هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة، اغتيال المصور اللبناني "جوزيف بجاني" برصاص مسلحين مجهولين، أمام منزله في بلدة "الكحالة" شرقي العاصمة بيروت صباح أمس الاثنين.
وقال المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف في بيانٍ صحفي اليوم، أرسل نسخة منه إلى "عربي21"، إنّ فريقه الرقمي اطلع على مقطع فيديو مصور من كاميرا مراقبة قرب منزل الضحية، أظهر تقدم مسلحين اثنين نحو مركبة الضحية فور إغلاقه باب المركبة من جهة مقعد السائق، ليفتح أحدهما الباب ويطلق على الضحية نحو 4 رصاصات قاتلة من مسافة الصفر، ثم عبث بمحتويات الضحية واستولى على هاتفه المحمول قبل أن يغلق باب المركبة ويلوذ هو ومساعده بالفرار من المكان.
وعقب ذلك، نُقل "بجاني" إلى مستشفى "السان شارل"، ليُعلَن عن وفاته، فيما حضرت الأجهزة الأمنية إلى مسرح الجريمة قرب منزل "بجاني" وأغلقت المنطقة لجمع الأدلة.
ووفق متابعة الأورومتوسطي، فإن "بجاني" يعمل في شركة اتصالات محلية، كما أنه عمل لنحو 15 عامًا في مجال التصوير العسكري لدى الجيش اللبناني قبل أن يستقيل في وقت لاحق من هذا العام، إذ كتب حينها في حسابه على فيسبوك: "بعد 15 سنة تصوير، وتركيز على التصوير العسكري بلبنان والخارج، بخاصة لإظهار صورة التقدم، القوة، وصورة الحضارة للجيش اللبناني للخارج، قرّرت اليوم اعتزال التصوير العسكري بلبنان. الواحد بدّو يترجاهن تيصوّرن، وبس يروح تيصوّر بحسّ حالو إرهابي. استروا ما شفتوا منّا. خلّونا نصوّر يلي بقدِّر".
واطلع الأورومتوسطي على إفادات لأهالي بلدة "الكحالة" عبّروا فيها عن غضبهم من الجريمة من خلال الاعتصام أمام كنيسة البلدة وقطع الطريق العام، إذ قال أحد الأهالي: "تعودنا على أن تمّر الجريمة مرور الكرام، نعتصم هنا حتى لا تمرّ هذه الجريمة كغيرها دون مساءلة أو عقاب. من غير المعقول أن يقتل شخص مسالم لم يقترف أيّ جرم بهذه الطريقة المؤسفة. أصبحنا بلدًا مستباحًا بفعل هذه الجرائم المتكررة. نطلب من الأجهزة الأمنية كشف حيثيات الجريمة بأقرب وقت ممكن حتى لا تنزلق الأوضاع إلى مستويات خطيرة".
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ حادثة الاغتيال هذه ليست الأولى خلال الفترة الأخيرة، ففي بداية الشهر الحالي اُغتيل العقيد المتقاعد في جهاز الجمارك منير أبو رجيلي، لأسباب مجهولة، إذ عُثر على جثته داخل منزله في قضاء "جبيل" غرب البلاد، بعد أن تعرض للضرب بآلة حادة على رأسه، بعد أسابيع قليلة من استدعائه للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
وحذّر المدير الإقليمي للأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنس جرجاوي من خطورة انزلاق لبنان نحو مستنقع الاغتيالات والتصفيات الجسدية، مطالبًا الحكومة اللبنانية بسرعة توجيه الأجهزة المختصة للتحقيق في حوادث الاغتيال، وتحديد الجناة ومعاقبتهم ومنع إفلاتهم من العقاب.
وأضاف جرجاوي: "إنّ الوضع في لبنان لا يحتمل الدخول في أزمات جديدة، إذ إنّ الأوضاع السياسية والأمنية هشة على نحو خطير، ومن الممكن أنّ تؤدي أي جريمة من هذا النوع إلى تفجر الأوضاع الميدانية، خاصة مع تعقّد التركيبة الديموغرافية والسياسية في البلاد".
وشدد الأورومتوسطي على أنّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نصّ في المادة (6) على أنّ "الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفًا". وعليه فإنه يتعين على الدولة اللبنانية أن تضع حدًا لعمليات القتل خارج نطاق القانون وحماية الأشخاص من فقدان حقهم في الحياة، باعتباره من الحقوق الأساسية التي يحظر المساس بها.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات اللبنانية إلى فتح تحقيق فوري في جريمة اغتيال "بجاني"، والعمل على اعتقال مرتكبي هذه الجريمة وغيرها وإخضاعهم للعدالة، وحماية البلاد من الانزلاق لسيناريوهات مقلقة يصعب التنبؤ بنتائجها.
من جانبها أثارت صحيفة نداء الوطن اللبنانية، المخاوف من الحالة الأمنية عقب اغتيال المصور، والإشارة إلى ارتباط اغتياله بحادثة انفجار مرفأ بيروت.
وقالت الصحيفة: "بعد أن قُتل في وضح النهار أمام منزله في بلدة الكحالة، وبسلاح غير شرعي وكاتم صوت مهرّب لا يُرخّص حتى للقوى الأمنية… ارتسمت الشكوك حول دوافع المجرمين اللذين أرديا جوزيف شهيداً، بخاصة أن قاتله حرص على مصادرة هاتفه الجوال قبل أن يلوذ بالفرار".
وأشارت إلى أنه في هذه اللحظة "بدأت جدلية رثائه بين متكتم متحفظ خوفاً على حياة زوجته وطفلتيه، وبين تلميحات صريحة إلى أن جريمة اغتياله مرتبطة بتوثيقه أدلة ما حول انفجار المرفأ، لا سيما وأنه بصفته مصوّراً معتمداً متطوعاً لدى الجيش اللبناني، فهو حُكماً يحمل تصريحاً بالتواجد المتكرر في المرفأ، ومن غير المستبعد أن يكون قد جمع بعدسته أدلة كافية كلفته حياته".
وأضافت الصحيفة "ناهيك عن تشابه مقتله بمقتل العقيد المتقاعد في الجمارك منير أبو رجيلي الذي اكتشف جثة هامدة في منزله، بعدما ضُرب بآلة حادة على رأسه، وكذلك بمقتل العقيد المتقاعد في الجمارك جوزف سكاف الذي اغتيل أمام منزله أيضاً منذ ثلاث سنوات ليبقى السؤال: من التالي على قائمة تصفيات “كواتم الصوت؟".