صحافة دولية

"ذا أتلانتيك": الشعب الأمريكي أمام عنصرية كورونا والشرطة معا

الاحتجاجات الأمريكية مستمرة رغم تفشي كورونا- جيتي
الاحتجاجات الأمريكية مستمرة رغم تفشي كورونا- جيتي

نشرت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن تعامل السلطات في الولايات المتحدة مع وباء كورونا وفترة فك الحظر.

وقالت في التقرير الذي ترجمته "عربي21": "عاد الأمريكيون إلى الشوارع بعد أشهر من تركهم الأماكن مهجورة والطرق خالية. ولم تكن عودتهم للاحتفال بانتصار البلاد على فيروس كورونا، بل للاحتجاج والتظاهر على مقتل جورج فلويد على يد الشرطة".

وأضافت: "اجتمع المتظاهرون في حشود طويلة في المدن الكبيرة، يغنون ويهتفون ويطالبون بالعدالة. ليس هناك جدوى من إنكار أن وقوف الناس محتشدين لفترات طويلة يزيد من خطر انتقال فيروس كورونا".

 

ونقلت عن أنتوني فوسي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، قوله إن هذا الشكل من الاحتجاجات الجماعية هو بيئة مثالية لانتقال الفيروس.

 

عنصرية الفيروس والشرطة

وتقول المجلة إن خطر انتشار الفيروس تشابك مع مخاطر أخلاقية ملحة، فعنصرية المنظومة الأمنية طفت بشكل كبير في الولايات المتحدة.

ويجتمع شكلان من الظلم العنصري في الاحتجاجات الحالية، الأول جائحة يموت فيها السود بحوالي ضعف النسبة المئوية للسكان بحسب الدراسات، والثانية وحشية الشرطة ضد السود بتاريخ طويل وحافل بالعنصرية.

وأوردت المجلة: "جورج فلويد كان قد نجا من فيروس كورونا في شهر نيسان/ أبريل ليقتل بعدها بفترة قصيرة تحت ركبة ضابط شرطة في شهر أيار/ مايو".


ومع أن تفشي الوباء في الشمال الشرقي للبلاد قد انخفض، إلا أنه يبدو أن هناك ارتفاعا في الأيام الأخيرة.

 

وأبلغت 22 ولاية عن 400 حالة جديدة أو أكثر الجمعة الماضي. وتشهد العديد من الولايات بما في ذلك أريزونا ونورث كارولاينا وكاليفورنيا أكبر عدد من الحالات.


وأضافت المجلة: "يبدو أننا سنشهد في الأيام المقبلة ارتفاعا أكبر في الحالات، بعبارة أخرى: إذا لم تشهد البلاد زيادة كبيرة في حالات فيروس كورونا بعد هذا الأسبوع، فينبغي أن نعيد التفكير فيما يعتقده علماء الأوبئة حول كيفية انتشار الفيروس".

ولكن مع استمرار الوباء، تتراجع المزيد من الولايات عن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها لإبطاء الفيروس. وقامت فرق عمل كورونا التابعة لترامب بإنهاء أنشطتها. وعادت لجان الاختبار إلى وظائفها اليومية في وزارة الصحة.

وقالت المجلة: "مع بداية صيف 2020 الحار والطويل، تشير الحقائق إلى أن الولايات المتحدة لن تهزم الفيروس، ويبدو أننا سنستسلم بشكل بطيء".

واعتبرت أن "القسوة الأمريكية التي لا لبس فيها، تتجلى لنا بأن الأشخاص الذين يعانون ويقاتلون من أجل العدالة هم كذلك الأكثر خطرا من الإصابة بالعدوى. ووقع مئات المتخصصين في الصحة العامة على خطاب يرفضون فيه الاعتراض على المظاهرات، وكتبوا: نحن ندعمهم باعتبارهم حيويين للصحة العامة الوطنية وللصحة المهددة للسود في الولايات المتحدة".

 

ومع ذلك، فإن الاحتجاجات محفوفة بالمخاطر بلا منازع، وقد حذر المسؤولون في مراكز السيطرة والوقاية منها من أن التجمعات قد "تولد" بؤرا جديدة.

وفي مقاطع فيديو لمظاهرات جرت هذا الأسبوع، بدا أن العديد من المتظاهرين بلا استثناء يرتدون أقنعة. وأظهرت صور ومقاطع أخرى متظاهرين يحاولون الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وأشخاص يمرون بمعقمات وماء عبر الحشود.

 

على الرغم من ذلك، فقد تضمنت مقاطع أخرى أشكالا من الغناء أو الهتاف والصراخ، التي بحسب الدراسات يمكن أن تكون طرقا فعالة بشكل خاص لانتقال الفيروس.

 

اختبار تحمل كورونا بالهواء الطلق


قد يأخذ المحتجون ومسؤولو الصحة العامة على حد سواء في الاعتبار ما وصفته صحيفة "نيويورك تايمز" بأن التواجد في الهواء الطلق يخفف من بعض مخاطر انتقال العدوى.

كما يبدو أن الفيروس لا يحتمل التواجد في بيئة مشمسة ورطبة، حتى في درجة حرارة الغرفة، وفقا لبحث أجرته وزارة الأمن الداخلي في نيسان/ أبريل الماضي. لكن عدد الاحتجاجات الحالية خلال الأسبوع الماضي يعني أن الباحثين سيحصلون قريبا على فهم أفضل لمخاطر انتقال الفيروس في الهواء الطلق.

وأضافت: "أفاد صحفيون من مختلف أنحاء البلاد بأن ضباط الشرطة كان التزامهم بالأقنعة بشكل أقل من المحتجين. وقالت أكسندرا فيلان، أستاذة قانون الصحة العالمية في جامعة جورج تاون: "الدولة هي المسؤولة عن حماية الصحة العامة".

 

وقالت إنه بغض النظر عن رأي الشرطة بالاحتجاجات، فمن واجبهم بموجب القانون الدولي والمحلي الحفاظ على أمان المتظاهرين، بما في ذلك تقليل المخاطر الصحية من انتشار الفيروس.

وهناك العديد من المتغيرات التي ستؤثر على تفشي المرض في أمريكا، أبرزها تأثير الاحتجاجات. ووفقا لبيانات مشروع تتبع فيروس كورونا، فإنه يمكن للولايات المتحدة إجراء 3 ملايين اختبار أسبوعيا.

وتابعت: "إن صح هذا القول، فإن هذا المعدل التقديري يعني أن الحالات لا تنخفض بسرعة، وأن هذا النمو البطيء كان قبل أن تتحرك العديد من الولايات لإعادة فتح اقتصادها، وقبل عودة القطاعات الكبيرة للعمل، وقبل الاحتجاجات".

وأشارت إلى أن قلة من الناس يعتقدون أن الولايات المتحدة تبذل ما في وسعها لاحتواء الفيروس، وبحسب موقع "Covid Exit Strategy"، فإن معظم الولايات لا تصل إلى مرحلة إعادة الفتح التي اقترحها خبراء الصحة العامة.

 

فيروس كورونا أمام العنصرية


وكما قال المتظاهرون وبعض مسؤولي الصحة العامة، فإن الشعب بدأ يزن أضرار عنف الشرطة ضد خطر زيادة انتشار الفيروس، واختاروا التجمع في الشوارع.

 

وختمت المجلة بالقول: "هذه أمريكا.. إن مشاكل استجابتنا للوباء تعكس مشاكل البلد نفسه. نظام الرعاية الصحية لدينا غير مناسب للتعامل مع الأزمات الصحية، ولا يمكن إنكار التفاوت في الخدمات الصحية التي ترسخت وتعمقت بعقود من العنصرية. ومع ذلك فإنه على الرغم من أن هذه الأزمة تعكس البنية التحتية السياسية والاجتماعية والمدنية لأمتنا، فإن هذا الوباء لا يأخذ في الاعتبار الأخلاقيات".

 
التعليقات (0)