تمر على الوطن العربي منذ سنوات حوادث لا تشبهها في تاريخنا المعاصر، إلا تلك الأحداث التي لحقت قيام الثورة العربية الكبرى واتفاقية سايس بيكو، حين تغيرت جغرافيا القوى السياسية الحاكمة في الوطن العربي بل ونشأت وقتها جغرافيا جديدة تماما، ولأن هناك اليوم «دمارا شاملا» يلحق الخريطة السياسية في الوطن العربي وربما يلحق الخريطة الجغرافية أيضا... أحداث متسارعة كبيرة الخطى لم يتبين إلى الآن نهاية نتائجها، ولعل من لم تصبه رياح هذا التغيير من الدول، تأثر تلقائيا بمواقفه مما حصل داخليا على صعيد الاصطفاف الداخلي الذي بات بعبعا يهدد استقرار بعض الدول، أو خارجيا على صعيد العلاقات مع هذه الدول.
الأزمات في العراق، وسوريا، واليمن وليبيا، هل كان على دول الخليج التدخل ولو سياسيا فيها؟ هل كان لها أن تتجنب التدخل وتنأى بنفسها؟ هل هذا التدخل أو النأي سيؤثر على أمننا واستقرارنا؟ وماذا كان يجب علينا أن نفعل إزاء هذه الأزمات والحروب بما يحافظ على أمننا واستقرارنا قطعا؟ كل هذه أسئلة أثرت علينا تلقائيا في دول الخليج؛ أثرت داخليا باصطفاف واضح، وخارجيا بعواقب هذه الأزمات والمواقف علينا.
الآن وهذه الأزمات التي ذكرناها لم تنته بعد ومازالت ملفاتها ومآسيها مفتوحة، هل كان موقفنا منها سليما؟ هل اتخذنا ما كان يجب علينا أن نتخذه وما لا نستطيع إلا اتخاذه حيالها؟ من دون الدخول في التفاصيل، أظن أن هذه الأسئلة وغيرها على مراكز الدراسات ومراكز اتخاذ القرار التعمق بها وإيجاد الأجوبة عنه،ا ودراستها حتى نعرف كيف كان موقفنا ونقيمه، خصوصا أن هذه الأزمات ما زالت قائمة ولعل تعديل أي موقف - إن احتجنا - هو الآن أرخص ثمنا من المستقبل.
ما حدث وما يحدث الآن في عالمنا العربي له انعكاسات كبيرة جدا علينا داخليا على مجتمعاتنا ومكوناتها وخارجيا أيضا. مراجعة هذه المواقف حيال ما يحدث ومعرفة مواطن الخلل والقوة، أكبر ضمانة لتجنب آثار تلك المواقف علينا.