ملفات وتقارير

موسم البطيخ.. هكذا يحارب الاحتلال المنتج الفلسطيني (صور)

تفاجأ المزارعون الفلسطينيون بأن ثمار البطيخ الإسرائيلي تملأ السوق الفلسطيني وبسعر زهيد ما أدى إلى كساد منتجاتهم- عربي21
تفاجأ المزارعون الفلسطينيون بأن ثمار البطيخ الإسرائيلي تملأ السوق الفلسطيني وبسعر زهيد ما أدى إلى كساد منتجاتهم- عربي21

خسائر فادحة تكبدها المزارع محمد سليمان هذا العام في موسم ثمار البطيخ، التي يزرعها منذ عدة سنوات في منطقة الأغوار الشمالية في الضفة الغربية المحتلة، فالاحتلال سعى جاهدا إلى محاربة البطيخ الفلسطيني، ما يكشف عن مخططات أكبر بكثير من مجرد محصول واحد.

وحين جاء موسم الحصاد والتسويق، تفاجأ سليمان -كما مئات المزارعين- بأن ثمار البطيخ الإسرائيلي تملأ السوق الفلسطيني، رغم وجود قرارات رسمية حكومية بمنع استيراده على حساب المزارعين الفلسطينيين.

ويقول لـ"عربي٢١" إنه منذ سنوات يزرع البطيخ في منطقة قاعون بالأغوار الشمالية، ويبيعه بأسعار معقولة؛ ولكن هذا العام تفاجأ المزارعون بفيضان من البطيخ الإسرائيلي يملأ الأسواق الفلسطينية وبسعر زهيد.

ويوضح بأن ٧٠٪؜ من كمية البطيخ بقيت في الحقول دون القدرة حتى على نقلها إلى أي مكان، ما أدى إلى فسادها، وأن الذي حدث أن الجانب الإسرائيلي كان يوصل البطيخ إلى التجار بسعر رخيص جدا يصل إلى أقل من شيكل واحد، وهو ما جعلهم يعتمدونه بدلا من المنتج الفلسطيني.

ويعتبر سليمان أن المنتج الفلسطيني ذو جودة أعلى؛ كونه لا يتم رشه بالمبيدات الحشرية التي تستمر فترة سمّيتها لمدة طويلة، كما أنه يسقى بمياه حلوة وليست كما المنتج الإسرائيلي الذي يسقى بمياه معالجة.

ويقدّر المزارع خسارته الفردية بأكثر من ٢٠٠ ألف شيكل (٥٧ ألف دولار) لهذا العام بعد عناء استمر لعدة أشهر في تحضير الأرض، وزراعتها منذ شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ويضيف:" توجهنا لدوائر وزارة الزراعة التي أخبرتنا بأنه لا توجد سيطرة كاملة على جميع المعابر مع الاحتلال؛ وبالتالي فهي لا تتمكن من متابعة جميع ما يدخل من منتجات إسرائيلية".

ويلفت سليمان إلى أن الوزارة كذلك لا تتكفل بدفع تعويض للأضرار التي تلحق بالموسم مثل موجات الحر وغيرها، ما يثقل كاهل المزارعين، ويزيد من معاناتهم كما حدث هذا العام.

ويرى المزارع أن ما حدث يمكن قراءته على المدى البعيد بأنه يأتي ضمن محاولات الاحتلال تفريغ الأراضي الزراعية في منطقة الأغوار من أجل تسهيل ضمها إليه وكأنه يتعمد إلحاق الخسائر فيها.

ويتحدث عن أكثر من ١٠٠ مزارع فلسطيني في منطقة الأغوار الشمالية ممن يعانون من بعض هذه السياسات الإسرائيلية غير المباشرة في الساكوت والفارسية وكردلة وبردلة والذين تلحق بهم خسائر فادحة.


ويعزو سليمان كذلك سبب هذه المعضلة إلى جشع بعض التجار الذين لا يكترثون لشراء المنتج الإسرائيلي مقابل ثمن رخيص، علما أن كل هذه السياسات معروفة الأهداف من قبل الاحتلال، وهي ضم الأراضي ومصادرتها، خاصة أنها محاطة بالجدار العنصري ومهددة منذ سنوات.

ويتابع:" هذا مصدر دخل رئيسي لنا ومنذ أشهر طويلة، ونحن ننتظر هذا الموسم الذي خسرناه كاملا".

"ضمائر التجار"

بدورها، تعتبر وزارة الزراعة بأن الأمر يعود إلى ضمائر التجار الذين لا يجب أن يقبلوا بالمنتج الإسرائيلي على حساب الفلسطيني.

وتقول ضحى عابدي من قسم العلاقات العامة بالوزارة لـ"عربي٢١" إن هناك رقابة تفرضها الوزارة على البضائع، ولكنها لا تستطيع السيطرة ١٠٠٪؜ على المعابر مع الاحتلال وما يتم إدخاله من منتجات.

وتوضح بأن الوزارة تضبط بين الحين والآخر منتجات غير مرخصة تدخل من الجانب الإسرائيلي لتشجيع المنتج الفلسطيني، ولكن الأمر في النهاية يعرد لضمائر التجار ألّا يقبلوا بإدخال بضائع إسرائيلية.

وتشدد عابدي على أن المنتج الوطني ينافس الإسرائيلي من حيث الجودة؛ حيث يحاول الاحتلال إغراق السوق الفلسطيني بمنتجاته التي تفتقر للجودة مثل العنب مثلا والذي يقوم بريّه بمياه غير صحية، وبالتالي فإدخاله إلى السوق يضر بالمواطنين.

وتضيف:" كوزارة زراعة وفي كل موسم يصدر قرار من الوزير بعدم استيراد منتجات من الاحتلال لحماية المنتج الفلسطيني بفترة إنتاجه، وحين ينتهي الموسم الزراعي يلغى القرار، ولكن للأسف بعض التجار يقومون بمخالفة ذلك وإدخال بضائع غير مرخصة، وأحيانا تكون مروية بمياه غير صحية، أو تكون تعرضت للرش بأدوية، فتبقى فيها مبيدات تؤثر على المستهلك".

"حلول جذرية"

وأمام هذا التعمد الإسرائيلي يرى مختصون أن حلولا جذرية واجبة من الجهات الرسمية وخطوات أكثر حزما يجب أن تتخذ من أجل دعم المنتج الفلسطيني وتفويت الفرصة على الاحتلال.

ويقول مدير دائرة تأهيل الأراضي في الإغاثة الزراعية، مقبل أبو جيش، إن المشكلة تنطبق على الكثير من المحاصيل الزراعية وليس فقط البطيخ، وإن مزارعي البطيخ في الأغوار الشمالية قاموا بزراعة كميات كبيرة من البطيخ، وريده للسوق الفلسطيني وجدوه مغرقا بالبطيخ الإسرائيلي، فتكدست لديهم الكميات، ما أدى إلى فيادها، خاصة أن البطيخ لا يحتمل البقاء فترة طويلة.


ويوضح أن الاحتلال وعبر مراقبين لديه قدّروا موعد نزول البطيخ الفلسطيني للسوق، وقاموا بشكل استباقي بإغراق الأسواق بالبطيخ الإسرائيلي، لافتا إلى أن الإغاثة حاولت مساعدة بعض المزارعين عبر التواصل مع عدد من التجار وربطهم ببعضهم من أجل توزيع بعض الكميات، ولكن هذا لا يحل المشكلة جذريا، حسب تعبيره.

ويؤكد أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو امتناع التجار عن شراء البطيخ الإسرائيلي حتى لو كان سعره أقل وإعطاء الفرصة للمنتج الوطني.

ويضيف: "البطيخ الفلسطيني آمن أكثر؛ لأنه يزرع على المياه الحلوة، لكن الاحتلال يستخدم مياها معالجة، ولا ندري كم درجة المعالجة لديهم هل ١٠٠٪؜ أم لا، والاحتلال معني أن يغرق الأسواق الفلسطينية بكل شيء".

ويعرب أبو جيش عن تساؤله إذا كانت الجهات الرسمية لا تملك الرقابة أيضا على المدن؛ فالمعابر تقع في مناطق (ج) التي يسيطر عليها الاحتلال، ولكن أيضا أسواق المدن الرئيسية مغرقة بالمنتج الإسرائيلي؛ فهل فقدت كذلك الرقابة على المدن؟

ويشير إلى أن الأهمية تكمن في زيادة الوعي لاستخدام المنتج الفلسطيني، وبذل كل الجهد من أجل الحد من وصول البطيخ الإسرائيلي، وهذا ينطبق على كل شيء.

ويتابع:" على سبيل المثال، فإن العنب في منطقة الأغوار ينضج بشكل أسرع من أي منطقة أخرى، فالواجب ألا نقع في المشكلة ذاتها؛ لأن الاحتلال يريد أن يقوم بالخطوة ذاتها وإغراق الأسواق الفلسطينية بمنتجه، وبالتالي نحن في مرحلة، تحد والمخطط الأساسي لدى الاحتلال هو ضم الأغوار، وبالتالي يريد تفريغ الأراضي الزراعية من أصحابها حين تستمر الخسارة لهم في محاصيلهم".


 

 

التعليقات (0)