هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تحليلا مثيرا حول العلاقة الأمريكية السعودية، ومركزية الصداقة بين صهر الرئيس الأمريكي ترامب، وبين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فيها.
وجاء التحليل الذي كتبه محمد بازي؛ المحاضر في الصحافة بجامعة نيويورك، وترجمته "عربي21"، تحت عنوان "جوهر العلاقات الأمريكية السعودية مركزه صداقة كوشنر مع الأمير محمد بن سلمان".
وقال الكاتب إن مجلس النواب الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي يقوم بالكشف عن الطرق المتعددة التي عبّرت من خلالها إدارة دونالد ترامب عن امتنانها للسعودية منذ الأيام الأولى.
وأشار الكاتب إلى تقرير للجنة في مجلس النواب نشر الشهر الماضي ولم ينتبه إليه الكثيرون في غمرة الأحداث المتعددة، وكشف عن محاولات المسؤولين في الإدارة بمن فيهم مايكل فلين مستشار الأمن السابق، وجاريد كوشنر، الدفع في اتجاه منح السعودية التكنولوجيا النووية، على نحو كان سيعطي المملكة الفرصة لتطوير السلاح النووي، وزيادة حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
ورآى الكاتب أن دور كوشنر تحديدا يثير القلق، لأنه كصهر للرئيس وكبير مستشاريه بنى علاقة قوية مع ولي العهد السعودي الشرس، محمد بن سلمان. وتظل صداقتهما في قلب العلاقات الأمريكية السعودية. وهي السبب الرئيسي الذي دفع إدارة ترامب إلى حماية ولي العهد، وإبعاد اللوم عنه في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي.
ويقول الكاتب إن ترامب وكوشنر اللذين يعرفان العالم الغامض والعقود المثيرة للشك في عالم العقارات تكيّفا سريعا مع النظام السعودي القائم على الرعاية والمحسوبية، والنتيجة هي دعم كامل من إدارة ترامب مقابل وعود شراء أسلحة وعقد صفقات تجارية أخرى.
إقرأ أيضا: "صفقة القرن" ستعلن مفصّلة بعد انتخابات الكنيست
ويشير الكاتب إلى أن محاولات تزويد السعودية بالطاقة النووية بدأت في عام 2016 أثناء الفترة الانتقالية التي التأم فيها شمل مجموعة من الجنرالات المتقاعدين ومستشاري الأمن القومي حول فلين (أول مستشار للأمن القومي). وحتى بعد فصله في شباط (فبراير) 2017 حاول عدد من مسؤولي البيت الأبيض إحياء الخطة رغم اعتراض محامي البيت الأبيض الذين حذروا من خرق القوانين الأمريكية التي تحاول الحد من انتشار السلاح النووي. ولا تزال الفكرة حيّة، ففي الشهر الماضي اجتمع ترامب مع مدراء عدد من شركات الطاقة النووية الخاصة الذين أرادوا دعمه لبناء مفاعلات نووية في الشرق الأوسط. ومع أن التركيز ظل على فلين، إلا أن كوشنر متورط في تضارب المصالح بشأن المشروع السعودي. فبحسب التقرير الذي جاء في 24 صفحة، والذي أعدته لجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب، فإنه ربما كانت شركة "ويستنغهاوس إلكتريك" هي المستفيد المحتمل من المشروع السعودي. وهي شركة مملوكة من فرع لـ"بروكفيلد أسيت مانجمنت"، المتخصصة في العقارات، والتي أنقذت كوشنر وعائلته من عقار اشتروه بمبلغ 1.8 مليار دولار بمنطقة منهاتن- نيويورك.
ورأى الكاتب أن تحالف كوشنر مع ابن سلمان له تداعياته، فقد تجاهلت إدارة الرئيس الموعد النهائي الذي وضعه الكونغرس للبيت الأبيض لكي يقرر ما إذا كان ولي العهد السعودي هو من أمر باغتيال صحافي "واشنطن بوست" جمال خاشقجي وتقطيع جثته، كما توصلت الوكالات الاستخباراتية الأمريكية.
ورأى أن محاولات ترامب حماية ولي العهد السعودي، سترتد عليه سلبا. فبدفاعه عنه بقوة؛ فاقم ترامب المشكلة ودعا الكونغرس للرد عليه بشدة.
ويضيف الكاتب أن مستشاري ولي العهد استهدفوا بعد انتخاب ترامب، كوشنر باعتباره البوابة التي يدخلون من خلالها إلى الدائرة المحيطة بترامب. واعتقدوا أن كوشنر يسهل التحكم به بسبب تعاملاته المالية وقلة معرفته بالشرق الأوسط ورغبته في تحقيق صفقة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وكتب عضو في وفد أرسله ابن سلمان إلى واشنطن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 أن الطبقة المحيطة بترامب هي في المعظم من الذين يبحثون عن صفقات ولا يعرفون التقاليد السياسية أو كيفية عمل المؤسسات ويدعمون جاريد كوشنر.
وكان كوشنر هو من قام في آذار/ مارس 2017 بترتيب مأدبة غداء لمحمد بن سلمان مع ترامب في البيت الأبيض حيث تم استقباله بحفاوة لا تتم في العادة إلا لرؤساء الدول. وبعد ذلك أقنع كوشنر صهره باختيار السعودية كمحطة في أول زيارة خارجية له. وفي تلك المرحلة عرف السعوديون أن الرئيس يحب البهرجة والتملق، وقدموا له ما يريد من استقبال مبهر وحفلات ومآدب عديدة. ولم يكن مدهشا أن يقول ابن سلمان كما ذكر موقع "ذا إنترسيبت" لاحقا إن كوشنر "في جيبه"، وحصل منه على معلومات عن منافسيه في العائلة المالكة.
وكان كوشنر في وضع ضعيف، فقد اشترت عائلته بناية في "666- فيفث أفنيو/ منهاتن" في ذورة ارتفاع سوق العقارات الذي انهار بعد عام. وحاولت شركات كوشنر ولأكثر من عامين البحث عن منقذ سواء من قطر أو الصين، ولم يتم التوصل لاتفاقيات لخوف المستثمرين من الدور الذي بات يلعبه كوشنر في البيت الأبيض.
وفي الربيع الماضي وقعت شركات كوشنر على عقد مدته 99 عاما مع "بروكفيلد أست مانجمينت"، والتي تعد واحدة من كبرى شركات العقارات في العالم. وفي نفس الوقت الذي كانت فيه الشركة توقع فيه عقدا مع كوشنر أعلنت شركة أخرى تابعة لها عن شراء شركة "ويستنغهاوس إلكتريك" التي أعلنت إفلاسها، بقيمة 4.6 مليار دولار. وكانت الشركة المتخصصة بتكنولوجيا الذرة تحاول ضمن مجموعة من شركات الحصول على عقود لبناء محطات نووية في السعودية. وكانت الصفقة بحاجة لمصادقة إدارة ترامب ومراجعة لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة؛ والمكونة من مسؤولين كبار من تسع وكالات أمريكية. وتطلب العقد موافقة أمريكية لأن بروكفيلد هي شركة كندية وتريد شراء شركة أمريكية متخصصة في الطاقة النووية. وفي الماضي كانت اللجنة تطلب من الشركات الأجنبية التخلي عن الصفقة أو تقديم تعديلات للعطاء المقدم، لكن العقد مع بروكفيلد مُرر ووُقع في الأول من آب/ أغسطس 2018. وفي 3 آب/ أغسطس أعلنت بروكفيلد عن صفقة إيجار مع شركات كوشنر لمدة 99 عاما، وأنها ستدفع المبلغ مقدما. وبدون الصفقة فقد كان كوشنر سيبيع المبنى وبخسائر فادحة. ولا يُعرف إن كانت تجارة ومصالح كوشنر قد لعبت دورا في تأمين عقد بروكفيلد، لكنها تظل مثالا على الطريقة التي تتعامل من خلالها الإدارة مع السعودية وبقية الحلفاء.
ويضيف الكاتب أن الدعم الأعمى الذي قدمه ترامب للأمير المتهور قدم من خلال مظهر العقود والتحالف القائم على النفط والسلاح وبعض مصالح الأمن القومي. ففي نفس اليوم الذي وصل فيه مايك بومبيو، وزير الخارجية إلى الرياض في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 لبحث مصير خاشقجي؛ قام السعوديون بوضع 100 مليون دولار في صندوق بالولايات المتحدة للمساعدة في تحقيق الاستقرار في مناطق شرق سوريا التي طرد منها تنظيم الدولة. ولم يكن الدبلوماسيون الأمريكيون واثقين من وصول المال حتى ظهوره في الحساب فجأة. وكان إرسال المبلغ إشارة إلى اللغة التي يفهمها ترامب. وهو أن التزام المملكة بتعهداتها المالية والتجارية للولايات المتحدة مشروط بتعاون ترامب في الأزمة الناتجة عن جريمة قتل خاشقجي. وهكذا مرر القادة السعوديون لترامب وكوشنر رسالة تقول إنهم يقدرون الولاء العائلي والمصالح المالية ويرونها فوق أي شيء.