سياسة عربية

قانون بمصر يلغي إشراف القضاء على الانتخابات

يسعى القانون الجديد لإنشاء هيئة اتنخابات يكون فيها تمثيل القضاء اختياريا- أرشيفية
بدأت اللجنة التشريعية في مجلس النواب المصري، الأسبوع الماضي، مناقشة مشروع قانون جديد للانتخابات تقدمت به الحكومة، يتضمن استبعاد الإشراف القضائي على الانتخابات.

وكانت الحكومة أقرت مشروع القانون في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قبل إحالته للبرلمان، حيث نص الدستور المستفتى عليه في كانون الثاني/ يناير 2014، على تأسيس "الهيئة الوطنية للانتخابات" كهيئة مستقلة تختص بتنظيم الاستفتاءات والانتخابات المختلفة.

ويتضمن مشروع القانون منح الهيئة الوطنية للانتخابات حق الاستعانة بالموظفين المدنيين في الدولة للإشراف على الانتخابات، وجعل الإشراف القضائي على الانتخابات أمرا اختياريا.

وكان إلزام النظام بإقامة الانتخابات تحت إشراف قضائي كامل، هو أحد أهم مكاسب ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، حيث كانت الانتخابات قبل الثورة تجري تحت إشراف رمزي للقضاة، بينما يتحكم فيها الموظفون الحكوميون ورجال الشرطة بشكل كامل.

وتنص المادة الثالثة من مشروع القانون على أن "تقوم الهيئة بندب الأعضاء لإدارة عملية الاقتراع والفرز في الاستفتاء والانتخاب من بين العاملين المدنيين في الدولة وغيرهم، على أن تتوافر فيهم الشروط ذاتها الواجب توافرها في العاملين بالجهاز، ويجوز لها أن تستعين بأعضاء من الهيئات القضائية بعد موافقة المجالس الخاصة لكل منها".
 
وخلال جلسة سابقة للجنة التشريعية، برر ممثل الحكومة المستشار حمدي أبو زيد هذا القانون، بقوله إن الهيئة لها الحق في أن تستعين بمن تراهم مناسبين للإشراف على الانتخابات، دون إجبار على الإشراف القضائي الكامل.

كارثة كبرى

من جانبه، قال أستاذ القانون في جامعة القاهرة، أحمد أبو الوفا، إن سبب طرح هذا القانون في الوقت الحالي هو اقتراب موعد انتخابات المجالس المحلية، مشيرا إلى أن النظام الحاكم يريد أن يستحوذ على انتخابات المحليات، ويرغب في إلغاء الإشراف القضائي عليها؛ حتى تكون الأمور "تحت السيطرة التامة"، وفق تقديره.

وأوضح أبو الوفا، في حديث لـ"عربي21"، أن "المادة الثالثة من القانون هي المشكلة الكبرى، حيث تحتوي بندا ينص على أن الهيئة المشرفة على الانتخابات يمكنها الاستعانة بالعاملين المدنيين في الجهاز الإداري للدولة لمراقبة الانتخابات، كما جعل الاستعانة بالقضاة أمرا اختياريا".

ورأى أن هذا التطور يعد "كارثة كبرى"، محذرا من أن مجلس النواب لو نجح في إقرار هذا القانون فسيكون غير دستوري؛ "لأن الدستور جعل الإشراف القضائي الكامل على أي انتخابات شرطا أساسيا لضمان نزاهتها"، كما قال.

صراع متوقع مع القضاة

من جانبه، قال الباحث السياسي، مصطفى علوي، إن مجلس النواب يقوم في الفترة الأخيرة بسن بعض التشريعات "التي يشوبها عوار تشريعي ودستوري كبير"، وأكد أن قانون الهيئة الوطنية للانتخابات "غير دستوري؛ لأنه يخل بمبدأ الشفافية التي لا بد أن تتمتع بها أي عملية انتخابية كشرط أساسي لضمان نزاهتها، وينسف العملية الديمقراطية من أساسها"، على حد قوله.

وأضاف علوي لـ"عربي21" أن وجود "شلة سياسية تريد أن تستحوذ على انتخابات المحليات المقبلة، وتخاف من غضب الشارع، وعدم وجود أرضية شرعية.. كل هذا لا يعطيها الحق في أن تتحكم في مصير البلاد من خلال حزمة من القوانين والتعديلات المريبة"، حسب تعبيره.

وحول ردود الفعل المتوقعة من جانب القضاة إزاء هذا القانون، توقع علوي أن يرفض القضاة حرمانهم من الإشراف على الانتخابات، وأن يتطور الأمر إلى صدام بين البرلمان والسلطة القضائية.

وحذر من أن "البرلمان يرتكب أخطاء فادحة، ويدخل في صراع مفتوح مع السلطة القضائية"، وتوقع أن يرفض القضاة بشدة هذا القانون، كما أنه من الممكن في هذه الحالة أن يتطور الأمر وتصدر المحكمة الدستورية حكما بحل مجلس النواب، كما حدث عام 2012، وفق تقديره.

عودة لانتخابات مبارك

وتوقع النائب البرلماني السابق، البدري فرغلي، أن يؤدي إقرار القانون الجديد إلى تكرار تجربة انتخابات عام 2010، التي أجريت في الشهور الأخيرة من عهد مبارك، والتي فاز فيها الحزب الوطني المنحل بأكثر من 99 في المئة من مقاعد البرلمان، وسط عزوف كبير من المواطنين عن المشاركة في الاقتراع؛ لأنهم كانوا يعرفون النتيجة مسبقا، حسب قوله في تصريحات صحفية.

ورأى المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق في حكومة الرئيس محمد مرسي، أن الهدف من القانون هو تسهيل تزوير كل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة بعد إقامتها من دون إشراف قضائي حقيقي، مشيرا إلى أن هذا القانون يأتي مكملا لمجموعة أخرى من التحركات التي يقوم بها أنصار النظام للسيطرة على الحياة السياسية، من بينها تعديل الدستور لمدة فترة الرئاسة، وجعلها مفتوحة مدى الحياة.