لماذا زار السيسي الجهاز المتهم بالتعذيب في ذكرى اقتحامه؟
القاهرة- عربي 21- زكي توفيق06-Mar-1704:31 PM
شارك
زيارة السيسي لقطاع الأمن الوطني- فيسبوك
احتفت وسائل الإعلام المصرية، الاثنين، بالزيارة التي قام بها رئيس النظام في مصر، عبد الفتاح السيسي، لأول مرة، إلى مقر "قطاع الأمن الوطني" (جهاز أمن الدولة المنحل)، بمدينة نصر، شرق القاهرة، الأحد.
واعتبر بعضها أن السيسي يسير بتلك الزيارة على خطى الرئيس الراحل، أنور السادات، فيما رأى آخرون أنه اختار لها الخامس من آذار/ مارس، في رسالة إلى ثوار 25 يناير، بأن اقتحامهم لهذا المقر، في ذلك التوقيت، قبل ست سنوات، مردود عليه برده اعتباره، بهذا الزيارة، حتى لو كانت مطالبهم وقتها وقف انتهاكاته.
وأثنى خبراء أمنيون موالون للسيسي، والعاملون السابقون بوزارة الداخلية، والجهاز نفسه، على زيارة السيسي للقطاع، التي تعد الأولى لرئيس إليه، معتبرين أنه تعرض للظلم إبان ثورة يناير، وأنه لا بد من إعادة التسمية السابقة إليه: "أمن الدولة".
وكان الجهاز يحظى بسمعة سيئة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، لاسيما مع اتهامه بالضلوع في تعذيب مواطنين، واعتقال آخرين، خارج إطار القانون، مما كان أحد أسباب اندلاع ثورة 25 يناير.
وبعد الثورة بأسابيع، يوم 5 آذار/ مارس 2011، قام متظاهرون باقتحام مقار "أمن الدولة"، بمحافظات عدة، منها المقر الرئيس بمدينة نصر، الذي زاره السيسي.
وبعدها بوقت قصير تقرر حل الجهاز، وأُعلن تشكيل قطاع الأمن الوطني، عوضا عنه، حتى تم انتخاب أول رئيس مدني، الدكتور محمد مرسي، عام 2012، الذي انقلب عليه العسكر في يوليو/تموز 2013، بعد عام واحد من بقائه في الحكم.
تعامُل الإعلام مع الزيارة
وتصدرت زيارة السيسي الصحف المصرية، الاثنين.
ورأت بوابة "الأهرام" الإلكترونية، أنه: "على خطى "السادات".. السيسي يمحو ذكرى اقتحام أمن الدولة بزيارة الأمن الوطني.. ورسالته: ندعمكم في مواجهة الإرهاب".
وبحسب "بوابة الأهرام" فإن زيارة السيسي، لها دلالات وإشارات ورسائل مضمنة، لاسيما في توقيت يتزامن مع الذكرى السادسة لاقتحام مقار أمن الدولة في الخامس من مارس لعام 2011، من قبل عدد من المتظاهرين وقتها، محسوبين على تيارات سياسية بعينها، قبل أن يصدر اللواء منصور العيسوي، وزير الداخلية، ساعتها، قراره بحل الجهاز، وتغيير اسمه إلى "جهاز الأمن الوطني".
وأضافت "الأهرام": "يبدو أن السيسي، أراد من خلال هذه الزيارة، أن يمحو آثار تلك الذكرى في أذهان الكثيرين، ويبدو أنه يسير على نفس خطى الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي اختار توقيت الذكرى الأسوأ في تاريخ مصر الحديث، وهي نكسة 5 يونيو 1967، ليكون نفس التاريخ في عام 1975، هو موعد افتتاح قناة السويس، ليمحو آثار الماضي، ويزيح الآلام عن جراح المصريين".
وغير بعيد، قالت صحيفة "اليوم السابع"، المقربة من السلطات: "فتش عن ثورة يناير.. تعرف على أسباب زيارة الرئيس لمقر الأمن الوطني يوم 5 مارس".
وأردفت: "كانت المفاجأة في اقتحام مقرات "أمن الدولة"، أنه لم يسقط ضابط أو فرد أمن واحد من هذه المقرات في قبضة المتظاهرين، فظنوا أنهم هربوا، ولكن تبين فيما بعد أنها خطة بديلة تستخدم لأوقات الطوارئ".
ومن جهته، نقل موقع "مصراوي" عن "مصدر مطلع بجهاز الأمن الوطني"، قوله إن زيارة السيسي تأتي كرد اعتبار للجهاز في الذكرى السادسة لاقتحامه، وتأكيدا للثقة في الجهاز، مضيفا أن هذه المرة الأولى التي يزور فيها السيسي المقر.
إعلاميو السيسي: رسالة واضحة
ومن جهتهم، حرص إعلاميو السيسي على تأكيد أن الزيارة لها رسائل واضحة ضد ثوار يناير.
وقال أحمد موسى إن "زيارة السيسي لجهاز الأمن الوطني تحمل رسالة"، مضيفا أن "اليوم يوافق ذكرى اقتحام المبنى من قبل الإخوان و6 أبريل".
وأضاف، في برنامج "علي مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد"، أنه "منذ تأسيس الجهاز لم يقم رئيس جمهورية بزيارته بهذه الطريقة التي فعلها السيسي".
أما الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية، مجدي طنطاوي، فوصف، في برنامج "كلام جرايد"، عبر فضائية "العاصمة"، الزيارة بـ"منتهى الروعة ومهمة"، قائلا إن هناك اضطرابا حقيقيا في الشارع، وإن الدولة تحتاج إلى أن تكون لها رؤية.
خبراء أمن يثنون
وتماهيا مع إعلاميي السيسي، أثنى عدد من خبراء الأمن، في تصريحات للصحف والفضائيات المختلفة، على زيارة السيسي، واعتبروها رد اعتبار للجهاز، بعد ثورة يناير، مطالبين بعودة اسمه القديم إليه.
وقال مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء ماجد نوح، في مداخلة مع برنامج "انفراد"، عبر فضائية "العاصمة"، إن زيارة السيسي لجهاز الأمن الوطني، هدفها رفع الروح المعنوية للعاملين به، لا سيما أن الجهاز تعرض لظلم لفترة طويلة منذ ثورة يناير، حسب قوله.
وأضاف: "يجب رد الاعتبار لهؤلاء الضباط، من خلال استرجاع اسمهم السابق "أمن الدولة" بدلا من "الأمن الوطني""، وفق وصفه.
ومن جهته، قال الخبير الأمني اللواء محمد صادق، في تصريحات صحفية، إن "الإرادة السياسية قبل الثورة، هي التي حفرت في أذهان المصريين عداء مع الجهاز، من خلال ممارساتها السلبية التي تجاوزت كل الحدود المسموح بها، وحملت الجهاز أعباء كبيرة، وكان ضحية لهم وقت الثورة".
ورأى صادق أن دقة الاسم مع مضمون عمل الجهاز، يرسخ لضرورة العودة إلى المسمى القديم.
أما نائب رئيس قطاع الأمن الوطني، اللواء عبد الحميد خيرت، فرأى في مداخلة هاتفية ببرنامج "الحياة اليوم" عبر فضائية "الحياة"، أن الجهاز أصبح الآن لا يقل عن "أمن الدولة" السابق.
ماذا قال السيسي؟
وكان السيسي عقد، خلال زيارته، اجتماعا مع قيادات وأعضاء القطاع، في حضور اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، واللواء محمود شعراوي، رئيس قطاع الأمن الوطني.
وعرضت قيادات القطاع خطة عملها للتعامل مع المخاطر القائمة، وإستراتيجيتها للتصدي للأنشطة الإرهابية والإجرامية، في إطار المنظومة الأمنية المتكاملة التي يتم تطبيقها بالتنسيق مع القوات المسلحة، وجميع الأجهزة المعنية بالدولة، وفق بيان صادر عن الرئاسة.
وبعد أن وقع في سجل التشريفات، قال السيسي: "سنقدم كل الدعم للقطاع، لرفع قدراته على مواجهة التحديات، وعلى رأسها الإرهاب، ويجب أن يكون هناك إدراك ووعي بحجم التحديات التي تواجه الدولة أمنيا وسياسيا واقتصاديا"، مضيفا أن إستراتيجية أجهزة الدولة قائمة على الحفاظ على الدولة، وتثبيتها، بحسب تعبيره. ما هو "جهاز الأمن الوطني"؟
ويعتبر معارضون جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة المنحل) الجهاز الأول المسؤول عن تتبع ورصد المعارضين، وتسجيل المكالمات الهاتفية، وبث تسريباتها، عبر الإعلاميين المتعاونين معه، رغم أنه لا يجوز التنصت على أي هاتف إلا بإذن قضائي، فضلا عن انتزاع المعلومات بأشد ألوان القسوة والتعذيب.
وأضافوا أنه الجهاز الأول المسؤول عن الإخفاء القسري للمواطنين، مشيرين إلى أدواره السيئة في قضايا مثل مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني.
وأكدوا أنه رغم كونه جهازا لجمع معلومات فقط إلا أنه يحتفظ بأماكن احتجاز رسمية وغير رسمية، ولا تخضع قراراته لرقابة مجلس الدولة باعتبارها قرارات إدارية، كما لا تخضع إجراءات الضبط القضائي لرقابة النائب العام.
لكن وزارة الداخلية تعتبر جهاز "الأمن الوطني" فرعا تابعا لها، وتقول إن دوره الحفاظ على الأمن الوطني والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية لحماية وسلامة الجبهة الداخلية ومكافحة الإرهاب.