صحافة دولية

WP: مصر لم تهزم فيروس كورونا.. بل توسع انتشاره

تم تهديد أطباء وصحفيين وعاملين بالمستشفيات بالاعتقال حال نشرهم أخبارا عن وضع انتشار الوباء وضعف الوقاية بمصر- جيتي
تم تهديد أطباء وصحفيين وعاملين بالمستشفيات بالاعتقال حال نشرهم أخبارا عن وضع انتشار الوباء وضعف الوقاية بمصر- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلها في القاهرة سودرسان راغفان، قال فيه إن هناك تزايدا في حالات الإصابة بفيروس كورونا بين المصريين. 


وأشار في بداية تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إلى عبده فتحي الذي تعاني والدته البالغة من العمر 57 عاما من ارتفاع ضغط الدم والسكري وأصيبت بفيروس كورونا حيث عزلت نفسها في البيت لمدة أسبوعين وتطور وضعها حيث بدأت تشعر بضيق تنفس.

 

والمشكلة التي واجهها فتحي هي العثور على سرير لها في غرفة عناية فائفة، وفي محاولة يائسة لجأ كما فعل غيره في الفترة الأخيرة إلى منصات التواصل الإجتماعي وكتب "نحتاج سريرا في العناية الفائقة" "نريد من يساعدنا". 


ويعلق رغفان أن مصر بدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية وكأنها تجاوزت ما أصاب عددا من الدول التي شهدت حالات كثيرة من المصابين بمرض كوفيد-19. إلا أن الأعداد المسجلة في البلد قد ازدادت وباضطراد في الأيام الماضية، حيث بلغ معدل الحالات المسجلة منذ يوم الجمعة أكثر من 1.500 حالة في اليوم مما زاد من الضغوط على نظام صحي يعاني من إرهاق حتى قبل وصول فيروس كورونا.

 

وأعلنت مصر يوم الإثنين عن 97 حالة وفاة في يوم واحد منذ اندلاع الوباء. ويقول بعض المسؤولين المصريين وخبراء الصحة إن الرقم قد يكون أعلى من الأرقام المعلنة رسميا.

 

ويقوم المصريون اليوم بوضع رسائل رهيبة على منصات التواصل في محاولة للحصول على سرير من الأسرة القليلة في المستشفيات وتبرعات لدفع رسوم العلاج.

 

ويتهم الأطباء الحكومة بالإهمال وبعدم توفير الملابس الواقية واتخاذ إجراءات السلامة الضرورية لحمايتهم. 


وتعرض عدد من الأطباء والممرضين للإصابة بكوفيد-19 الذي يتسبب به فيروس كورونا ومات عدد منهم جراء الفيروس. وحذرت نقابة الأطباء من إمكانية "انهيار" النظام الصحي في مصر. 


وقال طبيب عمره 32 عاما في مستشفى للحجر الصحي بمدينة إسنا، جنوب مصر "يزداد عدد المرضى بطريقة مضطردة" وكل الأسرة ينام عليها مصابون بفيروس كورونا و"لكن ليست لدينا الأسرة الكافية والمستشفيات والطواقم الطبية، وهذا أمر مجهد للعاملين الطبيين".

 

اضافة اعلان كورونا

 

ويعلق رغفان أن هذا الطبيب طلب عدم ذكر اسمه لأن حكومة عبد الفتاح السيسي حاولت تكميم أي نقد للطريقة التي ردت فيها على الوباء.

 

وبحسب نقابة الأطباء ومنظمات حقوق الإنسان، قامت السلطات باعتقال الأطباء والصحافيين. وقال أطباء وأفراد في الطواقم الطبية في مقابلات ومنشورات على منصات التواصل إن المدراء في المستشفيات الحكومية هددوا بطرد أي شخص منهم يرفع صوته ناقدا أو الإبلاغ عنه إلى الأجهزة الأمنية.

 

وقال مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن 15 شخصا اعتقلوا في نيسان/إبريل بتهم نشر "الأخبار الزائفة" حول الفيروس فيما اعتقل أطباء وصيادلة بسبب ما نشروه من لقطات فيديو على صفحاتهم في فيسبوك واشتكوا فيها من نقص الأقنعة.

 

وقال محامي حقوق الإنسان، جمال عيد إن صحافيين اعتقلا بتهم نشر أخبار كاذبة عن الوباء. ودخل السيسي إلى النقاش حيث نشر تغريدات قال فيها إن الدولة تحاول مواجهة الوباء وفي الوقت نفسه تريد الحفاظ على استقرار الإقتصاد.

 

وحذر من "أعداء الدولة الذين يحاولون التشكيك في جهود الحكومة وإنجازاتها". وهذا لم يمنع الكثير من المصريين عن رفع أصواتهم يوميا عبر منصات التواصل الإجتماعي.

 

وقالت طبيبة في العشرينات من عمرها تعمل في واحدة من المستشفيات التعليمية الرئيسية بالقاهرة "هناك نقص في وحدات العناية الفائقة ونقص في أجهزة التنفس والأطباء والممرضين" وأضافت "حتى الضغط الخفيف يدفع النظام الصحي المصري للإنهيار".

 

وقالت إنها وغيرها خططوا للإضراب ولكن مدراء المستشفيات اتهموهم بعضوية جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وخيانة البلد.

 

وعليه - يضيف التقرير- قرروا خوفا التخلي عن الإحتجاج. وقال أيمن سبع الباحث في حقوق الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بنقاش على الإنترنت الأسبوع الماضي إن النظام الصحي المصري لديه البنية التحتية لمواجهة الوباء والمشكلة هي فقر الإدارة.

 

ولم تحصل الصحيفة على تعليق من المتحدث باسم الهيئة العامة للإستعلامات ولا المتحدث باسم وزارة الصحة على أسئلة الصحيفة. 


وتشير الصحيفة إلى أن الملايين في مصر يعيشون في أحياء مكتظة يسهل من خلالها انتشار الفيروس. ولأنهم يقيمون في شقق مزدحمة فمن الصعب ممارسة الحجر الصحي أو التباعد الإجتماعي.

 

ورغم إغلاق المدارس والمقاهي وفرض حظر التجوال إلا أن مصر لم تقرر إغلاق المؤسسات العامة بشكل عام رغم نصائح نقابة الأطباء والخبراء الصحيين البارزين بضرورة الإغلاق.

 

ولم تفرض السلطات خلافا للدول الأخرى التباعد الإجتماعي ولا طلبت من المواطنين ارتداء الأقنعة في الأماكن العامة.

 

ولكن أعداد المصابين تظل قليلة في بلد يبلغ عدد سكانه 100 مليون نسمة، فحتى يوم الثلاثاء كان مجمل الحالات المسجلة هو 48.000 و1.766 وفاة.

 

ويقول خبراء الصحة ودبلوماسيون غربيون إن السبب وراء العدد القليل هو محدودية الفحص. بالإضافة إلى صعوبة وصول المصريين إلى النطام الصحي وعدم الإبلاغ عن الحالات خشية رفض المجتمع لهم.

 

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، خالد عبد الغفار قد قال قبل أسبوعين إن عدد الإصابات في مصر قد يصل إلى 100.000 حالة.

 

وقال في تصريح عبر التلفاز في الأول من حزيران/يونيو "نقدم رؤية متشائمة (أكثر من الرقم الرسمي) وربما كان العدد أعلى بعشرة أضعاف".

 

وفي نيسان/إبريل بدأ الأطباء في المعهد الوطني للسرطان بوضع منشورات على منصات التواصل حول إصابة عدد من زملائهم بالفيروس ولكن المستشفى لم يتخذ الإجراءات اللازمة لحجر المرضى أو أفراد الطواقم الطبية.

 

وكتبت ماغي موسى، طبيبة التخدير في تغريدة "حولنا المعهد إلى أداة لنشر الفيروس بيننا، المرضى وعائلاتنا" و"هذا غرور وإهمال كامل". 


وقال طبيب اسمه أرميا محسن شفيق في منشور على فيسبوك إن إدارة المستشفى هددته بالفصل لأنه تحدث عن نقص الملابس الواقية وطلبه بإغلاق المستشفى وتطهيرها.

 

وأعلنت جامعة القاهرة التي تدير المعهد عن 17 حالة إصابة بين الأطباء والممرضين. وقالت إنها ستجري تحقيقا في إهمال ممكن بالمستشفى.

 

ومنذ ذلك الوقت انتشرت حالات الإصابة بين الأطباء والممرضين في مستشفيات البلاد. وقالت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي إن نسبة 11 بالمئة من الذين أصيبوا في مصر هم من العاملين الصحيين بمن فيهم 142 طبيبا.

 

وتوقفت مستشفى النجيلة، خارج مرسى مطروح عن تقديم الخدمات بعدما أظهرت فحوصات 79 من طاقمها إصابتهم بالفيروس.

 

وفي بداية أيار/مايو أخبرت وزارة الصحة أن 17 مستشفى تم تخصيصها للحجر الصحي لم تعد قادرة على استيعاب حالات جديدة.

 

وفي مستشفى منشية البكري في القاهرة والتي تم تخصيصها للحجر الصحي واستقبال المصابين بالفيروس أثبتت فحوصات 29 من طاقمها إصابتهم بالفيروس.

 

وقرر طاقمها الإضراب وطلبوا مزيدا من الفحوص للعاملين فيها. ولكن إدارة المستشفى هددت كما قالوا في بيان بالإبلاغ عنهم لجهاز الأمن في حال لم يعودوا إلى العمل.

 

وانتهى الإضراب. ولم ترد أماني عاطف، مديرة المستشفى على طلب التعليق من الصحيفة. إلا أن نقابة الأطباء لم تلتزم بالصمت خاصة بعد وفاة طبيب الشهر الماضي.

 

وانتقدت النقابة وزارة الصحة وحملتها مسؤولية الوفيات بين الأطباء والممرضين ولعدم توفيرها الملابس الطبية الواقية.

 

وردت الوزارة أنها خصصت أعدادا كافية من الأسرة للطواقم الطبية وأنها اتخذت إجراءات السلامة اللازمة. ويعلق الكاتب أن موقع النقابة يقرأ اليوم كصفحة نعي في صحيفة يومية. وحتى يوم الأحد توفي 65 طبيبا وممرضا بعد الإصابة بالفيروس.
 

التعليقات (0)