هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رسمت سلطات الاحتلال أخيرا مخططا استيطانيا جديدا، يلتف حول مدينة بيت لحم المحتلة، ليكمل الطوق الاستيطاني حولها وتصبح كالمعصم داخل السوار، في إطار التوسع في بناء المستعمرات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، وزيادة عدد المستعمرين اليهود فيها، بهدف تحقيق التفوق الديموغرافي اليهودي في فلسطين التاريخية بشكل عام، مع مراعاة التوزيع الجغرافي لانتشار المستعمرات والمستعمرين، تمهيدا لضم الضفة الفلسطينية المحتلة، وإلحاقها بأراضي فلسطين المحتلة عام 48.
يبلغ عدد المستعمرات المحيطة بمدينة بيت لحم حاليا 22 مستعمرة وحوالي 20 بؤرة ومستعمرة أخرى في طريقها الى الشرعنة الاحتلالية، فيما يصل عدد المستعمرين اليهود القاطنين فيها جميعا حوالي تسعين ألفا، وتشكل كتلة استيطانية ضخمة من حيث عدد المستعمرات والمستعمرين في الضفة المحتلة التي يتجاوز عددهم فيها الثمانمئة ألف مستعمر.
أهداف صهيونية كثيرة تختفي خلف هذا المخطط الإجرامي الجديد، أبرزها مواصلة تنفيذ وتطبيق المشروع الصهيوني التوسعي في فلسطين التاريخية، وتضييق الخناق على الوجود الفلسطيني في الضفة المحتلة جغرافيا وديموغرافيا واقتصاديا، ومحاصرة بيت لحم الفلسطينية المحتلة، التي تأتي بعد القدس المحتلة من حيث الأهمية الدينية والسياحية والاقتصادية، وعزل المدينة عن شقيقاتها القدس ورام الله، والمحيط الفلسطيني ككل، وتقطيع أوصال الضفة الغربية، لان هذا المخطط سيتم تطبيقه على مدن وتجمعات فلسطينية أخرى في المستقبل، وتقسيم مساحة الضفة إلى كانتونات صغيرة أرضا وسكانا، وزرع المستعمرات والمستعمرين بين تلك التجمعات على شكل سرطانات وصواعق، واستخدامها للتفجير في اي وقت، والوصول الى الهدف الاستراتيجي وهو عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة ونسف عملية السلام برمتها.
الاعتداءات التي يقوم بها المستعمرون في الضفة الغربية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، جزء من المخطط الاقتلاعي الذي تشمله حزمة الممارسات والإجراءات الصهيونية في الأراضي المحتلة، لإثارة الفزع والقلق والرعب في صفوف الفلسطينيين تحت الاحتلال، ومنعهم من الشعور بالأمن والاستقرار في أرضهم ومدنهم وقراهم ومخيماتهم ومنازلهم، وتتلخص كل هذه الوحشية الصهيونية في سياق حرب الوجود التي تشنها دولة الكيان المحتل ضد الشعب الفلسطيني.
ما العمل أمام هذا الواقع المرير، وأبواب العدالة العالمية موصدة، والآذان مغلقة، والخصم هو الحكم بل وأكثر عداء من العدو ذاته، والأيادي مكبلة، والغطاء الدولي «مخردق».. ليس من خيار إلا الصمود والاحتفاظ بالإرادة الفولاذية الصلبة، التي لم تفارق الشعب الفلسطيني يوما منذ أكثر من قرن، والقبض على الأرض والصبر والحق، لان القادم أصعب وأسوأ، لكن الأمل والتفاؤل بالنصر هما الشرايين الرئيسة التي تغذي الإرادة بالقوة والمعنويات.
عن جريدة الدستور الأردنية