مقالات مختارة

يريدون اختطاف الحراك!

رشيد ولد بو سيافة
1300x600
1300x600

النجاح الباهر الذي حققه الحراك الشعبي السلمي فتح شهية البعض للسطو عليه، من خلال اقتراح أسماء لتزعُّمه والحديث باسمه، وإن كان من المنطقي أن يكون للحراك لسانُ حال يعبِّر عن مطالبه، ويتفاوض مع السلطة باسمه، لكن، شرط أن يكون ذلك نابعا من الحراك ذاته، وليس بركوب الموجة من قبل أشخاص يمثلون تيارا سياسيا معينا منتظما في تنظيم يطلق على نفسه حركة مواطنة!

لقاد سارع الكثير من الناشطين إلى تعيين ناطق رسمي باسم الحراك، ولا اعتراض على الشخصية التي اقترِحت، ولكن على الطريقة التي يتم من خلالها تزعم الحراك الشعبي، والحديث باسم ملايين الجزائريين الذين خرجوا بكل فئاتهم ومشاربهم وتوجُّهاتهم وقناعاتهم السياسية إلى الشارع.

بل إن الغريب أن الكثير من "مناضلي الفسيبوك" اقترحوا أرمادة من الشخصيات التي تحمل فكرا واحدا وتوجُّها سياسيا واحدا، لتزعُّم الحراك الذي شارك فيه العلمانيون والإسلاميون والوطنيون وكل التيارات الفكرية من إصلاحيين وصوفيين.. وكل الفئات من طلبة ومحامين وأساتذة وموظفين وصحفيين وقضاة وطيارين وكل فئات المجتمع.

هؤلاء الإقصائيون أرادوا اختطاف حلم الجزائريين، وتحويله إلى أداة لخدمة مشروع إيديولوجي معيَّن لا يتفق عليه كل الجزائريين، وهي ممارسة لم تتورط فيها حتى السلطة التي تحرص دائما على الحفاظ على التنوع في تركيبتها.

لقد أثبت الحراك إلى الآن أنه ليس في حاجة إلى ناطقين رسميين، كما أنه ليس في حاجة إلى تأطير وتنظيم، فقد أظهر الجزائريون من خلال الحس المدني أنهم قادرون على تنظيم أنفسهم ذاتيا، والدليل ما عشناه جميعا من مشاهد حضارية في كل المسيرات عبر الوطن.

كما أن رسالة الحراك وصلت واضحة وكاملة إلى السلطة، ولن تفلح محاولة الالتفاف عليها، لأن الحراك مستمرّ ومطالبه واضحة، وكل محاولة لاستيراد تجارب المظاهرات من مصر أو من اليمن عبر تسميات معينة وناطقين رسميين هي محاولة يائسة، فالعالم أجمع أدرك أن مظاهرات الجزائريين فريدة من نوعها، ولا تشبه المظاهرات في العالم العربي ولا المظاهرات في الغرب.

وإذا كانت التجربة العربية في الربيع العربي ليست في حاجة إلى تقديم أدلة فشلها، فإن المقارنة البسيطة بين مظاهرات الجزائريين الذين خرجوا بالملايين سلميا بلا شغب ولا تخريب، وبين مظاهرات “السترات الصفراء” في فرنسا الذين لا يتجاوز عددهم عشرات الآلاف، إلا أنهم أحرقوا المدن واعتدوا على قوات الأمن ودمروا الممتلكات… هذه المقارنة، تكفي أن حراكنا جزائري بحت. لذلك كله، فإن محاولة السيطرة عليه من طرف أقليات إيديولوجية هي اختطافٌ له وانحرافٌ بمطالبه الواضحة إلى أجندات ومشاريع ضيِّقة.

عن صحيفة الشروق الجزائرية

1
التعليقات (1)
متفائل
الجمعة، 15-03-2019 11:17 ص
من المتوقع أن يدخلوا عليه بمزايدات مثل الذين زايدوا على النخبة الجزائرية الوطنية المتمسكة بقيم المجتمع، فسموها بالجزأرة ، اليوم يمكن أن يزايدوا على الوعي البديل النابع من خصوصية المجتمع الجزائري التي أبهرت القريب والبعيد ، فيفعلوا أكثر من صراع مصطنع ،مثلما صنعوا مع المجتمع في غرداية ،او من خلال بعض الوجوه الاستئصالية على شاكلة مقران ايت العربي الذي برر ترأسه لحملة علي غديري بصفته جنرالا يواجهوا به سلطة العسكر ، بمعنى أن الاستئصاليين المنبوذين شعبيا يريدون الوصول الى السلطة على ظهر دبابة ، كما يتخندقون وراء حركة مواطنة للمزايدة على المواطنين الأحرار ، لعلكم تابعتم تدخل هذا الانسان البائس واليائس على مستوى قناة العربية الأسبوع المنفرط .