أخبار ثقافية

كتب بطعم الكورونا.. "كوابيت14" و"مدن وتوابيت"

جرثومة لا ترى بالعين قلبت موازين القوى في العالم- الأناضول
جرثومة لا ترى بالعين قلبت موازين القوى في العالم- الأناضول

"ماذا فعلت بنا الكورونا؟ وكيف سيكون العالم بعد الكورونا؟". جرثومة لا ترى بالعين قلبت موازين القوى في العالم، عدو لا يمت إلى البشرية بصلة ما زال يتربص بنا، متحصنا بغموضه الذي يشبه حاضرنا ومستقبلنا".

"حفارات وجرارات عملاقة تشتغل ليلا، وجثث تسافر دون وداع، لا إنسان بعد اليوم، سوى إنسان جديد أعلن قدومه، حاملا معه أنانيته، متجملا بقبحه، معترفا بأنه دون مقام الحيوان، لا إنسان بعد اليوم، لا حاجة للأدب والتاريخ والفلسفة، بل إلى السلعة دواء ولقاحا منتظرا".


تلك هي مناخات الكتابات في زمن السيد كوفيد التاسع عشر.. أربعة كتب تونسية تفاعل أصحابها مع الوباء بأشكال إبداعية متنوعة:

الكوفيد 19 بمشرط 26 شخصية

ماذا فعلت الكورونا؟ وكيف سيكون العالم بعد الكورونا؟


دونت رشا التونسي شهادات 26 مفكرا وفنانا ومثقفا تونسيين من مشارب عديدة وجمعتها في كتاب صدر عن "ميديا كلوب للنشر" بعنوان "العالم ما بعد جائحة الكوفيد 19: رؤى تونسية"..


دونت رشا في مقدمة الكتاب: 


"هذا الكتاب ليس بحثاً علمياً عن الكوفيد 19، ولا يطمح إلى كشف خفايا الجائحة، ولا إلى استشراف المستقبل. فقط هو تصورات رحبة الآفاق يشارك في طرحها لفيف من أصحاب الرأي، تجيب عن أخطر سؤال: ماذا فعلت بنا الكورونا؟ وكيف سيكون العالم بعد الكورونا؟".

جرثومة لا ترى بالعين قلبت موازين القوى في العالم، عدو لا يمت إلى البشرية بصلة ما زال يتربص بنا، متحصنا بغموضه الذي يشبه حاضرنا ومستقبلنا.


ومن بين الذين تصدوا للموضوع نذكر: فتحي التريكي والهادي التيمومي وحمادي الرديسي وأم الزين بن شيخة ولطفي عيسى.


الكورونا جعلت من العلاقات الحميمة معضلة، فلم تعد للحبّ طقوسه. أصبح العناق خطراً والقبلة محرمّة. الحّب يحمل الوباء والمحبة مشبوهة. الأم لا تقبّل أولادها والأحفاد لا يعانقون الجد والجدة. الحب والحنان لم يعودا سر الحياة.

الأكثر إيلاماً هو تحديد السنّ العمرية، أصبحت وكأنها محل تساؤلات:


متى تبدأ الشيخوخة؟


متى يصبح المسن عالة على المجتمع ولا محل له من الوجود في العائلة؟ 


هل يمكن أن يُترك المسن للكوفيد في ما يشبه عملية القتل الرحيم؟ 


هل هناك اختلاف في الحق في الحياة؟ 

الحيوات ليست لها نفس القيمة ونفس الأهمية. المسن يعتذر عن وجوده مثل أغنية جاك بريل:
"المسنون سترونهم ربما، سترونهم أحياناً، يعبرون الحاضر، معتذرين لأنهم ما زالوا هنا، لأنهم لم يرحلوا بعد بعيدا".


الحياة لن تكون كما كانت، ونحن مدعوون لإعادة اكتشاف العاطفة من جديد.

"يوميات الكورونا"

امتدت يوميات الكورونا لحسونة المصباحي من 14 مارس إلى 3 ماي 2020 أي قرابة الشهر والنصف أي يومًا بيوم تقريبا، عدا بعض الفراغات القليلة التي توقّف فيها الكاتب عن التدوين.

على امتداد شهر ونصف الشهر، كان المصباحي في رفقة عشرات الكتاب من ريجيس دوبريه، وزفايغ وسيوران. كان الكاتب يستعرض كل ما قرأه، ويستحضر حكايات مع، وحول كتاب عرب وغربيين، ويفتح أقواسا للحديث عن شعراء وأحوالهم، وبعض المحاور الأدبية كالمبدع والريف والمدينة، يتخللها حديث عن مشاهدات لأفلام الوسترن التي يعشقها مشفوعة بوجبة "كسكسي" بلحم الخروف...

المصباحي "خيب انتظارات القراء" الذين غرهم العنوان فبحثوا عن أجوبة لأسئلة محيرة:


ما هي رؤية الكاتب الفكرية والثقافية للعالم بعد انتشار فيروس "كوفيد-19" كالنار في الهشيم؟ وما هي مواقفه من الإنسانية بعد الكورونا؟

رأى البعض أن صاحب "يوميات الكورونا" أخل بالهدف الأساسي لها وهو نقل مناخات هذا الوباء، والخوف والتوجس من هذا الفيروس والمجهول الذي ينتظر البشرية.

ونسوا أن "الكاتب عندما يكتب عن زمن ما - كالكورونا موضوع الحال- فإننا لا ننتظر منه معلومات عن المرض، بل أن نقرأ ماذا كان يفعل وقتها في عزلته، وبماذا كان يفكر".


 

 


" كوبيت 14"

جاءت رواية "كوبيت 14" للصحفي صابر سميح عام، في 120 صفحة، على امتداد أكثر من 14 عشر يوما يرافقنا صابر بن عامر في كتاب قسمه إلى ثلاثة فصول: "يوميات عائد من مصر" و"بعض من لبنان" و"أبو ظبي، أرجوحة الذكريات".

لولا كوفيد-19 لما كان هذا الكتاب، الذي فرضه الحجر السرّي، الذي ألزم الكاتب نفسه به طيلة 14 يوما، إثر عودته من زيارته الأخيرة لمصر (مارس 2020).

وبأسلوب ساخر يقول: "تعلمت واكتشفت في يومي السادس من الحجر الصحي أن علبة التبغ الأمريكية التي تعودت على تدخينها بات سعرها 5 دنانير تونسية وخمسمائة مليم، بركاتك يا كورونا. وفي ظهر اليوم ذاته تعلمت من خطاب رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، أن كلمة آفة مرادفها في العربية الجائحة أو الوباء. اللهم زدنا علما".

هل كوبيت 14 رواية؟ يجيب صابر سميح عامر: "نعم إنها ثاني رواية لي بعد "مانيفستو أيوب".


بل هي مذكرات صحفي ثقافي تنقل بين عدد من المدن في مهمات صحفية، يقول صوت الناقد، إن "المذكرات أخذت من الفن الروائي بعض خصائصه مثل الاهتمام بالتفاصيل، وتنوع أنسجة النص، وتعدد الشخصيات، وتركيز الكاتب على شخصية محورية، ووصف الأمكنة".

كشف هذا النص - الذي هو إلى أدب الرحلة أو مذكرات صحفية أقرب منه إلى الرواية - عن بعض الجوانب المهمة في نص صابر سميح عامر، هو نص حميمي وعفوي، انسيابي يراوح بين عفوية النكتة.

يتحسر الكاتب لأنه لم ير من مصر غير "المطارات والتاكسيات وغرف النزل والمستشفيات". لم يكتشف مصر التاريخ والتراث بسبب لعنة الفراعنة التي زرعت فيروس الكورونا، توقف مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الذي سافر الكاتب لتغطية فعالياته.

القاهرة ولبنان و"أبوظبي" مناسبات سخر الكاتب خلالها من جهله بأصول "الإيتيكات"، في المطار وعلى متن الطائرة، وفي النزل الفخمة.

 


 


"مدن وتوابيت"

"مدن وتوابيت" عنوان رواية للكاتب مصطفى الكيلاني. الرواية التي جاءت في فصل واحد وتحتل 90 صفحة، نَصٌّ سَرديٌّ مٌسترسِل طريف كأنه جملة واحدة، لا فواصل ولا نقط، ولا استفهام. وحدها نقط التعجب سجلت حضورها، في أجواء كلها عجب.

هي رواية تجريبيّةً بامتياز، فرض عليها وباء الكورونا أن تنسجم مع أجوائه القاتمة التي تقطع الأنفاس، لا مجال للراحة أو التنفس. هذه الرواية واحدة من التجارب التي تأقلمت مع الوباء، لأن الكتابة زمن الرخاء تحتاج إلى مناخات وروح وأسلوب لا تفل في الكوفيد وقصفه الشديد:

"يا لضآلة الإنسان، يا لمحدودية اللغة في كتابة الصدفة، في كتابة الكارثة"..

"َما الّذِي يُمْكن إضافتُه وهذا الهَلاكُ يُحِيطنا مِن كُلّ صَوْب، إلى مَتى نَمُوتُ بِلا رَأفَةٍ ويَسْتَطْعِمُنا الردى؟
أية إنسانية عفرت في التراب ونالتها إهانة البحث عن الغذاء؟"..

يستحضر الكاتب تجار السلاح، والحكومات الذليلة، وتجار الأعضاء البشرية، والمخدرات، ومخططي الحروب الجرثومية القادمة، وجسده مفتوح على الموت، حفارات وجرارات عملاقة تشتغل ليلا، وجثث تسافر دون وداع، لا إنسان بعد اليوم، سوى إنسان جديد أعلن قدومه، حاملا معه أنانيته، متجملا بقبحه، معترفا بأنه دون مقام الحيوان، لا إنسان بعد اليوم، لا حاجة للأدب والتاريخ والفلسفة، بل إلى السلعة دواء ولقاحا منتظرا. إنسان هوبز يجن وإنسان روسو ينتحر، وقابيل يعيد قتل هابيل، تجار الخدمات الطبية يستأسدون.


التعليقات (1)
نسيت إسمي
الخميس، 09-09-2021 10:16 ص
'' العالم ما بعد كورونا '' في هذا المقال سنتحدث عن عالم ما بعد كورونا ، فالكثير يتساءل ماذا بعد كورنا و كيف سيكون العالم ما بعد كوفيد 19 . في خريف عام 1918 ، و بعد أيام من تراجع الموجة الثانية من الإنفلونزا الإسبانية و التي كانت الأكثر إبادة للبشر ، ظهر فيلم تشارلي تشابلن الجديد '' أسلحة الكتف '' ، و دعا المسرح الرئيسي في مدينة نيويورك الناس لحضور الفيلم ، بينما العالم خارج المدينة مازال يعزل نفسه في غرف الحجر المنزلي . و بالفعل تدفق الناس و حضروا عرض الفيلم ، و رحب بهم مدير المسرح هارولد إيدل و اعتبر في كلمته أن '' ما هو أعظم من هذا الفيلم هو حضور الناس و هم يحملون أرواحهم على أكفّهم '' ، كما جاء في كتاب ( Pale Rider ) للباحتة لور سبينى . ما حصل بعد ذلك ، أن مدير المسرح مات بعده بأسبوع إثر إصابته بالانفونزا الإسبانية نفسها ، ثم ضربت هذه الانفلونزا موجتها القاتلة الثالثة و التي امتدت حتى منتصف العام 1919 . و على الرغم من ذلك ، فإن ما حصل بعد إنتهاء هذه الانفلونزا هو أن الناس عادوا لارتياد المسارح و دور السينما و المطاعم و المباريات الرياضية بذات النمودج السابق ، بعد أن كانت بعض الآراء ترهن على تغير في هذه الأعمال . و ما حصل بعد الإنفلونزا الإسبانية ، هو بالضبط ما حصل بعد انتهاء المقاطعة العربية لتصدير النفط إلى دول الغرب بعد حرب أكتوبر / تشرين الأول 1973 ، فقد كانت يومها '' أزمة '' اضطرت الكثير من الموظفين الأميركيين للعمل من المنزل على الرغم من صعوبة هذا الأمر في ظل عدم توفر الإنترنت ، غير أنه كان الحل الأمثل لتوفير الوقود الذي بات شحيحاً . و ما إن عاد النفط للتدفق حتى عادت الأعمال كما كانت ، على الرغم من أن الأصوات كانت تتعالى . ( الرأي ) و لكن ربما يحدث زعزعة في أوساط فئة ليست بقليلة من مجموع ما يحتاج للخدمات هل كلهم يتقن التعامل مع التقنيات و تتوفر لديهم مقومات العمل التقني بنفس الجودة .. لذلك مبدأ العدالة و المسؤولية يكون حاضراً في مثل هكذا قرارت يجب أن تدرس جيداً قبل التطبيق .. مع تعميم التقنيات و التقنية في كل مناحي الحياة .. دون تسلب إنسانية البشر و عزلهم عن التواصل الاجتماعي الفعلي . شكراً للكاتب حمود المحمود .

خبر عاجل