كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير له عن ارتفاع معدل التضخم السنوي بلغ 29.6% مقارنة بيناير من العام الماضي، مشيرا إلي أن المعدلات الشهرية للتضخم ارتفعت خلال شهر يناير الماضي فقط بنحو 4.3% مقارنة بشهر ديسمبر 2016.
وأرجع التقرير ارتفاع معدلات التضخم الشهري إلى زيادة أسعار اللحوم والدواجن والحبوب والمواد الغذائية والأثاث والسلع والخدمات المتنوعة.
وبحسب خبراء فإن ارتفاع معدلات التضخم بهذه الطريقة يفاقم من سوء الأوضاع المعيشية للمواطن
المصري أكثر مما هي عليه، خاصة وهو أعلى معدل ارتفاع في الرقم العام للأسعار منذ نوفمبر 1986، أي منذ أكثر من 30 عاما، وفقا للتاريخ الإحصائي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقال المحلل الاقتصادي أشرف إبراهيم إن ارتفاع معدل التضخم لهذه النسبة لم يكن أمرا مفاجئا، ولكنه جاء نتيجة للمعطيات الاقتصادية المصرية القائمة، والتي تشكلت على مدار الثلاثة أشهر الماضية ، مشيرا إلى أن هذه الارتفاعات تعني مزيدا من التدهور في مستويات معيشة الأفراد في مصر، وتآكل مدخراتهم البنكية، بعد أن تجاوزت معدلات التضخم أسعار الفائدة على الإيداعات والأوعية الادخارية بنسب كبيرة.
وأضاف إبراهيم في تصريحات خاصة لـ "
عربي 21" أن مسلسل سقوط شرائح عريضة من الطبقة الوسطى إلى الفئات محدودة الدخل لازال مستمرا، وهو ما يؤثر على البنيان الاجتماعي لهذه الفئات، متوقعا في الوقت ذاته استمرار ارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة عن المستويات الحالية، ولكن بنسب أقل من السابق لحين استقرار الأوضاع.
في السياق ذاته أوضح الباحث الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي أن ارتفاع نسب التضخم يؤدي إلى مزيد من انخفاض القيمة الحقيقة للنقود، وبالتالي فمن الصعب أن يحقق المواطن مستوى مقبول من المعيشة ما لم تتحرك الأجور بنفس نسبة ارتفاع الأسعار .
وقال الصاوي، في تصريحات خاصة لـ "
عربي 21" أن تحريك الأجور للتقليل الفجوة بين الدخل وارتفاع الأسعار المتزايد، أصبحت معادلة صعبة في مصر، سواء على مستوى العاملين بالحكومة، أو القطاع الخاص، في ظل ما تعانيه الحكومة من أزمة مالية خانقة، وأقصى ما يمكن أن تقدمه من زيادة سنوية في الأجور 10% على الرواتب الأساسية وليس الرواتب الإجمالية، وهكذا القطاع الخاص الذي يعاني مشكلات تتعلق بارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع فاتورة الواردات فضلا عن ارتفاع تكلفة التمويل بالبنوك، وهو ما يقلص أمامه مساحة زيادة دخول العاملين إلا بنسب ضئيلة وقد لا يفعل.
وأضاف الصاوي أنه وفي ظل انخفاض أسعار الغذاء والطاقة على مستوى العالم، تحقق مصر معادلة غريبة، وهي ارتفاع أسعار جميع السلع ، وذلك في ظل ضعف واضح للإنتاج أدى إلى حرمان شريحة كبيرة من المصريين من الحصول على جزء كبير من احتياجاتهم بأسعار ممكنة.
واعتبر الصاوي أن سياسات
الإصلاح الاقتصادي التي تقول الحكومة أنها تعمل في إطارها، أدت إلى مزيد من النتائج السلبية وليس المردود الإيجابي، وبالتالي فهي سياسات فاشلة بحسب تعبيره.
و توقع الباحث الاقتصادي استمرار ارتفاع معدلات التضخم خلال الآونة المقبلة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، وكذلك استمرار أزمة سعر الصرف، وقيام الحكومة بزيادة وتيرة الدين العام وطباعة النقود .