قضايا وآراء

هذا هو العدل الحقيقي

عادل راشد
1300x600
1300x600

فيما يسمى محاكمة السعودية لقتلة خاشقجي يتجلى العدل في صورة جديدة غير مسبوقة يعز على مثلي فهمها ولا تشفع لي دراستي للقانون. 

1) فمصدر الحكم كما قالوا النائب العام وليس هيئة محكمة ولا حتى قاض، وقد كنت أفهم أن النائب العام هو جهة الاتهام وهو الذي يقوم بعمل القيد والوصف للجريمة سواء كانت جنحة أم جناية، ويضمن عريضة الاتهام أسماء المتهمين، وتهمة كل منهم، والوقائع وأقوال المتهمين وشهادات الشهود وكافة المعلومات ثم يقوم بعمل أمر الإحالة للمحكمة مطالبا بتوقيت أقصى العقوبات لتتخذ إجراءات المحاكمة والأصل فيها العلانية، فأين المحكمة أو القاضي مُصدر الحكم!!!

2) وصدر الحكم بإعدام خمسة وسجن آخرين، ولم يُسم أحدا منهم، فهل هم أشخاص موجودون بالفعل أم هم أي خمسة وأي ثلاثة يتم تسميتهم بعد ذلك وفقا لرأي مهندس المحاكمة!!!

3) براءة العتيبي (القنصل السعودي) رغم الاعتراف الرسمي بأن عملية القتل تمت داخل القنصلية 
هب أنه لم يقتل ولم يشارك، ألم يقم بتيسير عملية القتل!! ألم يوجد على مسرح الجريمة!! ألم يتستر على الجريمة!! ألم تذع فيديوهات ادعائه بخروج خاشقجي من القنصلية!! ألم تنشر فيديوهاته وهو يفتح أبواب المكاتب والخزائن متهكما على من يبحث عن خاشقجي!! وماذا عن الدماء التي كانت على جدران قنصليته والمحاولة الفاشلة لإزالتها!!! وماذا عن الفرن الحراري بمنزله!!

 

4) براءة المِطرب والطبيقي (فلم يرد ذكرهما)، وبالطبع العسيري نائب رئيس جهاز المخابرات السعودية (إخلاء سبيله - باعتباره كان محبوسا)، وسعود القحطاني مستشار ولي العهد السعودي لعدم وجود أدلة إدانة وجميعهم  أحرار طلقاء!! ألم يثبت للعالم كله حضور الأولين في هذا التوقيت إلى إسطنبول وتأكد وجودهما بالقنصلية قبل عملية القتل وانصرافهما بعد تمام الذبح والتقطيع والتذويب!!!
وذلك بالتنسيق الكامل مع الأخرين، فلماذا أتيا وماذا كانا يعملان؟ هل كانا يمارسان جلسة وعظ وإرشاد لخاشقجي وإقناعه، كما قالت السلطات الرسمية السعودية بالعودة إلى وطنه!!! وماذا عن المشاجرة معه والتي أخبر عنها المتحدث الرسمي للنيابة السعودية أمام وسائل إعلام الدنيا كلها، والتي أسفرت عن موت خاشقجى!! فهل من حاولوا إقناعه فلم يقتنع فتشاجروا معه فقتلوه بدون قصد وقطعوه بدون وعي وأذابوا جسده بدون إدراك!! أم أن هؤلاء الخمسة من أهل الشر الذين لم تعلن أسماؤهم هم من قاموا بهذا الفعل القبيح بدون توجيه وتألمت لأجله قلوب هؤلاء الثلاثة الرحيمة، ومن فرط حزنهم غابوا عن الوعي ولم يبلغوا سلطات بلدهم الحنونة خشية عليهم أن تتقطع قلوبهم حسرات فذهبوا لأحد المطاعم ليضعوا همهم في أكل اللحوم بِنَهم واحتساء الخمور ليغيبوا عن الوعي حتى لا يؤنبهم ضميرهم اليقظ، ولما جاء نائبهم العام لاحقا بعد إزاحة الستار وكشف الأسرار وإبداء أسفه على هذه الفعلة الشنيعة غير المقصودة ولا المدبرة ولا المبررة ذهب لشراء ما استطاع شرائه من الملبن التركي بأنواعه السادة والمحشوة بالمكسرات ليخرجها صدقةً جاريةً على المرحوم عندما يعود إلى بلاده الحزينة أو يدفعها فِديةً وقد يجيزها له المشايخ العظام ففتاواهم لا تقل ليونة وطراوة وحلاوة عن هذا الملبن ليكون بعد ذلك هو الدية المُسَلَمةُ إلى أهل كل قتيل شق عصا طاعة ولي الأمر أو ولي عهده السعيد أو إلى بعض الإعلاميين البررة نيابة عن أهل القتيل باعتبار أنهم من قوم بينهم وبين ولي العهد ميثاق، ومن لم يجد الملبن فصيام شهرين متتابعين والصيام لا يطلع عليه أحد والقضية كلها ممنوع فيها النشر حتى يوم الحشر.

5) والحكم كما قالوا غير نهائي يجوز الطعن عليه وتطول إجراءات المحاكمة - إن وجدت - ويتم التخفيف والتلطيف أو حتى يتم العثور على خمسة من الأشرار المارقين ليتم إعدامهم أو يعلن فقط عن تنفيذ حكم الإعدام في هؤلاء الخمسة غير معلومي الهوية ولا الأسماء ولا الحسب ولا النسب ولا معلوم هل هم من الإنس أم الجان أم من مارج من نار، والنشر ممنوع والكلام مؤثم غير مشروع إذ هو خوض والعياذ بالله في الأعراض وهو مما ينبغي عنه الإعراض فكل شيء وفق الشرع الحنيف والخلق السمح العفيف. 

وهكذا يتحقق العدل في بلاد الإسلام  وقبلة كل الأنام  فيأمن الناس على أرواحهم وأنفسهم في البدو والحضر والسفارات والقناصل بدون تمييز ولا فواصل فولاة الأمور يعلمون كما أخبرهم من عذبوه وهجروه ومن مكة أخرجوه وإلى الطائف ألجأوه أن دماء الناس وأعراضهم وأموالهم حرام عليهم كحرمة بلدهم هذا وشهرهم هذا ويومهم هذا، ولكن يبدو أن أحدهم جاء من أقصى الرياض يسعى مناديا إن هذا كان في حجة الوداع فقولوا لكل هذه القيم والمعاني الوداع ثم الوداع.  

ومني أنا سلام عليك يا خير داع

0
التعليقات (0)