ملفات وتقارير

رابين وشارون انفصلا عن الفلسطينيين خشية القنبلة الديموغرافية

شارون لم يثق بمن سيأتي بعده من السياسيين الإسرائيليين- ا ف ب
شارون لم يثق بمن سيأتي بعده من السياسيين الإسرائيليين- ا ف ب

كشف كتاب جديد صدر في إسرائيل مؤخرا أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أريئيل شارون لم يثق بمن سيأتي بعده من الزعماء الإسرائيليين، وقد خطط لتقديم تنازلات في الضفة الغربية بعد انسحابه من قطاع غزة أواخر 2005 ضمن خطة الانفصال أحادي الجانب".


وأضاف أتيلا شومبيلبي الكاتب الإسرائيلي الذي استعرض الكتاب ضمن تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن "مؤلفي الكتاب "قوي وشجاع"، هما الدبلوماسي الأمريكي المخضرم دينيس روس، والباحث الأمريكي ديفيد ماكوفسكي، يستعرضان التحركات الدرامية التي قام بها أربعة من رؤساء الحكومات الإسرائيليين السابقين وهم: ديفيد بن غوريون، مناحيم بيغن، إسحق رابين، وأريئيل شارون، ممن اتخذوا قرارات مصيرية".


وأوضح أن "القادة الإسرائيليين الأربعة قرر أحدهم إعلان قيام الدولة، وآخر توقيع السلام مع مصر، وثالث عقد سلاما مع الأردن والفلسطينيين، أما الرابع فقد انسحب من قطاع غزة، صحيح أن الكتاب الصادر باللغة العبرية يتناول السير الذاتية لقادة إسرائيليين راحلين، لكنه يتعامل أيضًا مع الحاضر، ويكرس المؤلفان بضع صفحات لمسألة الضم التي أثارت النظام السياسي الأمريكي في الأسابيع الأخيرة".


وأشار إلى أن "المؤلفين حصلا على إذن لتفتيش الأرشيف السياسي والوثائق السرية في إسرائيل والولايات المتحدة، وقد تناولا السلوك السياسي لهؤلاء القادة الذين قادوا إسرائيل خلال الأوقات المضطربة، وقسم الاثنان العمل بينهما: روس كتب عن رابين وشارون، وماكوفسكي كتب عن بن غوريون وبيغن".


يكشف روس أن "شارون بعد الانفصال عن غزة، خطط لمواصلة خطوات أحادية بالضفة الغربية للحفاظ على الأغلبية اليهودية لإسرائيل، وتحدث مقربون منه بشعور شارون بضرورة الحفاظ على قبضة إسرائيل في الضفة الغربية في المناطق التي يعتقد أنها ضرورية لأمنها، وهذه المناطق هي كتل استيطانية، وقد كان مدفوعا في المقام الأول بالمسألة الأمنية".


وأوضح أن "شارون شعر عاجلا أم آجلا، وما لم تتخذ إسرائيل المبادرة، فستواجه ضغوطا هائلة من المجتمع الدولي، بما فيها الولايات المتحدة، للانسحاب حتى من المناطق الحاسمة لأمنها على المدى الطويل، واعتقد شارون أنه بأخذ زمام المبادرة، سيتجنب الضغط الدولي، ويبني شرعية كبيرة حتى تتمكن إسرائيل من الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية".


وأكد أن "شارون بدا قلقا للغاية بشأن البيانات الديموغرافية المقدمة إليه من تقريرين للبروفيسورين سيرغيو ديللا برغولا وأرنون سوفير، واقتنع بأن إسرائيل ستواجه صعوبة بالاحتفاظ بأغلبية يهودية بين نهر الأردن والبحر إن لم تنفصل عن الفلسطينيين، وأراد ضمان بقاء اسرائيل بأغلبية يهودية واضحة".


وأشار إلى أن "شارون لم يثق بمن سيأتي بعده من السياسيين الإسرائيليين الذين لن يعرفوا ما هو جيد لإسرائيل، ولا يمكنهم اتخاذ القرارات الصعبة، بل إن كل من سيتبعونه سياسيون حزبيون، وسيتخذون قراراتهم على أساس احتياجاتهم الحزبية والشخصية، وليس على أساس الاحتياجات الوطنية، وانطلق من حقيقة أنه ابن جيل حارب من أجل إقامة الدولة، وعاش في وقت كان فيه بقاؤها موضع شك، وكان كل شيء صراعاً مفتوحا".


بالانتقال إلى رابين، يقول الكتاب إنه "حاول تحصين أمن إسرائيل أمام الفلسطينيين لكن ثلاث رصاصات أطلقها قاتل يهودي في تل أبيب على ظهره وضعت حدا لمحاولاته هذه، مع أنه صمم على الحفاظ على إسرائيل آمنة، من خلال توديع الفلسطينيين لإبقائها دولة يهودية، وتجنب احتمال أن تصبح ثنائية القومية".


المؤلف ينقل عن رابين أنه "كشف له في شباط/ فبراير 1995 قبل أشهر من اغتياله، أنه متشكك من إمكانية التوصل لتسوية دائمة مع الفلسطينيين، ومع ذلك فهم أنه يجب على إسرائيل أن تتخلى عنهم للحفاظ على شخصيتها وهويتها وأمنها، ونوى بناء جدار فاصل بين إسرائيل والفلسطينيين".


يربط المؤلفان بين "المخططات الإسرائيلية السابقة في الانفصال عن الفلسطينيين على أيدي شارون ورابين، والتحركات الإسرائيلية الجارية لضم الأراضي الفلسطينية، وما تحمله من آثار جسيمة مصيرية، وتحذير من المخاطر الكامنة فيها، ولذلك فإنها مدعاة للقلق، على الأقل وفق ما تظهره الزاوية الأمنية الإسرائيلية، وأخذ تحذيراتها على محمل الجد، عبر رؤية الصورة الكبيرة والنتائج الاستراتيجية لهذه الخطوة".


وأشار الكتاب إلى "أن أخطر نتائج الضم ما قد تخسره إسرائيل في الشرق الأوسط، فالمؤلف ماكوفسكي زار أبو ظبي والبحرين، وأجرى محادثات مع مسؤولين خليجيين كبار هناك، وبدا له أن لدى إسرائيل فرصة لتعزيز العلاقات معها، وهناك فرصة لإخراج هذه العلاقات السرية على الطاولة، حتى أن مائير داغان رئيس الموساد الراحل كشف ذات يوم أن "إسرائيل عشيقة الشرق الأوسط"، لكنني أخشى أن يؤدي الضم لتدهور العلاقات".


وأوضح أنه "بالنسبة لأوروبا فإن مليارات اليوروهات المخطط لها أن تنفق في مشاريع تكنولوجية مشتركة مع إسرائيل، يمكن لها أن تتضرر عقب خطة الضم".


يختتم الكتاب بالإشارة إلى ملاحظة خطيرة متعلقة بـ"عدم ارتباط الجيل الأمريكي الجديد مع إسرائيل كالأجيال السابقة التي شهدت المحرقة، جيل اليوم ليس لديه ذاكرة على الإطلاق تجاه إسرائيل، هذا مقلق للغاية، هناك حركات احتجاجية في الولايات المتحدة، واليسار يحاول ربط الفلسطينيين والسود بأمريكا، ولذلك لن تساهم خطة الضم في تحسين مكانة إسرائيل، مما يزيد مخاوف المؤلفين من عزلتها".

0
التعليقات (0)