تزايدت حدة التوتر بين
الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله
صالح، وخلافا للعمل العسكري الذي وحّد تحالف
الحرب الداخلية طيلة عامين، كانت الشراكة في حكومة واحدة تُظهر العكس، حيث يسعى كل طرف إلى التهام الآخر.
ومنذ اجتياح صنعاء في 21 أيلول/ سبتمبر من العام 2014، جمعت المصلحة الواحدة تحالف الحوثي ـ صالح، فبعد أن كان إسقاط الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته الشرعية هو الهدف الأول، تحولت السعودية إلى"العدو الأول" للجماعتين، والدافع الرئيسي للمحافظة على عدم انفراط العقد، مهما بلغت حدة التوترات بين أنصارهم، رغم أنباء عن حدوثها.
وعلى العكس من العمل العسكري الذي حافظ على توازن تحالف الحرب، جاءت ما تسمى بـ"حكومة الإنقاذ" غير المعترف بها دوليا والمشَكّلة بينهم بالمناصفة، أواخر نوفمبر/تشرين ثان الماضي، لتكشف الوجه الآخر، حيث كل طرف لا يطيق الآخر ولا نية له بالشراكة السياسية معه.
وخلال الأيام الماضية، تعرض وزراء موالون لصالح، إلى سلسلة اعتداءات نفذها قادة حوثيون، مع تنازع الصلاحيات بين الطرفين.
"حسين حازب" وهو وزير التعليم العالي وموال لصالح، أقرّ بـ3 اعتداءات وتهجمات نفذها الحوثيون في "20 و21 شباط/ فبراير الماضي، و15 مارس/آذار الجاري، وقال في بيان إن ما حصل "هو اقتحام مسلح تعرض له حرم الوزارة بطريقة خارجة عن النظام والقانون والأسلاف والأعراف".
وفي بيان صحفي، ذكر حازب، المعتكف في منزله جراء مضايقات نائبه الموالي للحوثيين، أنه "ينتظر ما ستسفر عنه إجراءات التحقيق مع الجناة"، ما تقرره قيادة حكومته، التي قال إنها" ليس لديها مناص من أن يفرضوا سيادة القانون في مؤسسات الدولة وحمايتها، واحترام الصلاحيات الدستورية والتسلسل القيادي للقائمين على تلك المؤسسات"، في إشارة ضمنية لتدخلات نائب الوزير الموالي للحوثيين الذي اقتحم مكتبه.
وعلى الرغم من امتداد الصراعات إلى دهاليز أكثر من وزارة يوجد فيها وزراء محسوبون على الرئيس السابق، إلا أن إعلام تحالف "الحوثي ـ صالح"، يحاول التكتم على الأمر.
وتفاوتت آراء مراقبين حول مخاطر التوترات الحاصلة بين تحالف الحوثي وصالح، ففيما يعتقد البعض أن الطرفين "سيتجهان نحو الصراع العنيف" بينهما، يرى آخرون أن المصلحة المشتركة التي تجمعهم لا تزال متوفرة، ولن يؤثر فيها خلافات على المناصب بالوقت الحالي على الأقل.
ويرى المحلل السياسي
اليمني "عبد الناصر المودع"، أن الصراعات بين الحوثي وصالح "طبيعية ومتوقعة؛ بالنظر إلى طبيعة الطرفين وتاريخ الصراع والحرب التي جمعتهم".
وقال المودع إن "حزب المؤتمر والحوثي لا يمتلكان أية أرضية مشتركة للتحالف باستثناء العدو المشترك الذي يستهدفهما، ودون هذا الأمر فإن الطرفين سيتجهان نحو الصراع بما فيه الصراع العنيف".
وأضاف: "ويؤكد هذا الصراع الطبيعة الشمولية للحركة الحوثية التي تجعلها غير قادرة على الشراكة مع أية قوة سياسية أخرى، فالحوثيين بعد أن استفردوا بالحكم والهيمنة على أجهزة الدولة في المناطق التي يسيطرون عليها، وبالذات الوزارات في العاصمة صنعاء منذ سيطرتهم عليها، وتعد مكاسب للحركة، لا يمكن لها أن تتراجع عنها".
ويعتقد المودع، أنه في الوقت الحالي، لا يبدو أن الحوثيين والمؤتمر سيدخلون في مواجهات شاملة، فهذا الأمر ليس في مصلحتهم، لافتا إلى أن "هناك احتمالية لاستمرار الحرب الباردة وتصاعدها في أكثر من اتجاه؛ كالإعلام والصراع الجزئي على بعض الوظائف والاختصاصات".
ومنذ اجتياح صنعاء وحتى ما قبل تشكيل حكومتهم الأخيرة، كان صالح يظهر في أكثر من مناسبة، ويعلن أن الحوثيين هم من يحكمون ويديرون أمور الدولة في صنعاء ولا علاقة له وأنصاره بشيء، لكن توقيعه للاتفاق السياسي معهم، جعله يعود للمطالبة في الشراكة.
ويعتقد مراقبون، أن عودة صالح لفرض نفسه على الحوثيين الذين حكموا منفردين، جاءت متأخرة، ولن يقبل الطرف الثاني أن يتحول لمجرد تابع لوزراء موالين لصالح في بعض الوزارات.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي"رشاد الشرعبي"، أن صالح سلّم المؤسسات الأمنية والعسكرية والايرادية لجماعة "أنصار الله" (الحوثي)، وأن ما يحدث هو "نتيجة طبيعية لتغلب الحوثيين وسيطرتهم على تلك المؤسسات".
وقال الشرعبي: "ستتواصل الخلافات ما دام الفشل والفساد مستمر من طرف واحد وليس من الطرفين، وخاصة مع العجز عن تسديد مرتبات الموظفين لقرابة 6 أشهر، لكنها ليست مؤثرة بالشكل الذي نتوقع من خلاله انهيار التحالف الانقلابي وانتهاء سيطرته، ولكن ربما سيكون واحدة من العوامل المسرّعة لذلك الانهيار وليست العامل الأساسي".
ويتفق الباحث السياسي "بليغ المخلافي"، مع الطرح السابق، ويؤكد أن تحالف صالح ـ الحوثي، يمر بمرحلة صعبة جدا.
وقال المخلافي إن "هذا التحالف الذي لم يكن في يوم ما تحالفا استراتيجيا وإنما وقتيا براجماتيا، أمْلته ظروف مرحلة معينة واجتمعت فيه مصالح الطرفين بشكل وقتي، ولا شك أنه لن يستمر طويلا وستظهر الخلافات بين أطرافه بمجرد اختلاف المصالح ".
واختتم بالقول: "الحوثيون تحالفوا مع صالح وهم يدركون أنه دون مستقبل سياسي، كما أنهم في الوقت نفسه دونه لن يتمكنوا من تحقيق أي شيء، وقد نجحوا في استخدامه بالشكل الصحيح".