لا تزال أصداء جريمة
اغتيال القائد في "
كتائب القسام" المبعد إلى
غزة،
مازن فقهاء (38 عاما) تتفاعل في الشارع الفلسطيني الذي تلقى صدمة كبيرة؛ بعدما قام مجهولون بتصفيته أمام منزله في مدينة غزة، في ساعة مبكرة من مساء الجمعة.
وشكلت الطريقة "الناعمة" التي اغتيل بها فقهاء صدمة للفلسطينيين، ما دفع القيادي البارز ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، خليل الحية، إلى التأكيد أن "الاغتيال الذكي الذي ينتهجه الاحتلال؛ لن يجسد أي معادلات جديدة".
وقال الحية في كلمة له خلال مراسم تشييع الشهيد فقهاء السبت، إن "المقاومة قادرة على الرد بالمثل، وبالطريقة المناسبة التي تكافئ هذا الجرم الكبير، وهي ستصنع مرحلة البطولة يوم الانتقام لدماء فقهاء".
وكانت "كتائب القسام" التابعة لحركة حماس، قد حمّلت في بيان لها الاحتلال
الإسرائيلي مسؤولية هذه الجريمة، وأكدت أن "هذه المعادلة التي يريد أن يثبتها العدو على أبطال المقاومة في غزة (الاغتيال الهادئ) سنكسرها، وسنجعل العدو يندم على اليوم الذي فكر فيه بالبدء بهذه المعادلة، ومن يلعب بالنار سيحرق بها".
جرائم متنوعة
وحول عودة أذرع الاحتلال العسكرية والأمنية المختلفة لطريقة "الاغتيال الناعم" أو "الهادئ" كما يطلق عليه البعض؛ أوضح الخبير العسكري الفلسطيني، اللواء واصف عريقات، أن "إسرائيل تلجأ إلى التنويع في طرق التصفية والاغتيالات، من أجل ضمان تنفيذ العملية ونجاحها في اصطياد هدفها".
وقال لـ"
عربي21" إن "طريقة الاغتيال الناعم؛ تمنح إسرائيل فرصة تهربها من مسؤولية الاغتيال بعدم تبني تنفيذ العملية، رغم أن كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أن إسرائيل هي التي تقف خلف جريمة اغتيال فقهاء المستهدف بالاغتيال من قبل الاحتلال، وهو ما لم تخفه وسائل الإعلام الإسرائيلية".
ولفت عريقات إلى أن تنفيذ الاغتيال عبر استخدام الطيران الحربي "ليس دائما وسيلة مضمونة النجاح، وخاصة في عملية اغتيال الأشخاص، إضافة إلى إمكانية سقوط ضحايا مدنيين خلال الاستهداف عبر الطيران، وهذا الأمر تتجنبه إسرائيل في الوقت الذي تسعى فيه للتقارب مع بعض الدول العربية".
نهج عسكري قديم
من جانبه؛ أكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن "الاغتيالات هي نهج عسكري إسرائيلي قديم متبع على مر التاريخ، وهي جزء دائم في السياسة الإسرائيلية في تعاملها مع العرب والفلسطينيين".
وقال لـ"
عربي21": "رغم أن إسرائيل تعتبر نفسها دولة حضارية؛ إلا أنها تستخدم هذا الأسلوب (الاغتيال) المغمس بروح الانتقام بشكل مستمر، في إطار التهديد، أو محاولة جر
حركة حماس لصدام جديد".
واستعرض مجلي عددا من عمليات "الاغتيال الناعم" التي قامت بها إسرائيل سابقا، مشيرا في هذا السياق إلى اغتيالها القيادي في حركة فتح، خليل الوزير (أبو جهاد)، في عام 1988 بتونس، والضابط الفلسطيني حسن سلامة، الذي أسس جهاز الـ17 لحماية ياسر عرفات، والذي اغتالته "إسرائيل" في عام 1979 بلبنان، وغيرهما من الرموز الفلسطينية.
دوافع أخرى
من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، مأمون أبو عامر، إن "إسرائيل حاولت بهذه العملية خلط الأوراق، وتغيير قواعد اللعبة مع حركة حماس، فهي تحاول اختبار ردة فعل القيادة الجديدة للحركة بعد تولي يحيى السنوار قيادتها في غزة، بالإضافة إلى قياس مدى قدرة كتائب القسام على الرد، واختبار جهوزيتها لذلك".
وأضاف لـ"
عربي21" أن عملية الاغتيال تمثل أيضا "محاولة للهروب إلى بر الأمان من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك بعد تزايد الضغوط السياسية عليه في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد نشر تقرير مراقب الدولة الذي كشف إخفاقات حكومته في إدارة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة".
سيناريوهات الرد "القسامي"
وأكد أبو عامر أن "إسرائيل نجحت إلى حد كبير في إحراج حركة حماس، كون عملية الاغتيال تمت بشكل استخباري بعيدا عن القوة العسكرية المباشرة، كاستهدافه من خلال الطائرات العسكرية، وهذا ما يجعل الحركة مطالبة بالرد على العملية بنفس الطريقة والأسلوب".
ورأى أن على حركة حماس إذا رغبت في الرد بنفس الطريقة؛ أن تقوم بـ"تنشيط المجموعات العسكرية التابعة لها في الضفة الغربية، ومحاولة إشعال جبهة جديدة لم تكن في حسابات إسرائيل، أو اللجوء إلى ضرب العمق الإسرائيلي بعمليات نوعية تحرج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام جمهوره، دون أن تتبنى بشكل مباشر هذه العملية كما تفعل إسرائيل".
أما الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون؛ فرأى أن "حماس لن تخل بقواعد الاشتباك مع الجانب الإسرائيلي، وستتعامل مع الموقف بالطريقة التي لا يريدها الجانب الإسرائيلي، ولن تنجر إلى حرب جديدة كما حدث في جريمة اغتيال قائد كتائب القسام محمد الجعبري في العام 2012".
وقال المدهون لـ"
عربي21" إن "عدم قيام حماس بأي رد فعل عسكري حتى اللحظة؛ سيجعل القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل في موقف حرج، وسيفتح الكثير من السيناريوهات حول الطريقة المناسبة للتعامل مع غزة في المرحلة القادمة".
من جهته؛ قال الأكاديمي المتخصص بشؤون القضية الفلسطينية، فهمي شراب، إن خيارات المقاومة للرد على عملية الاغتيال تتمثل في "توجيه ضربات للعملاء، وتوسيع دوائر الاشتباه للتضييق على عملهم، وهذا سيضع إسرائيل في موقف حرج، كون هؤلاء العملاء هم مصدر المعلومات الاستخبارية على الأرض".
وأضاف لـ"
عربي21" أن حركة حماس "ستتعامل مع الاحتلال بالمثل، من خلال استهداف شخصيات هامة في الداخل الإسرائيلي، وربما استهداف مصالح إسرائيل خارج حدودها، وهو خيار ليس مستبعدا، ولكنه الأقل حظا من مما سبق".
والشهيد مازن فقهاء من مواليد مدينة طوباس في الضفة الغربية المحتلة، وأبعد إلى غزة عقب الإفراج عنه في صفقة وفاء الأحرار بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي، وتتهمه "إسرائيل" بالوقوف وراء عملية "صفد" التي جاءت انتقاما لاغتيال القيادي البارز في "كتائب القسام" صلاح شحادة (عبر الطيران الحربي)، ونفذها الشهيد جهاد خالد حمادة عام 2002، وأدت إلى مقتل تسعة إسرائيليين.