مقالات مختارة

معادلة الحكم الصينية… سياسة شيوعية واقتصاد رأسمالي!

محمد عبد الحكم دياب
1300x600
1300x600

الظاهرة الصينية لافتة للنظر، وأضحت مادة حديث واهتمام الأوساط كافة؛ صديقة ومحايدة أو معادية، وأضحى الاهتمام بها فاق أي شيء، وجاءت جائحة فيروس كورونا المستجد، فأضفت عليها تركيزا أكثر، ومع اختلاط الأوراق، وبروز الصين كطرف أساسي في السياسات الإقليمية والدولية، ولها تأثير بالغ على الاقتصاد العالمي، ودور حيوي تلعبه في تحريك الأسواق العالمية، وما نقوم به هو لفت النظر إلى ما يدور داخلها كحالة فريدة في التاريخ الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والمالي.

والقادة الصينيون يصفون اقتصادهم بـ«اقتصاد السوق الاشتراكي»، وإذا ما تم تفكيك هذا التوصيف لبدا متناقضا ومتصادما في البنيان والمنطق، فالسوق آلية رأسمالية وجدت من يقننها ويُمَنطقها رغم طبيعتها العشوائية، من وجهة نظري، وأضحت هناك قوانين للسوق، هذا من ناحية، أما الاشتراكية، فالتخطيط وضبط الموارد والتحكم في الثروات الطبيعية والمعدنية وتنظيم أدوات الإنتاج وقواه؛ هو الأساس فيها، هي ونقيض عشوائية السوق، وللدولة دور مركزي في توجيه الاقتصاد الاقتصادي وكل متعلقاته، والملكية العامة غالبة عليه، وتمثل قاطرة التنمية الشاملة وطريق التقدم، ومعادلة السوق والاشتراكية بدت قبل «العصر الصيني» مستحيلة، لكن الصين جعلتها قابلة للحل.

وحدث ذلك بتجاوز عشوائية السوق، وضبطه بآليات الدولة ومؤسساتها، وهنا نجد أن مصر حين شقت طريقها الذي سبق حقبة سبعينيات القرن الماضي، سعت لحل ما عُرِف بـ«المعادلة الصعبة»، التي وردت في «الميثاق الوطني»، وذلك بزيادة الإنتاج، وزيادة استهلاك السلع والخدمات، وتعظيم المدخرات؛ لتمويل المشروعات الجديدة، ونجحت المعادلة في إقامة الكفاية والعدل، وإذابة فوارق عدة بين الطبقات، وحققت أعلى معدلات تنمية بشهادة المصرف الدولي للإنشاء والتعمير، واستهدفت مضاعفة الدخل كل عشر سنوات، وكانت تلك المعادلة أساسا لتحول عظيم، لكنه قصير العمر، وتلقى ضربة قاصمة في 1967، وبدأ إجهاضه بانقلاب مايو 1971، ومثلت الهزيمة السياسية، التي أعقبت نصر أكتوبر العسكري العظيم أساس الانطلاق نحو استكمال الإجهاض، وذلك بـ«الانفتاح» على واشنطن وتل أبيب، وكامل المنظومة الصهيوغربية.

ومعادلة السوق والاشتراكية الصينية مغايرة. وتحتاج التدقيق والتأمل؛ بما مرت به من مد وجزر؛ صاحب مراحل التغيير منذ ما بعد جمهورية صن يات صن، التي بدأت في العقد الثاني للقرن العشرين، ثم قيام جمهورية الصين الشعبية لأكثر من سبعين عاما، وقد شقت لنفسها طريقا خاصا، وصفته صحيفة «الصين اليوم» الإلكترونية (عدد 14/ 03/ 2018)، بطريق ذي خصائص صينية، واحتفظت فيه أحزاب قديمة وصغيرة بوجودها باعتبارها «ليست أحزابا معارضة بل هي أحزاب صديقة ومشاركة في الشؤون السياسية»!!.

وبقي الحزب الشيوعي الصيني، الذي تأسس في 1921، ويضم نحو 90 مليون عضو، وأقام جمهورية الصين الشعبية بالكفاح المسلح؛ بقي الأكبر والأقوى، أما الأحزاب الصغيرة والقديمة فسلكت طريق التعاون والتضامن مع غيرها من الأحزاب المناظرة لها، وتتبع آلية «التشاور الديمقراطي»، حول القضايا الهامة وصنع القرارات، وحماية الدولة. وتجنب الاضطرابات السياسية، التي قد تنجم عن تداول الحكم.
ومرت الحياة السياسة الصينية بمراحل مختلفة منذ قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949، وطبعت كل مرحلة بخصائص محفزة أو معوقة، ومع ذلك انتهت بهذا الإنجاز الاقتصادي الضخم، ووصلت لمستوى متقدم من التأثير على السياسات العالمية، وهي: مرحلة النموذج الاشتراكي والاقتصاد المركزي (1949- 1977)، ومرحلة التحرر الاقتصادي وبدء سياسات الإصلاح (1978- 1988)، ومرحلة تجميد الإصلاح (1989- 1991)، انتهاء باستئناف الإصلاح (1992- للآن). والأحزاب المشاركة في النشاط السياسي العام تُعرف بالأحزاب الديمقراطية، ويقصد بها، حسب ما جاء في «صحيفة الشعب» شبه الرسمية عام 2004؛ يقصد بها أحزاب تأسست قبل عام 1949، وعملت على بناء جمهورية رأسمالية، وبعد قيام جمهورية الصين الشعبية أيدت الحزب الشيوعي في إطاحته بحكم الكومينتانغ، واعترفت بقيادته لها، وتعيش تحت جناحه، وهي:

القادة الصينيون يصفون اقتصادهم بـ«اقتصاد السوق الاشتراكي»، وإذا ما تم تفكيك هذا التوصيف لبدا متناقضا ومتصادما في البنيان والمنطق، فالسوق آلية رأسمالية وجدت من يقننها ويُمَنطقها رغم طبيعتها العشوائية

1) حزب «تشي قونغ دانغ»؛ تأسس عام 1925 بسان فرانسيسكو الأمريكية؛ بدعوة من المركز العام للحزب في الولايات المتحدة، وبنص نظامه الأساسي يتشكل من شخصيات تنتمي للطبقتين الوسطى والعليا بين المغتربين والعائدين وذويهم، القابلين بقيادة الحزب الشيوعي، وساعدوا الحكومة على تقوية الأوضاع الداخلية، وحماية حقوق ومصالح الأعضاء والمغتربين وذويهم، والقبول بدراسة الماركسية اللينينية، وأفكار ماو تسي تونغ، ونظرية دنغ شياو بينغ، والالتزام بالمركزية الديمقراطية، وهو حزب صغير في حدود 15461 عضوا.

2) الحزب الديمقراطي الصيني للفلاحين والعمال؛ تأسس في 1930، وركز دوره في مقاومة حكم الكومينتانغ، وينص نظامه الأساسي على القبول بقيادة الحزب الشيوعي، والتعاون مع الأحزاب الأخرى، والالتزام بنظام التشاور السياسي، والمركزية الديمقراطية، وحماية حقوق ومصالح الأعضاء، وكان عدد أعضاء الحزب 65 ألفا.

3) الرابطة الديمقراطية الصينية؛ تأسست عام 1939، واعتمد اسمه رسميا في أيلول/سبتمبر 1944، وهي منظمة من أحزاب وقوى سياسية تدعو للنزاهة والديمقراطية، وينص نظامها المعدل في 1997 على إعلاء راية الوطنية والاشتراكية، وحماية الاستقرار الاجتماعي، وتعزيز تضامن القوميات، ودفع التحديث والإصلاح والانفتاح واستكمال نظام اقتصاد السوق الاشتراكي بخصائصه الصينية، وتحرير قوى الإنتاج، وتمتين الجبهة الوطنية المتحدة، التي تجمع العاملين في مجالات الثقافة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا، وكان عدد أعضائها أكثر من 131 ألف عضو.

4) الجمعية الديمقراطية الصينية لبناء الوطن؛ تأسست في كانون الأول/ديسمبر 1945. وتدعو لضمان الحقوق السياسية الأساسية وحقوق الإنسان للمواطنين، وتنمية الصناعة والتجارة الوطنية، وعارضت حكم حزب الكومينتانغ، ويحدد نظامها الأساسي الالتزام بنظرية دنغ شياو بينغ، ومبادئها الأربعة وهي؛ 1) تنفيذ سياسة اتخاذ البناء الاقتصادي أساسا للعمل، و2) التمسك بقيادة الحزب الشيوعي، و3) تعزيز تقاليد التثقيف الذاتي، و4) مبدأ المركزية الديمقراطية، مع تنفيذ سياسة التشاور السياسي والتعاون مع الأحزاب. ومعظم أعضاء الجمعية شخصيات اقتصادية وخبراء في مجالات أخرى. وكان عددهم 69453 عضوا.

5) الجمعية الصينية لتنمية الديمقراطية ؛ تأسست عام 1945، وشكلها عاملون في مجالات الثقافة والتعليم والنشر وشخصيات صناعية وتجارية بشانغهاي، وبنت دعوتها على دفع السياسة الديمقراطية، وإصلاح السلطة، وقيام حكومة اتحادية، ونص نظامها الأساسي المعدل عام 1988 على الالتزام بمبادئ المرحلة الأولية للاشتراكية، واتخاذها دليلا ومرشدا،، ورفع مستوى الأمة الصينية، وتنمية قوى الإنتاج الاجتماعية، والكفاح من أجل بناء دولة اشتراكية ديمقراطية غنية وحديثة، وتجاوز عدد أعضائها 65 ألف عضو.

6) جمعية جيو سان؛ تأسست عام 1946، ودعت لتوارث تقاليد الديمقراطية وتطبيقها، ومعارضة الحرب الأهلية، واعتمدت على متعلمين من المستوى العالي والمتوسط، وعلى العاملين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والتعليم العالي والطب والصيدلة، وتتسلح بنظرية دنغ شياو بينغ والاقتداء بها، وتتعاون مع الأحزاب، وتمارس نظام التشاور السياسي، وتتمسك بالمركزية الديمقراطية، وحماية حقوق ومصالح الأعضاء، وكان عددها 68440 عضوا.

7) رابطة الحكم الذاتي الديمقراطي في تايوان؛ تأسست في عام 1947 في هونغ كونغ. كمنظمة سياسية خارج تايوان، وسعت لتخليصها من حكم الكومينتانغ، وتطبيق الديمقراطية والحكم الذاتي، وانتقل مقرها من هونغ كونغ إلى بكين منذ عام 1949، وتلتزم بتطبيق المرحلة الأولية من الاشتراكية بحزم، وترفع راية الوطنية والاشتراكية، وتتضامن مع أعضاء الرابطة ومواطني تايوان، وتعمل على الإسراع بالإصلاح والانفتاح والتحديث الاشتراكي، وحماية الاستقرار، وتعزيز مبدأ «دولة واحدة ونظامان» وتوحيد الوطن سلميا. وأعضاء الرابطة صينيون من مقاطعة تايوان، ويقيمون في مدن صينية كبيرة ومتوسطة، وهم من بين الطبقات الوسطى والعليا وكان عددهم لا يتعدى 1441 عضوا.

8) اللجنة الثورية لحزب الكومينتانغ؛ تأسست أول كانون الثاني/يناير 1948، من أتباع المذهب الديمقراطي، وشخصيات من داخل حزب الكومينتانغ. عملت على إطاحة حكم الكومينتانغ، وتحقيق الاستقلال والديمقراطية والسلم، ونص نظامها الأساسي المعدل في 1988 على الالتزام بخط المرحلة الأولية للاشتراكية، وتأييد توحيد الوطن في الداخل والخارج، والعمل على نهضة الأمة الصينية، وكان عدد أعضائها 53 ألفا.. أحزاب بلا وزن، وتعيش على هامش الحزب الشيوعي، وتعمل تحت جناحه، ولا تتطلع لسلطة!!

(القدس العربي اللندنية)

0
التعليقات (0)

خبر عاجل