صحافة دولية

معهد واشنطن: هجمات الحوثي ستدمّر سمعة الإمارات "الآمنة"

أبو ظبي- CC0
أبو ظبي- CC0

قال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إنه في الوقت الذي تحقق فيه القوات المتحالفة مع الإمارات، مكاسب في اليمن، يحاول الحوثيون تكبيد أبو ظبي تكاليف باهظة على خلفية الانخراط في المعركة.

وقال المعهد في تقرير نشره، إنه بالنظر إلى استراتيجية الاستهداف القائمة على مبدأ العين بالعين التي ينتهجها الحوثيون وتحذيراتهم في الأسبوع الماضي بشن هجوم على الإمارات، لا تُعتبر الحادثة مفاجأة بل تصعيداً.

وخلال إعلان الجماعة مسؤوليتها عن الضربات، أفادت أنها استهدفت مواقع مختلفة في الإمارات بما فيها مطارا أبوظبي ودبي بالعديد من الصواريخ والطائرات المسيرة. كما صوّرت الحادثة على أنها رد على النشاط العسكري الأخير للجماعات المتحالفة مع الإمارات في مناطق رئيسية في الصراع اليمني.

والأسبوع الماضي، وتحت راية عملية جديدة للتحالف، طردت "ألوية العمالقة" وحلفاؤها، الحوثيين من أجزاء مهمة من محافظة شبوة في الجنوب وبدأت معركتها لانتزاع أجزاء من مأرب أيضاً. ولطالما حارب الحوثيون من أجل السيطرة على مأرب التي تُعتبر محافظة حيوية غنية بموارد الطاقة وآخر معقل رئيسي للحكومة اليمنية في شمال البلاد. ولكن الانتكاسات الأخيرة التي تعرضوا لها - والتي يعزونها إلى انخراط الإمارات مجدداً في الحرب - ستجعل الاستيلاء على مأرب أكثر صعوبة.

ومنذ انسحاب الإمارات من اليمن في عام 2019، احتفظت أبو ظبي بفرقة صغيرة فقط لمكافحة الإرهاب على الأرض وادّعت عدم مشاركتها في عمليات مناهضة للحوثيين. لكن في الأسابيع الأخيرة، أفاد مسؤولون أمريكيون ومختلف المقاتلين المحليين أن أبوظبي تُكثف من جديد عملياتها الجوية ودعمها للجماعات المناهضة للحوثيين مثل "ألوية العمالقة"، التي ساهمت في تأسيسها وتمويلها في البداية.

وبعد أن لعبت دوراً أساسياً في تحرير الساحل الغربي من الحوثيين في وقت سابق من الحرب، أعادت "ألوية العمالقة" نشر عناصرها مؤخراً في شبوة في إطار ما يبدو أنه استراتيجية إماراتية-سعودية مشتركة. ويبدو، أن النجاح الذي حققته في ساحة المعركة قد أثار الحوثيين الذين اختاروا الانتقام مباشرة من الإمارات على أراضيها، على الأرجح في محاولة لإخراجها من القتال العسكري.

 

إقرأ أيضا: FT: ما أثر هجوم الحوثيين على تقارب أبو ظبي مع طهران؟

وقال المعهد إن الإمارات "تفخر بكونها بلدا آمنا وناشطا اقتصاديا في منطقة تعصف بها التقلبات. وعلى هذا النحو، فقد أظهرت عموماً عدم تسامحها مطلقاً مع الهجمات ذات الدوافع الخارجية ضد المغتربين، الذين يشكلون حوالي 90 في المائة من سكانها وذوي أهمية مركزية للاقتصاد. ويتذكر الكثيرون الحادثة المروعة التي وقعت عام 2014 لما يسمى بشبح جزيرة الريم، عندما قامت إمرأة متطرفة بطعن معلمة روضة أطفال مجرية-أمريكية حتى الموت وتم إعدامها بإجراءات موجزة بسبب ذلك.

ويمكن للهجمات المستمرة التي يقودها الحوثيون على أراضي الإمارات على المدى الطويل أن تشوه سمعتها التي دأبت على بنائها بأنها بلد آمن.

وعلى المدى القصير، فإن السؤال الرئيسي هو كيف سترد الإمارات في اليمن. وعلى الأرجح، كان القادة الإماراتيون يدركون أن الانضمام مجدداً إلى المعركة قد يستفز الحوثيين، ولا شك أنهم سمعوا الأسبوع الماضي تهديدات علنية بالانتقام. والأسئلة التي تطرح نفسها هنا، هل ستواصل أبوظبي دعم حلفائها في اليمن للتصدي بالقوة للحوثيين، وربما حتى تزيد انخراطها في محاولة لاستعادة مأرب بالكامل؟ أو هل ستتراجع تماشياً مع السياسة الخارجية الأقل تدخلاً التي أخذت تعتمدها في الآونة الأخيرة؟

وقال المعهد إن علاقة الإمارات مع إيران قد تخضع للاختبار أيضاً. فقد أجرى البلدان مفاوضات رفيعة المستوى خلال الأشهر القليلة الماضية بهدف تخفيف التوترات في المنطقة. وحالياً، يتساءل المراقبون عما إذا كان لطهران أي دور أو علم بهذا الهجوم.

فمن جهة، غالباً ما يتخذ الحوثيون قراراتهم بشكل مستقل عن إيران على الرغم من الدعم الكبير الذي تقدمه إليهم. ومن جهة أخرى، إن أي محاولات إيرانية للإنكار القابل للتصديق قد تبوء بالفشل بسبب التقارير التي تشير إلى أن كبير المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام التقى في طهران بالرئيس إبراهيم رئيسي والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني.

وتعيد طبيعة ونطاق الضربات إلى الأذهان أيضاً ذكريات الهجوم الذي استهدف منشآت نفط رئيسية في السعودية عام 2019، والذي تبناه الحوثيون في البداية، لكنه اعتُبر لاحقاً بأن مصدره من إيران على الأرجح. وبغض النظر عن ذلك، من المرجح أن تصبح علاقة طهران الوثيقة مع الجماعة التي تشن حالياً وبصورة نشطة هجمات ضد الإمارات محورية في المحادثات الإيرانية-الإماراتية إذا ما استمرت.

ولفت المعهد بأنه لا شك أن المسؤولين الأمريكيين يدرسون مسار الرحلة التي سلكتها الطائرات المسيرة والصواريخ المشتبه بها عن كثب. فعلى بعد أميال قليلة فقط من جنوب المصفح تقع قاعدة "الظفرة" الجوية التي تنتشر فيها القوات الأمريكية ومعداتها.

وسترغب واشنطن في معرفة مكان انطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ، والمسافة التي قطعتها، وما إذا تم استخدام أي أنظمة دفاع جوي.

ووفقاً لأحدث تقرير لفريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، والذي تمّ تسريبه على نطاق واسع، يزعم الحوثيون حالياً أنهم يملكون طائرات مسيرة متقدمة قادرة على قطع مسافة تصل إلى 2000 كيلومتر، مما قد يضع مطار أبوظبي الدولي ضمن مرمى نقاط الإطلاق في صنعاء. ولكن توجيه ضربة دقيقة من هذه المسافة سيبقى صعباً.

وعلى أي حال، سيشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق بشكل خاص بشأن الهجوم على مطار أبوظبي - الذي يُعتبر مركز سفر دولي غالباً ما يسافر عبره الأمريكيون أو ينتقلون منه. وبعد أن زعم الحوثيون أنهم استهدفوا المطار بطائرة مسيرة في عام 2018، قد تكون طبيعة الهجوم الأخير مقلقة بما يكفي لاستئناف المناقشات الأمريكية الداخلية بشأن تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية أو فرض عقوبات إضافية على أعضائها.

وفي غضون ذلك، قد يؤدي تكثيف النشاط العسكري للتحالف في اليمن إلى إحياء الجدل الدائر في واشنطن حول أفضل طريقة نحو المستقبل في هذا الصراع لحماية المصالح الأمريكية. وتعارض إدارة بايدن علناً العمليات الهجومية هناك، بما يتماشى مع وجهة نظر الأمم المتحدة. وفي الواقع، أعرب هانس غروندبرغ، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، عن أسفه مؤخراً لأن التحالف والحوثيين "يلجأون بصورة أكثر إلى الخيارات العسكرية".

وأضاف المعهد: "ومع ذلك، بما أن بعض المسؤولين والمحللين الأمريكيين خلصوا إلى أن الحوثيين لا يريدون التفاوض، فقد يعتبرون حتماً أن الخيار العسكري هو وسيلة لمنع اليمن من الوقوع تحت سيطرة الجماعة - ولا سيما إذا كانت الحملة المذكورة بقيادة الإمارات.

ومع ذلك، فإن أي خيار من هذا القبيل لا يتوافق مع السياسة الأمريكية الحالية. وإذا اختارت أبوظبي مواصلة التدخل في الصراع اليمني، فمن المرجح أن يكون لانخراطها تأثير كبير على مسار الصراع على المدى القريب، وقد تواجه إدارة بايدن ضغوطاً متجددة بشأن سياستها الدائمة.

ورأى المعهد أن الهجوم ضد الإمارات سيؤدي إلى إحياء أسئلة سابقة حول ما إذا كان يجدر بالولايات المتحدة حماية حلفائها الخليجيين من قذائف الحوثيين، وكيف يمكنها القيام بذلك في الوقت الذي تعارض فيه عملياتهم الهجومية في اليمن. في الوقت الذي دأبت فيه إدارة بايدن على التعاطي بحذر مع السعودية حيال هذه المشكلة لبعض الوقت، وقد تضطر الآن إلى القيام بالمثل مع الإمارات.

التعليقات (0)