أجازت الحكومة
الجزائرية للاجئين والمهاجرين على أراضيها، إيداع شكاوى رسمية لدى القضاء ومصالح الشرطة، بعد انتقادات من منظمات دولية حيال "سوء معاملة"
اللاجئين والمهاجرين بالبلاد.
وحصلت "
عربي21"، حصريا، الأربعاء، على تقرير السلطات الجزائرية المزمع عرضه أمام المفوضية العليا لحقوق الإنسان بجنيف، في دورتها الـ94 المرتقبة بين 20 من تشرين الثاني/ نوفمبر إلى الثامن من كانون الأول/ ديسمبر المقبلين.
ويشير التقرير الجزائري إلى تحسينات في أساليب معاملة اللاجئين، في إطار "محاربة التمييز العنصري"، حيث أجازت الحكومة الجزائرية للاجئين على أراضيها؛ إيداع شكاوى رسمية لدى وكلاء الجمهورية (القضاء) ومصالح الشرطة، في حال تعرض أي منهم إلى تحرشات أو مضايقات.
ويرد في التقرير أن "الجزائر تنفي التهم التي تلاحقها إزاء التمييز العنصري تجاه المهاجرين أو اللاجئين على أراضيها"، مذكّرا بقوانين الجمهورية الحامية لهم.
وبحسب التقرير الحكومي، فإنّ "التشريع الوطني سيتضمن لاحقا آليات قضائية تختص بمعالجة الشكاوى المقدمة من طرف المهاجرين، حتى لو كانوا في وضعية غير قانونية".
ورغم أن التشريعات القانونية الجزائرية؛ لا تفرق بين المواطنين الجزائريين وغير الجزائريين، فيما يتصل باللجوء إلى القضاء أو الأجهزة الأمنية في حال التعرض لاعتداءات، إلا أن منظمات دولية؛ نقلت عن لاجئين بالجزائر عدم تمكنهم من مقاضاة أشخاص أساؤوا معاملتهم.
وأوضح هواري قدور، المكلف بملف اللاجئين بالرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تصريح لـ"
عربي21"، أنه "صحيح أن التشريع الجزائري يضمن للاجئ إيداع شكاوى في حال تعرضه لسوء معاملة أو الضرب أو أي مكروه، لكن في الغالب لا تأخذ مثل هذه القضايا مجراها لدى القضاء".
وعن السبب في ذلك، يقول قدور: "العديد من اللاجئين، لا يستقرون بمنطقة معينة بالشكل الذي يجعل المحاكم تتواصل معهم بإرساليات، وكذلك الأمر بالنسبة لأجهزة الأمن، ما يجعل تلك القضايا تقبر تلقائيا".
الخوف من الترحيل
ويشير قدور إلى أن "الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان تلقت عديد الشكاوى بخصوص تعرض لاجئين لتحرشات ومظالم تصل إلى الضرب، لكنهم يخشون التبليغ عنها لدى المحاكم أو الأجهزة الأمنية بسبب إقامة مهاجرين بطريقة غير شرعية بالجزائر، وبالتالي يخشون اعتقالهم وترحيلهم لهذا السبب".
وقامت الحكومة الجزائرية بترحيل أكثر من 15 ألف لاجئ إفريقي إلى بلدانهم، منذ مطلع العام 2017، على غرار الماليين والتشاديين والنيجيريين. وقد أثار ترحيلهم موجة سخط حقوقية بالداخل.
ويعتبر قدور أن "تأكيد الجزائر في تقريرها المرتقب عرضه أمام المفوضية العليا لحقوق الإنسان، لاحقا، ضمان لحق ثابت من حقوق المهاجرين واللاجئين"، كما قال.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أدانت ما أسمته "سوء معاملة المهاجرين واللاجئين بالجزائر وتعرضهم للتحرشات والمضايقات دون متابعة"، وذلك في تقريرها للعام 2016، الصادر شهر آذار/ مارس الماضي.
ودعت المنظمة؛ الجزائر إلى "الالتزام بتطبيق الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ووضع إطار واضح للحق في اللجوء رسميا".
ويوجد بالجزائر أكثر من 55 ألف لاجئ، بينهم 25 ألف لاجئ سوري، ويتوزع الباقون على جنسيات أفريقية، وأغلبهم نيجيريون.
اللاجئون العمال
وشدّدت الجزائر، بحسب التقرير، على "نفي وجود أيّ تمييز ضد العمال المهاجرين بصرف النظر عن وضعهم، غير النظامي أو النظامي. ومن ثم، يجوز للعمال المهاجرين تقديم شكاوى إلى السلطات القضائية والإدارية المختصة، فضلا عن المواطنين، وأن يساعدهم أي شخص يختارونه، ولاسيما في المنازعات مع صاحب العمل لاسترجاع حقوقهم وفقا للإجراءات القانونية المعمول به".
"قفزة نوعية"
ويعتقد موسى بابس، المحامي والناشط الحقوقي الجزائري، أن "التدابير الجزائرية الواردة بالتقرير؛ تعتبر قفزة نوعية بشأن حماية اللاجئين والمهاجرين، تتماشى مع الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص"، مشيرا إلى أن "نقص تجربة الجزائر بهذا الخصوص أحدث ثغرات بالتكفل باللاجئين، كما أن تزايد أعدادهم، وانتشارهم الفوضوي بالمدن، أثار مخاوف السلطات"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وكان وزير العدل الجزائري، الطيب لوح، قد انتقد مواقف منظمات حقوقية دولية أدانت طريقة تعامل السلطات الجزائرية مع ملف اللاجئين. وقال بمؤتمر صحفي، في أيلول/ سبتمبر الماضي، إن "المنظمات الدولية غير مطلعة على التشريعات التي أقرتها الجزائر فيما يتصل بحقوق الإنسان وحماية اللاجئين"، معتبرا أن "تلك المنظمات تعمل على تسويد صورة الجزائر"، وفق تعبيره.
وقال الأمين العام للهلال الأحمر الجزائري، بشير عبادلي، في تصريح لـ"
عربي21": "هناك إرادة سياسية قوية للجزائر للحفاظ على كرامة الرعايا الأجانب واللاجئين الأفارقة والسوريين الذين ينوهون بكل الخدمات الإنسانية، بعكس ادعاءات جهات تعتقد بسوء معاملتهم".