كتاب عربي 21

نصيب ضعيف لحماية البيئة بالموازنة المصرية

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
أشار البيان المالي للموازنة الحكومية المصرية للعام المالي الحالي (2022/2023)، الذي بدأ مطلع تموز/ يوليو الماضي وينتهي آخر حزيران/ يونيو القادم، لبلوغ مخصصات حماية البيئة في الموازنة ثلاثة مليارات و581 مليون جنيه، من إجمالي المصروفات البالغة تريليونين و71 مليار جنيه، بنسبة 2 في الألف من مجمل المصروفات، لتمثل مخصصات حماية البيئة النصيب الأقل بين القطاعات العشرة للمصروفات، والتي تتضمن الخدمات العامة والأمن والعدالة والشؤون الاقتصادية والإسكان والمرافق والصحة والتعليم والشباب والثقافة والشؤن الدينية والحماية الاجتماعية والدفاع.

وبالمقارنة بنصيب حماية البيئة من المصروفات خلال السنوات السابقة، فقد كانت أعلى نسبة قبل سبعة عشر عاما في العام المالي 2005/2006 حين بلغت 9 في الألف، ثم اتجهت النسبة للانخفاض خلال السنوات التالية، حتى استقرت عند 3 في الألف منذ اثني عشر عاما، لتنخفض في العام الماضي وفي العام الحالي إلى 2 في الألف.

رغم أن العام المالي الحالي يشهد انعقاد مؤتمر المناخ العالمي الشهر القادم بمدينة شرم الشيخ المصرية، لكنه من الواضح في ضوء البذخ لاستعدادات المؤتمر، أن نفقات المؤتمر ليست ضمن تلك المخصصات في الموازنة.

وتوزعت مخصصات حماية البيئة في العام الحالي والبالغة 3.6 مليار جنيه، ما بين أجور العاملين في الجهات الحكومية البيئية بنسبة 42 في المائة، وشراء السلع والخدمات التي تشمل السلع والخدمات، لإدارة دولاب الأجهزة الحكومية المختصة بحماية البيئة بنسبة 35 في المائة، والاستثمارات الخاصة في التشييدات والآلات المعدات ووسائل النقل والأبحاث والدراسات بنسبة 18 في المائة.
خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة تضمن التوزيع النسبي لمخصصات حماية البيئة، تفوق نصيب شراء السلع والخدمات غالبا، والتي تتجه لقطع الغيار والمهمات والأدوات الكتابية والمياه والإنارة والصيانة، والدعاية والإعلان ونفقات الزيارات والمؤتمرات الدولية، بينما كانت الأجور تأتي في المرتبة الثانية غالبا، وظلت الاستثمارات في المرتبة الثالثة غالبا

تعدد الأجهزة الحكومية لحماية البيئة

وخلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة تضمن التوزيع النسبي لمخصصات حماية البيئة، تفوق نصيب شراء السلع والخدمات غالبا، والتي تتجه لقطع الغيار والمهمات والأدوات الكتابية والمياه والإنارة والصيانة، والدعاية والإعلان ونفقات الزيارات والمؤتمرات الدولية، بينما كانت الأجور تأتي في المرتبة الثانية غالبا، وظلت الاستثمارات في المرتبة الثالثة غالبا وإن كان نصيبها في بعض السنوات قد تخطى العشرين في المائة.

وتتعدد الأجهزة الحكومية المعنية بحماية البيئة والتي بدأت عام 1982 بإنشاء لجنة شؤن البيئة برئاسة وزير شؤن مجلس الوزراء، والتي كان من مهامها إعداد البرامج الإعلامية لزيادة الوعي البيئي لدى الهيئات والمواطنين، وبنهاية العام تم إنشاء جهاز شؤون البيئة برئاسة مجلس الوزراء، ليكون حلقة الوصل بين رئاسة مجلس الوزراء ومختلف الوزارات والجهات في مجال الحفاظ على البيئة، وفي عام 1997 أنشئت وزارة للبيئة تولى وزيرها رئاسة مجلس إدارة جهاز شؤن البيئة.

وفي عام 1983 أنشئت هيئة لنظافة وتجميل محافظة القاهرة وأخرى لنظافة وتجميل محافظة الجيزة المحافظة الثانية في عدد السكان، وفي 1994 أنشئ صندوق حماية البيئة للإنفاق على المشروعات البيئية وتمويل دراسات البيئة، وفي عام 2015 أنشئ المجلس الوطني للتغيرات المناخية، وفي نفس العام أنشئ جهاز إدارة المخلفات لتنظيم أدوار مختلف الفاعلين في منظومة إدارة المخلفات، ومنح التراخيص لهم وتحديد رسوم خدمات المخلفات للمنازل والمحلات والشركات.

وفي العام المالي 2021/2022 بلغت مخصصات حماية البيئة 2.8 مليار جنيه، ونالت هيئة نظافة وتجميل القاهرة النصيب الأكبر من تلك المخصصات بنحو مليار و475 مليون جنيه، نظرا لصدارة القاهرة في عدد السكان بحوالي عشرة ملايين نسمه، بخلاف من يفدون إليها يوميا من المحافظات لإنجاز أعمالهم.

عجز مالي بهيئات حماية البيئة

ويليها جهاز شؤون البيئة بنحو 725 مليون جنيه، خاصة وأنه تتبعه فروع في 16 محافظة، يليه هيئة نظافة الجيزة بنحو 567 مليون جنيه والتي يسكنها حوالي تسعة ملايين نسمة، بينما كان نصيب مكتب وزير شؤون البيئة 15 مليون جنيه فقط.

وتفوق نصيب الأجور داخل مخصصات كل تلك الجهات الحكومية، لتصل نسبته 64 في المائة من مخصصات هيئة النظافة في محافظة الجيزة، و42 في المائة بهيئة نظافة محافظة القاهرة، و41 في المائة بمكتب وزير البيئة، و38 في المائة بجهاز شؤن البيئة، وهو ما يعني انخفاض نصيب الاستثمارات التي توجه لشراء المعدات والآلات اللازمة لمواجهة التلوث، خاصة وأن تلك الجهات تتجه لمواجهة عدة نوعيات من التلوث منها تلوث الهواء والمياه والتربة والطرق والإشعاع.

وعزز ذلك إشارة وزارة المالية في البيان المالي لموازنة عام 2021/2022 لحدوث عجز في موازنات الهيئات الخدمية لحماية البيئة بقيمة 1.6 مليار جنيه، كفرق بين الاستخدامات البالغة 2.1 مليار جنيه والموارد البالغة 460 مليون جنيه، وتوزع العجز بواقع 1.1 مليار جنيه في هيئة نظافة القاهرة و481 مليون جنيه في هيئة نظافة الجيزة.
انخفاض نصيب الاستثمارات التي توجه لشراء المعدات والآلات اللازمة لمواجهة التلوث، خاصة وأن تلك الجهات تتجه لمواجهة عدة نوعيات من التلوث منها تلوث الهواء والمياه والتربة والطرق والإشعاع. وعزز ذلك إشارة وزارة المالية في البيان المالي لموازنة عام 2021/2022 لحدوث عجز في موازنات الهيئات الخدمية لحماية البيئة

وأشارت وزارة المالية لحدوث عجز في الهيئات الخدمية الأربع الخاصة بحماية البيئة خلال العام المالي 2020/2021، ليصل العجز إلى مليار و25 مليون جنيه في هيئة نظافة القاهرة، كفرق بين الاستخدامات البالغة 1.38 مليار جنيه وموارد 355 مليون جنيه فقط، وعجز بقيمة 440 مليون جنيه في هيئة نظافة الجيزة كفرق بين استخدامات بقيمة 531 مليون جنيه وموارد 91 مليون جنيه، وعجز في جهاز إدارة المخلفات بقيمة 295 مليون جنيه كفرق بين استخدامات بقيمة 619 مليون جنيه وموارد 324 مليون جنيه، وعجز بأربعة ملايين جنيه في الجهاز التنظيمي لمياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك.

رسوم عالية للمخلفات بالمساكن والمنشآت

ولذلك فقد تضمنت لائحة قانون إدارة المخلفات الصادرة في شباط/ فبراير من العام الحالي، تحديد رسوم شهرية على مختلف الجهات مقابل منظومة إدارة المخلفات، وذلك على الوحدات السكنية من جنيهين إلى أربعين جنيها شهريا حسب معدلات استهلاك الكهرباء، ورسم شهري على الوحدات التجارية المستقلة ومقار الأنشطة الحرة كالعيادات والصيدليات، والمكاتب الإدارية والورش الصغيرة والأكشاك والمحال التجارية، ويتم حساب القيمة حسب استهلاك الكهرباء.

وكذلك رسم شهري حتى خمسة آلاف جنيه للجهات الحكومية حسب مساحة المباني والمقار الإدارية، ورسم شهري بخمسة آلاف جنيه للمنشآت التعليمية سواء الحكومية أو الخاصة، ورسم شهري حتى عشرين ألف جنيه للمنشآت التجارية والصناعية والسياحية والمطاعم والأراضي الفضاء المستغلة للأنشطة التجارية، وشركات القطاع الخاص والمراكز التجارية والفنادق والمنشآت الرياضية من مراكز شباب وأندية، وذلك حسب المساحة وحسب التصنيف السياحي للفنادق وحسب نوع الصناعة.

ويتوقع أن تساهم حصيلة تلك الرسوم في سد العجز في جهات حماية البيئة، وزيادة مخصصات حماية البيئة في الموازنة المقبلة، خاصة وأن مخصصات حماية البيئة في موازنة العام المالي الحالي (2022/2023) والبالغة 3.58 مليار جنيه، وأقل من دعم الحكومة لرجال الأعمال بنفس الموازنة والبالغ 4.2 مليار جنيه، وأقل من دعم السكة الحديد البالغ 5.2 مليار جنيه. كما أنها لا تقارن بقيمة فوائد الدين الحكومى البالغة 690 مليار جنيه، أي أن الفوائد تمثل حوالي 193 ضعف مخصصات الحماية الاجتماعية رغم أنها لا تفيد المجتمع بشيء.

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (0)