هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا تزال روسيا على موقفها بالنسبة إلى الوضع السوري. فهي لن تسمح بأي
قرار في مجلس الأمن يورط النظام، وحتى بالنسبة إلى اليمن بقيت روسيا على تشددها
لناحية ضرورة تعديل مشروع القرار حول اليمن في مجلس الأمن إلى أن تم تعديل صياغته
بشكل لم يأتِ على ذكر ايران، ما جعلها توافق عليه.
روسيا،
بحسب مصادر ديبلوماسية قريبة منها، لا تريد إدانة حلفائها في مجلس الأمن، لذلك
تُبطل أي قرار يؤدي إلى تحرك أممي ضد الحكومة السورية. حتى في مسألة الكيماوي فقد
انتهت مهمة اللجنة الدولية لمراقبة استخدامه في سوريا منذ 17 تشرين الثاني الماضي،
ولا تزال روسيا تعرقل التمديد لها، أو قيام لجنة أخرى.
والتصريحات
الأمريكية الأخيرة، لا سيما لرئيس الاستخبارات، أمام الكونغرس، حول سوريا وقدرات
المعارضة السورية، تعتبرها روسيا اقل من عادية، مع أن العديد من شخصيات المعارضة
السورية تعتبرها نوعاً من التهيئة لتغييرات في أداء الإدارة حيال الملف السوري،
واحتمال تدخل عسكري ما. وتقول المصادر، إن مجازر حصلت في سوريا اشد خطراً من القتل
بالكيماوي ولم يتدخل الأمريكيون عسكرياً بشكل حاسم. وهي تعتبر انه لو ثبت استعمال
الكيماوي، فلن يتدخل الغرب للحسم، إنما ردود الفعل الكلامية هي بمثابة ضغوط للحفاظ
على المصالح الغربية في الحل السياسي لاحقاً، وعندما يحين أوانه. فكيف سيقوم الغرب
بضربات للنظام، فهل من خارج قرارات الأمم المتحدة؟ إذ بحسب القانون الدولي تحتاج
الضربات إلى قرار دولي. واذا تحرك الغرب خارج المجلس، يكون الأمر بمثابة عمل
عدائي. وبالتالي، هناك استبعاد لحصول ضربة كبيرة وحاسمة ضد النظام السوري في
المرحلة الراهنة. إذ حتى مدة بسيطة، كان مسؤولون أمريكيون يسألون مسؤولين في
المعارضة، عن كيفية توجيه ضربة للنظام من دون أن تؤول إلى إسقاطه بالكامل.
وفقاً
لمصادر ديبلوماسية أخرى، الضربة الحاسمة مستبعدة حتى لو ثبت انه يستعمل الكيماوي،
وهو يستعمله. الآن استجاب الروس لطلبات التهدئة في الغوطة الشرقية، لكن ذلك لا
يعني أن الغرب سيقلب الطاولة في وجههم بصورة جذرية. يتوقع أن تقوم الولايات
المتحدة بتحديد تفاصيل اكثر في استراتيجيتها حيال سوريا. لكن الأمر ليس واضح
التوقيت بعد.
إلا
أن المصادر القريبة من موسكو، تشير إلى أن النظام لا يقوم بأية خطوة إلا بالتنسيق
مع روسيا. والمواقف الغربية تأتي في إطار تخفيف المعاناة ولن تؤدي إلى مكان. أوروبا
فقدت تأثيرها في المنطقة، وخصوصاً في الأزمة السورية. ودورها يتضاءل مع الوقت.
واللاعبان الأساسيان هما واشنطن وموسكو، يليهما تركيا وايران. وما يحدده الكبار
ستسير به الدول المعنيّة كلها.
في
كل الأحوال، تؤكد أوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن الوضع السوري يبقى منفجراً،
ذلك أن العملية السياسية غير ناضجة، وتحتاج لإنجازها إلى تقاسم النفوذ بين القوى
العظمى على حساب دمار سوريا والشعب السوري. وما يحصل في الغوطة مثل صارخ في سياق أن
الحرب مفتوحة، وان الحل السياسي بعيد، وان واشنطن وموسكو لم تتوصلا بعد إلى نقاط
مشتركة تؤدي إلى هدنة واستقرار، تمهيداً للحل.
وفي
حين تقول المصادر، أن الغموض في الموقف الأمريكي في سوريا وفي الأهداف، هو اكثر ما
يزعج الروس، تشير إلى انه لولا هذا الغموض والتريث لما توصلت موسكو إلى أن تدعم
النظام بهذا الشكل عسكرياً وديبلوماسياً. وأيضا تنزعج موسكو من وجود عشرات القواعد
العسكرية الأمريكية في سوريا، ومستقبل الدور الأمريكي وأهدافه جزء من مساحة عدم
التفاهم القائم بين واشنطن وموسكو، وهو بدوره الذي يمنع الحلول السياسية. وبالتالي
في هذه المرحلة وانتظاراً لما ستكون عليه الأهداف الأمريكية، يقوم الروس في مناطق
سيطرتهم باستغلال الوضع لتحقيق انتصارات. لانهم يعتبرون أن واشنطن تقوم بما تريده
في مناطق سيطرتهم. وهذا ما يفعله الروس في الغوطة.
وعدا
عن الخسائر البشرية الهائلة، وكل الأطراف تساهم بها، فإنها أيضا تساهم بالخسائر
الاقتصادية والتي تقدر بين 200 و 500 مليار دولار، ولم تنتهِ الحرب بعد.
المستقبل اللبنانية