هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ترامب رجل الأعمال والباحث عن الفرص الاستثمارية للاقتصاد الأمريكي،
دخل كوريا الشمالية ليصافح كم جونج أون رئيس كوريا الشمالية، تحدوه فلسفته لإنهاء
دور الولايات المتحدة كشرطي للعالم، وأن خدمات الحماية تستدعي دفع تكاليف تلك
الحماية من كوريا الجنوبية، لذلك أقدم ترامب على مصافحة كم جونج حتى يتمكن من
القول بأنه ليس هناك مواجهة بين أمريكا وكوريا الشمالية، وعليه بالإمكان سحب
القوات الأمريكية من شبه الجزيرة الكورية، موفرًا التكلفة على الاقتصاد الأمريكي،
من كوريا الشمالية إلى اليابان إلى أوروبا وصولًا للخليج العربي، حماية الممرات
المائية أو ناقلات النفط والطاقة للعالم.
أي أن النظام الأمريكي العالمي الذي أنشئ بعد الحرب العالمية الثانية
لا ترى الولايات المتحدة ضرورة استمراره، وأن الوقت قد أزف ليعرف العالم أن هذا
النظام لم يعد يناسب أمريكا اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا.
في
نفس السياق تأتي المواجهة مع إيران، فترامب يرى أن المواجهة مع إيران غير مجدية أو
حتى غير ممكنة، إذًا ما هي الحلول في هذه الحالة، وكيفية التعامل مع إيران بشكل
يمكن أن يخدم أهداف ترامب وأمريكا، بالتزامن مع استحقاقات السباق الرئاسي وسعيه
للولاية الثانية ورغبة ترامب في استمراره في كرسي الرئاسة يعني الوفاء بوعوده لدى
ناخبيه، وفي الأساس سحب القوات الأمريكية من مختلف دول العالم، حتى يتم خفض
الميزانية الحربية وتقليص النفقات في الموازنة العامة لتحسين أداء الاقتصاد
الأمريكي، ولذلك فمن المنطقي أن يبحث ترامب إمكانية الوصول لاتفاق مع إيران كونها
قادرة على تأمين مضيق هرمز، أو على الأقل عدم تعريضه للتوترات، فإن استطاعت أمريكا
توظيف إيران في حماية ممرات الطاقة، فإن هذا سيمكن أمريكا من خفض تكاليف أعبائها
المالية.
وستكون
إيران في هذه الحالة حليفا يصد الصين وروسيا من المنطقة، وتكون بذلك الولايات
المتحدة قد كلفت دولة تمكنها من سحب قواتها في المنطقة، وتأمن لها مسارات الطاقة،
وتحمي المنطقة من أي تمدد من قبل الصين وروسيا، مع تمكين الشركات الأمريكية من
السوق الإيراني، ويكون بذلك قد ضرب عشرة عصافير بحجر واحد، ولذلك فإن توقع زيارة من
قبل ترامب لطهران ليس من ضرب الخيال بل هو معرفة لشخصية ترامب وأهدافه، وبالحساب
قد تكون الخطوة هذه أفضل ما يقوم به السيد ترامب لتحقيق وعوده لناخبيه وتمكينه من
الفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتحسين أداء الاقتصاد الأمريكي.
من
الواضح مدى تأثير إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة مع الأحداث اللاحقة، وقد يدفع
إدراك ترامب أن أمريكا لم تعد قادرة على فرض إرادتها بشكل مطلق إلى الإسراع في سحب
القوات الأمريكية من مختلف دول العالم، وبذلك يحقق وعوده ويخفض النفقات على
ميزانية الولايات المتحدة ويدعم حملته الانتخابية للفوز بكرسي الرئاسة للمرة
الثانية.
المشهد
الذي تحدثنا عنه ينطبق على دول الحصار في المنطقة وهذا سيدفعهم لإعادة حساباتهم،
أما في مواجهة إيران أو مواجهة شعوبهم ، فالإيمان أن أمريكا ستدعم خططهم أصبح غير
واقعي وبذلك تسقط جوهرة ذلك الإيمان، ولذلك رأينا تهدئة التصريحات التي كانت تتهم
فيها إيران، والانسحابات من اليمن والتراجع في ليبيا والسودان والجزائر فلم تعد
تلك الاستراتيجية ممكنة، فلن تجد تلك الدول دعمًا من أوروبا ولا أمريكا، وستجد
مواجهة من إيران وتركيا وشعوب المنطقة أن المعادلة لم تعد في صالح دول الحصار، بل هي
ملاحقة من قبل المؤسسات الإنسانية والدولية في الوقت الذي تجد قطر كل الدعم من
قِبل المؤسسات الدولية ودول العالم واستمرار الحوارات الاستراتيجية بين قطر
والولايات المتحدة وأروبا وتستقبل قطر بحرارة في الوقت الذي ينأى فيه قادة العالم
عن مصافحة أو أخذ صورة مع قادة دول الحصار، وما هو قادم على المنطقة في حال صح
توقع التوصل لحل التباينات بين إيران وأمريكا، قد يكون الأفضل في مشاريع التنمية
والنمو الاقتصادي، والتوصل لاتفاق سيُخفض الأخطار بالمنطقة، ويُخفض التكلفة على
الجميع، ويفتح آفاق التنمية والتطوير والاستثمار.
عن صحيفة الشرق القطرية