هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا يندهش المتابع من موقف الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من نقل
مسألة تحرير عفرين من إرهابيي وحدات حماية الشعب الكردي إلى مجلس الأمن.
فباريس
وواشنطن تطمعان في تقسيم سورية إلى دويلات عدة، ولطالما شعرنا برغبة الدولتين
بإنشاء كيان كردي في العراق وسوريا، يهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة ودعم الكيان
الصهيوني، بالإضافة لاستخدام ذلك الكيان كمدية غربية، يستطيعون من خلالها طعن
تركيا واستقلال قرارها، خاصة مع التقدم الذي يحققه أردوغان على الصعد كلها.
إنما
يندهش المتابع من صفاقة التصريحات التي أدلى بها مسؤولون فرنسيون في مسألة نقل
عملية «غصن الزيتون» إلى مجلس الأمن.
إذ
عبّر السيد لودريان عن أهمية نقل الملف إلى مجلس الأمن، نظرا للضرورات الإنسانية
التي يعانيها الشعب السوري في ظل هجوم النظام وحلفائه على المدنيين في البلاد. لعل
السيد وزير الخارجية الفرنسي لم تصله أخبار مليون شهيد في سورية وتهجير عشرة أضعاف
هذا الرقم. ولربما أن علينا أن نشرح له أن بشار الأسد قد قصف الشعب الأعزل في
بلاده بالأسلحة الكيميائية التي يحرّمها العالم أجمع بما فيها باريس. ولعله من
المناسب أن نرسل رسالة للسيد الوزير نقول له فيها إن روسيا وإيران وحزب الله قد جعلوا
من حلب أثرا بعد عين، فلم يتركوا بيتا إلا ودمروه، ولا مخلوقا إلا وقتلوه. الغوطة
محاصرة منذ بداية الثورة السورية، واشتد عليها الحصار منذ خمس سنوات، وأصبح جحيما
منذ أربع سنوات، حتى أكل الناس ورق الشجر ومات الأطفال وهم يتضورون جوعا، فأين
كانت الخارجية الفرنسية كل ذلك الوقت عن الوضع الإنساني في سوريا؟!
لماذا
تنزعج فرنسا «بمقاييسها» من التدخل التركي، ولا تنقل ملف التدخل الروسي إلى مجلس
الأمن، أو ملف التدخل الإيراني على سبيل المثال، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!
الأسوأ
من ذلك أن السيدة وزيرة الدفاع الفرنسية فرانس بارلي انتقدت محاولة تركيا تحرير
عفرين من أيدي الإرهابيين، مدعية أن هذه العملية تضر بالمجهود الدولي في مكافحة
تنظيم الدولة الإسلامية، وهو موقف تبنته الإدارة الأمريكية، إذ تريد هي أيضا أن
تستمر الحرب ضد التنظيم.
وهذا
يعني على الأقل مسألتين صادمتين، أولاهما أن فرنسا وأمريكا غير مهتمتين بإرهاب
بشار الأسد، ولا بالإرهاب الإيراني والروسي، وغير معنيتين باستشهاد مئات الآلاف من
الشعب السوري على يد إرهاب الدول ونظام بشار الأسد، وإنما هدفهما إرهاب تنظيم
الدولة فقط، فربما لإرهاب الأسد طعم مقبول ورائحة زكية! وثانيهما هذه الصفاقة
بالتعامل مع عقولنا، ألم تعلن واشنطن عن تدمير تنظيم الدولة وانهزامه وتشتت
مقاتليه؟ فأي جهود تلك التي يريد البلدان استمرارها؟!
المسألة
كلها أن هناك دولا تعمل على منح وحدات الحماية الكردية -بالذات- دولة في الشمال
السوري، تستطيع من خلالها ممارسة إرهابها، واستمرارها في الخيانة والعمالة للغرب
والكيان الصهيوني، ضد السوريين وضد تركيا أيضا.
نؤيد
عملية «غصن الزيتون»، ونندد بالموقف الفرنسي والأمريكي بوضوح لا لبس فيه.
العرب القطرية