مقالات مختارة

حان الوقت لتجريب وسائل أخرى مع إثيوبيا

عماد الدين حسين
1300x600
1300x600

سؤال: إذا كانت إثيوبيا رفضت طوال عشر سنوات أن توقع على اتفاق قانوني وملزم لإدارة وتشغيل سد النهضة مع مصر والسودان.. فما الذي سيجعلها تقبل ذلك في الفترة المقبلة؟


نحن جربنا منطق التعاون والتفاوض وحسن النية والجيرة والأخوة طوال السنوات العشر الماضية، لكننا لم نصل إلى نتيجة، فما الذي يجعلنا متفائلين بتغير هذا الأمر؟


أمريكا أكبر وأقوى دولة فى العالم توسطت هي والبنك الدولي وجمعت الأطراف الثلاثة في مفاوضات لشهور طويلة، ثم توصلوا إلى اتفاق، ووقعت عليه مصر، لكن إثيوبيا هربت كالأطفال في اللحظة الأخيرة، في بدايات عام ٢٠٢٠ ورفضت التوقيع، في حين تحفظ السودان على الاتفاق، وكان ذلك في زمن حكم عمر البشير وقبل سقوطه، بفترة قليلة.


إذا كانت أقوى دولة والتي لها مصالح كبرى مع إثيوبيا، لم تنجح فى إقناعها بالتوقيع على الاتفاق، فما الذي يجعلنا متفائلين بأن يساهم أي ضغط دولي جديد في تليين موقف أديس أبابا.


وإذا كانت أوروبا بكل علاقاتها الاقتصادية والثقافية مع إثيوبيا غير قادرة على أن تنقل لها حتى تجربتها في إدارة الأنهار المشتركة داخل أوروبا، فما الذي يجعلنا نراهن على ما يسمى المجتمع الدولي المنقسم بشدة في هذه القضية وغيرها من القضايا الإقليمية أو الدولية؟!


وإذا كانت مصر قد قدمت كل النوايا الطيبة وذهب الرئيس السيسي إلى البرلمان الإثيوبي وقال لهم نحن نؤيد حقكم في التنمية، وحقكم فى بناء السد، لكن بشرط ألا يتسبب ذلك في إحداث ضرر جسيم لنا لا يمكن تحمله، إذا كان فعل ذلك فما الذي يمكننا أن نضيفه؟!


الإعلان الإثيوبي الرسمي قبل أيام ببدء الملء الثاني ثم الإعلان عن اكتماله، لا يعني إلا شيئا واحدا وهو أن إثيوبيا لا تريد الالتزام بأي تعهدات لمصر والسودان، وتتصرف في الأمر، وكأن نهر النيل الأزرق بحيرة داخلية إثيوبية، كما زعم وزير الري الإثيوبي سيلشي بيكلي قبل عام كامل عقب انتهاء عملية الملء الأول، والتي تمت أيضا بصورة أحادية.


إثيوبيا ظلت ترسل رسائل ودية معسولة في السنوات الأولى، وحين شعرت أنها تمكنت، بدأت تتصرف على حقيقتها وتكشف عن نواياها الشريرة.

 

والآن كشفت أكثر عن وجهها الخبيث، بل إن بعض مسئوليها لا يتورعون عن التلميح إلى إمكانية بيع مياه النيل بزعم أنها ثروة خاصة بهم.


التصرف الإثيوبي الأخير، يعنى أنها اختارت بوضوح طريق التصعيد وترفض التعاون، وتصر على السير في هذا الطريق الوعر.


إذا كان هناك ما يسمى بمجتمع دولي حقيقي، فعليه أن يتحرك بقوة وبسرعة لإقناع إثيوبيا الآن بأن طريقتها هي أسهل وصفة للتصعيد والتوتر في المنطقة، وأن يتصرف بطريقة مختلفة، عما فعله في جلسة مجلس الزمن يوم الخميس قبل الماضي.


القضية باختصار أن إثيوبيا تريد أن تدشن طريقة جديدة في علاقتها مع مصر الآن ومستقبلا تقوم على التصرف كما يحلو لها في مياه النيل.


ولا نستبعد منها أن تفعل ما هو أسوأ في المستقبل، ليس فقط ببيع المياه، لمن يريد بل أن تقلدها بقية دول حوض النيل الأبيض.

 

ليس عيبا أن نطرق كل الأبواب السياسية والدبلوماسية، وأن ننقل وجهة نظرنا لكل بلدان العالم خاصة القوى المؤثرة فيه إقليميا ودوليا، لكن وكما قال السفير سامح شكري فإنه لا يمكن أن تستمر عملية التفاوض إلى ما لا نهاية، وأن تدرك إثيوبيا أن مصر تعني ما تقوله فعلا حينما تؤكد أن كل الخيارات واردة ومطروحة.


وقف الغطرسة الإثيوبية لا تعني بالضرورة إعلان الحرب. هناك عشرات الطرق التي يمكن أن تحقق ما تحققه الحرب بالضبط بل وربما بأقل تكلفة ومن دون ضجيج ومن دون إثارة الرأى العام الدولي والأفريقي.


حان الوقت أن تكون هناك وسائل أخرى، تجعل إثيوبيا هي التي تضغط علينا، كي نوقع معها اتفاقا قانونيا وملزما، لملء وتشغيل سد النهضة والحفاظ على حقوقنا المائية.

 

عن الشروق المصرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل