر من 30 عاما وضع كل طاقته في خدمة طموحه السياسي للوصول إلى رئاسة الجمهورية.

وكانت الخطوة الأولى بالنسبة إليه في عام 2004 رئاسة الحزب الحاكم "الاتحاد من أجل حركة شعبية" الذي ورث "التجمع من أجل الجمهورية" وأسسه الرئيس الراحل جاك شيراك.

ترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية في عام 2007، وشدد "ساركو"، كما يلقبه المقربون منه، على العمل على "التغيير"، قبل أن يلطف هذا المفهوم لطمأنة مخاوف قسم من ناخبيه مستخدما عبارة "التغيير الهادئ" من أجل تبديل المشهد السياسي الفرنسي.

ركب موجة الشعوبية أكثر من مرة وغازل اليمين المتطرف، حين طرح استحداث "وزارة للهجرة والهوية الوطنية".

اظهار أخبار متعلقة


وحين كان بحاجة إلى الأصوات الليبرالية والمعتدلين كان يتخذ مواقف مفاجئة ومتناقضة، فيؤيد إشراك المقيمين الأجانب في الانتخابات المحلية أو يندد بـ"أرباب العمل الأنذال" مع اعتناقه الليبرالية.

هذا التناقض ساعده في التأهل إلى المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية بمواجهة سيغولين رويال. وتمكن من الفوز بانتخابات المرحلة الثانية بنسبة 53.2% من أصوات الناخبين بينما حصلت رويال على 46.8%، وأصبح بذلك رئيسا لفرنسا خلفا لشيراك.

ويعتبر ساركوزي أكثر ولاء للولايات المتحدة ولدولة الاحتلال من أغلب السياسيين الفرنسيين، وكثيرا ما كرر العبارات الدارجة حول دولة الاحتلال مثل أن "أمنها" خط أحمر وغير ذلك، لكنه عدل في موقفه بعد وصول بنيامين نتنياهو للسلطة حيث وصفه بأنه "كاذب" لا يثق به، وسمح بالتصويت لصالح عضوية فلسطين في عدة منظمات دولية من بينها "اليونسكو".

كما أنه تبنى سياسات صارمة مناهضة للهجرة.

وتدخل ساركوزي في الثورة الليبية حيث طالب باستقالة الرئيس الليبي معمر القذافي. وفي عام 2011، استقبل مبعوثي المجلس الوطني الانتقالي الليبي، ووعدهم بفرض منطقة حظر جوي على طائرات القذافي. وعلى اثر صدور قرار مجلس الأمن الدولي قام سلاح الجو الفرنسي بأولى الضربات ضد قوات القذافي.

ولم يتمكن ساركوزي من الفوز بولاية رئاسية ثانية بعد أن ضربت الأزمة الاقتصادية اليونان وإسبانيا وإيطاليا حيث خسر موقعه لصالح الاشتراكي فرنسوا أولاند في عام 2012، ويعتبر أولاند الرئيس اليساري الثاني بعد فرانسوا ميتران الذي حكم فرنسا ما بين عامي 1981 و1995.

وفي عام 2014، أوقف القضاء الفرنسي ساركوزي على ذمة التحقيق حول تهمة باستغلال النفوذ، وتم إطلاق سراحه بعد ذلك وتمت تبرئته.

وفتح القضاء الفرنسي تحقيقا حول تلقي ساركوزي تمويلا غير مشروع لحملته الانتخابية بقيمة 50 مليون يورو. وقال سيف الإسلام القذافي في مقابلة مع "يورو نيوز" إن ليبيا قدمت تمويلا لحملة ساركوزي الرئاسية. بالطبع نفى ساركوزي الاتهامات وتوعد بمقاضاة موقع "ميديابارت" الذي نشر الوثائق.

وقالت صحيفة "التايمز البريطانية" إن معمر القذافي دفع ما يصل إلى خمسة ملايين يورو إلى ساركوزي، مقابل عقود عمل وإعادة ليبيا إلى الساحة الدولية.

وفي عام 2019 أُحيل إلى القضاء بتهمة التمويل غير القانوني لحملته الانتخابية التي هزم فيها عام 2012، وعرفت القضية باسم "بغماليون".

وفي أيار/ مايو الحالي قضت محكمة الاستئناف في باريس بسجن ساركوزي ثلاث سنوات، اثنتان منها مع وقف التنفيذ لمحاولته رشوة أحد القضاة في قضية منفصلة ومنع من تولي أي منصب عام لمدة ثلاث سنوات.

يمكن أن يقضي مدة عقوبته في المنزل مرتديا سوارا إلكترونيا بدلا من الذهاب إلى السجن.

وسيكون صاحب الأسبقية والريادة بين رؤساء فرنسا كأول رئيس فرنسي سابق يحكم عليه بالسجن الفعلي، بعدما حكم على سلفه شيراك بالسجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ عام 2011 في قضية عمل وهمية في مدينة باريس.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، طالبت النيابة بمحاكمة ساركوزي بشأن مزاعم تفيد بأن الحكومة الليبية دعمت بشكل غير قانوني ترشحه للرئاسة عام 2007، لكن قضاة التحقيق هم من لهم الكلمة الأخيرة بشأن إحالة القضية إلى المحاكمة.

ويقول منتقدوه إن أسلوب قيادته أثناء الرئاسة اتسم بالتهور الشديد، والرغبة في الشهرة، والنشاط المفرط، بالنسبة لمنصب يتسم بالإغراق في التقاليد والفخامة.

يأخذ عليه خصومه أنه يصطاد في مياه اليمين المتطرف، فيما هو يغازل رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون الاشتراكي السابق والوسطي الحالي مبديا إعجابه بقراراته.

يبدو ساركوزي كعضو فخري في نادي "الترامبية" و"البيبية" نسبة إلى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث الفساد والتطرف واللعب على حبال المصالح.
التعليقات (1)
مصري
السبت، 20-05-2023 12:25 م
انا فرحان فيه و العدل من اسباب التقدم