تصادف اليوم الأحد، الذكرى التاسعة لمجزرة
الغوطة التي نفذها النظام السوري بالسلاح
الكيماوي (غاز السارين) في الغوطتين الشرقية والغربية بضواحي العاصمة دمشق التي كانت خارجة عن سيطرته بتاريخ 21 آب/ أغسطس 2013، ليزهق خنقاً أرواح نحو 1500 شخص معظمهم من الأطفال، ويصيب الآلاف بحالات اختناق.
ويأتي حلول الذكرى التاسعة للمجزرة التي مرت دون عقاب، بعد إعلان أطراف عربية إقليمية نيتها تطبيع علاقتها مع النظام السوري، وهذا ما زاد من شعور غالبية السوريين المعارضين للنظام بالخذلان من المجتمع الدولي، وسط اتهامات للعالم بأسره بـ"الصمت حيال واحدة من أكبر المجازر في التاريخ الحديث".
الصمت قاد لمجازر أخرى
وقال رئيس الائتلاف المعارض سالم المسلط إن شهقات الأطفال الأخيرة قبل أن يقضوا خنقاً لم تلق آذاناً مصغية لدى صناع القرار في هذا العالم، الذي سمح لهذه المنظومة الإجرامية أن تستمر في حكم
سوريا.
وحمل في كلمة بمناسبة ذكرى الهجوم التعاطي الدولي الضعيف والمسُتغرب مسؤولية ارتكاب النظام مجازر أخرى بالأسلحة المحرمة دولياً، مؤكداً أن "المجتمع الدولي لم يفعّل المحاسبة حتى الآن، على الرغم من إثبات لجنة التحقيق الدولية المستقلة مسؤولية نظام
الأسد عن الهجمات الكيماوية".
ووصف المسلط منهج نظام الأسد ومن خلفه إيران وروسيا بـ"الدموي والإجرامي والقائم على القتل والإرهاب والاعتقال والتغييب"، معتبراً أن "رهان بعض الدول على تغيير سلوكه مضيعة للوقت، إذ تتكرر جرائمه وجرائم داعميه في أوكرانيا بصورة مماثلة".
وطالب رئيس الائتلاف بالتحرك الفعال ضمن جدول زمني يضمن تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، وتحقيق الانتقال السياسي في سوريا، وترك المماطلة القاتلة التي تتسبب في تعميق المأساة.
ضوء أخضر
أنكر النظام السوري مسؤوليته عن ارتكاب المجزرة، لكن مصادر أممية أكدت أن الغازات الكيماوية التي استعملت في منطقة الغوطة، مصدرها مخازن جيش النظام السوري، وكذلك أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" امتلاكها أدلة على أن قوات النظام السوري وراء مجزرة الغوطة.
واقتصرت التحركات الدولية على إصدار مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 2118 الخاص بنزع السلاح الكيمياوي الذي بحوزة النظام السوري، من دون أن يتم تحميل النظام المسؤولية.
وبعد المجزرة، عمد النظام إلى استخدام الأسلحة المحرمة في أكثر من منطقة سورية، مرتكباً العديد من المجازر باستخدام الأسلحة الكيماوية، ومنها مجزرة خان شيخون في نيسان/ أبريل في 2017 ومجزرة اللطامنة في آذار/ مارس 2017.
ويقول نقيب المحامين السوريين الأحرار محمود الهادي النجار، في حديث خاص لـ"عربي21"، إن الصمت الدولي إزاء مجزرة الغوطة والتقاعس أعطى الضوء الأخضر للنظام، لارتكاب مجازر أخرى باعتراف منظمة "حظر الأسلحة الكيميائية".
وأضاف أنه "رغم ذلك ما زالت القرارات الدولية بمحاسبة هذا النظام الإرهابي طي النسيان، والتجاهل من كافة أعضاء مجلس الأمن، في تعارض فاضح مع القيم والمبادئ الإنسانية، ما يضع العالم أمام تحد أكبر"، متسائلاً: "هل مجلس الأمن وجد لحماية المجرمين الدوليين أم لتطبيق السلام الدولي؟".
من جانبه، أشار الناشط الحقوقي والسياسي المعارض فهد الموسى إلى إدانة منظمة "حظر الأسلحة الكيميائية" في نيسان/ أبريل 2021، النظام السوري واتهامه باستخدام أسلحة كيماوية خلال هجوم شنه على مدينة سراقب بريف إدلب في العام 2018.
وأضاف لـ"
عربي21" أن ذلك يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن نظام الأسد قام باستخدام السلاح الكيماوي ضد أبناء الشعب السوري، لكن بالرغم من صدور هذه الإدانة عن أعلى منظمة دولية مكلفة ومختصة بتحديد الفاعلين والمجرمين والمستندة إلى قرار مجلس الأمن رقم 2118 الذي خول مجلس الأمن فرض تدابير بموجب الفصل السابع وأكد على ضرورة محاسبة المسؤولين عن استخدامها، إلا أن أعضاء مجلس الأمن يحاولون التنصل من مسؤولياتهم الأخلاقية وعدم تنفيذ القرارات الدولية.
هل يُحاسب النظام؟
يرد الموسى بقوله، إن "قرار محاسبة نظام الأسد من عدمه عن جرائم الحرب وجرائم الكيماوي، يرتبط بالمرحلة القادمة ومصالح الدول التي تحاول تعويم نظام الأسد"، معتبراً أن "المصالحة مع النظام هي على حساب الأرواح التي أزهقها بغاز السارين".
وبحسب الناشط الحقوقي، فإنه في حال أفشل الشعب السوري هذه المخططات الهادفة إلى تعويم نظام الأسد والمصالحة معه، فلن يكون أمام الدول سوى أن تبقى على الأقل محرجة أخلاقيا أمام شعوبها وأمام الإنسانية.