انعطفت حركة التحرر في العقد الأخير من القرن الماضي، نحو سلطة قابضة على ما كل هو ثوري ونضالي، وأصبحت الاتفاقيات الأمنية البند الوحيد الصامد من كل أوراق أوسلو
على المستوى السياسي، طهران وموسكو وبقية قوى الاحتلال على الأرض هي التي تأخذ القرارات، وعلى المستوى الاقتصادي لا فائدة مرجوة من نظام أُرغم على توزيع مقدرات سوريا للمحتلين مقابل حمايته من السقوط
أنظمة الاستبداد العربي أعادت اللُحمة فيما بينها في مرحلة الثورات المضادة، بالهجوم المدمر على مطالب تتعلق بالحرية والكرامة والمواطنة، وشيطنة أي تضامن حقيقي مع الشعب الفلسطيني؛ بموازاة التحالف مع المشروع الصهيوني
لأول مرة، تضع الثورات العربية قدرة النخب والأحزاب والحركات "الثورية المقاومة" أمام الاختبار الحقيقي، خارج شرانق ومتاريس بعيدة عن مستقبل ومصير أمة بكاملها وُضعت على المحك، ليسطع عجز المناهضين في انسياب مرارة مواقف لا يقال عنها سوى "خيانة" للتاريخ وللحاضر، وللضحايا الذين سقطوا أثناء الدفاع عن حريتهم
نحن أمام حالة تماثل صهيوني عربي ضد المجتمعات المدنية، وضد الحركات والفصائل المقاومة للاحتلال من جهة والمقاومة للاستبداد من جهة ثانية، وهو ما اتخذته "جرأة" بعض الأنظمة المتصهينة لمحاباة المؤسسة الصهيونية في الهجوم على الهوية الفلسطينية والتشكيك بوجودها مؤخراً
لم يكتب وزير خارجية روسي مباهج علاقة موسكو مع فلسطين على سبيل المثال بهذه الروح، ولا عن علاقة موسكو بسوريا، التي تكتب فيها موسكو علاقتها بالمنطقة بصواريخ ودبابات وعصابات فاغنر واحتلال مباشر
خرج رفعت الأسد قبل أكثر من ثلاثة عقود، وهو يحمل أوزار مذابح عشرات آلاف السوريين، وعاد لحضن العائلة، بترتيب وتوافق روسي وإيراني وتساهل دولي، بعدما حصدت آلة القمع الأسدية أرواح ملايين السوريين بين قتلى وجرحى ومفقودين ومهجرين
الوعي الديمقراطي في تونس هو تدعيم للاستقلال الوطني، وتحصين للمجتمع تجاه محاولات استغلال الديمقراطية والتعددية وصولاً لتقويض أسسها ومرتكزاتها، وهو ما حدث في تجربة الرئيس قيس سعيد وانقلابه على الديمقراطية وعلى الدستور، في محاولةٍ لتكريس هيمنة حكم الفرد الواحد..
أيام الحرية القليلة التي تنعّم بها أسرى جلبوع تنطوي عليها أبعاد اجتماعية وسياسية، وأخلاقية ومعنوية، وبعض مظاهر البهجة التي رافقت تحرير الأسرى أنفسهم وسرعة إلقاء القبض عليهم؛ تكشف عمق المأساة التي يعيشها أسرى الحرية وعموم الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، مع بقاء الهشاشة الأمنية للمناطق الفلسطينية
تفاعل الشارع العربي والفلسطيني، مع بطولة أسرى فلسطين ونضالهم داخل المعتقلات الصهيونية، وتمكنهم من الفرار من أشد المعتقلات قساوةً وأمناً، في ذلك الوقت خرجت أبواق نظام الأسد ومن يدور في فلك "الممانعة" ليمتدحوا فعل أبطال فلسطين الأسرى